الإثارة المفتعلة كتب عمر حلمي الغول

الولايات المتحدة الاميركية، دولة قامت تاريخيا على ركيزة اساسية، عنوانها العنصرية، التي ادت لابادة نحو مائة مليون هندي احمر، هم اصحاب الارض الاميركية. ومازالت العنصرية متجذرة في الوعي الاميركي عند البيض ضد السود من الاصول الافريقية، رغم كل التطور القانوني الحقوقي والاجتماعي والثقافي، ووجود رئيس اميركي (اوباما) اسود.
لعل المتتبع بشكل دائم لتطور الاحداث في اميركا بولاياتها المختلفة، يسمع بين الحين والاخر عن عمليات قتل للسود من قبل رجال الشرطة والامن البيض تحت ذرائع وحجج واهية. اضف الى ان قوانينها تسمح بشراء وحمل السلاح، وحتى إستخدام حماية خاصة، وهناك مجموعات كبيرة من المرتزقة تعمل لحساب المافيات، ويمكن للمؤسسة الامنية الاميركية إستئجار تلك العصابات لتنفيذ عملها الاسود في داخل الولايات او خارجها ضد الشعوب الاخرى.
إذا الولايات المتحدة بالاضافة لكونها تلعب دور الشرطي العالمي، والمؤصلة لكل اعمال الارهاب في قارات ودول العالم، وتساعدها دولة التطهير العرقي الاسرائيلية وادواتها المختلفة؛ لها نظامها ودستورها الخاص، الذي يبيح تجارة السلاح وحمله وتخزينه … إلخ لا تحتاج لمن يدافع عنها او يغطي واقعها بغربال.
ما تقدم، له عميق الصلة بما تم في ولاية نورث كارولينا يوم الثلاثاء الماضي ضد العرب الثلاثة (سوري وزوجته الفلسطينية وشقيقتها)، الذين تم قتلهم بدم بارد من قبل مهووس اميركي، هو كريغ ستيفن هيكس، في اعقاب خلاف على ركن السيارة بين : ضياء بركات، ويسر صالحة ورزان شقيقتها وبين شقيقة زوجته. مما دفعه للحضور لبيتهم واقتحامه بقوة السلاح (مسدس) في الخامسة من مساء ذلك اليوم بتوقيت الولاية، وافرغ رصاصات مسدسه الجبانة في رؤوس الشباب دون ان يرف له جفن. وفر هاربا، ثم بعد ذلك سلم نفسه للشرطة معترفا بفعلته الجبانة والرخيصة.
محمد ابو صالحة، والد يسر ورزان، طالب الولايات المتحدة بعد مراسم تشييع جثامين ابنتيه ونسيبه بتكلييف “الاف. بي . آي” بفتح تحقيق بالمجزرة، كجريمة سببها الكراهية. وهذا طلب منطقي وواقعي. لاسيما وان الرجل معروف بمعاداته لكل الاديان السماوية دون إستثناء. وبالتالي محاولات بعض الجماعات الاسلاموية المتطرفة والغبية للربط بين ما جرى ضد ضياء ويسر ورزان لا علاقة له بما جرى من قبل تنظيم “داعش” او “انصار بيت المقدس” او “النصرة” او “القاعدة” من مشتقات جماعة الاخوان المسلمين ضد الابرياء، الذين اختطفتهم، وقامت بذبحهم او حرقهم كما حصل مع الضابط الطيار الكساسبة.
إذا الربط بين عملية قتل العرب الثلاثة من قبل هيكس وبين العمليات الارهابية للمنظمات التكفرية لا تمت بصلة للمنطق والعقل، لان اي بينهما يعكس جهل وغباء احزاب وقوى الاسلام السياسي. ولا ينم عن قراءة موضوعية للحدث. القاتل الاميركي كما تشير الوقائع والمعلومات الدالة على شخصيته، تفيد، انه: فاشل في حياته؛ عاطل عن العمل؛ حاد الطباع؛ إنطوائي؛ ولا يطيق ان يزعجه احد من الجيران، يكره الاديان؛ عمره 46 عاما. وبالتالي ماطالبه الدكتور محمد ابو صالحة، هو الخيار الواقعي والملائم لطبيعة الجريمة النكراء.
بالتأكيد عدم صوابية الربط بين جريمة هيكس وإرهاب المنظمات التكفيرية الاسلاموية لا يعني ان الغرب خال من التطرف ومعاداة العرب والمسلمين، العكس صحيح، هناك قوى متطرفة ومعادية للعرب والمسلمين وشعوب العالم الثالث والحضارات الشرقية بما في ذلك في روسيا وشرق اوروبا نفسها. لكن هذا شيء وإثارة الضجيج المفتعل حول الجريمة في نورث كارولينا شيء آخر. الامر الذي يفرض على المؤسسات الرسمية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وحتى المؤسسات الدينية الرد على التهييج غير الواقعي للحدث. ومواصلة الدعوة للتسامح بين اتباع الديانات السماوية وشعوب الارض قاطبة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version