المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

لا صوت يعـلو فوق صوت الأرض كتب أ . سامي ابو طير

الأرض هي العزة والكرامة لكل إنسان لأنها الوطن الغالي الذي تضرب في أعماقه جذور المحبة والحنين إلى الحضن الدافئ الذي نلجأ إليه كلما شعرنا بالسعادة والحزن على حدٍ سواء ،ولذلك فإن أجمل لحظات العُمر التي يعيشها الإنسان هي تلك التي عندما ينام فيها على ثرى أرضه ويلتحف بسمائها ، وتغرد من حوله أطيارها ويتنفس عبير عطرها الفوّاح ليسرح بخياله بعيداً ويطير مُغردا في عالم الحـرية والخلـود .

الأرض هي أساس الوجود لأنها الحياة ولا حياة للمرء بدون وطن أو أرض مهما امتلك من كنوز الأرض لأن الأجساد مهما ارتحلت وطافت في بلاد الدنيا فإنها لا ترتاح أبداً إلا عندما تتوسد وتنام في الحضن الدافئ للأرض الفلسطينية المباركة ،ولأجل ذلك الحنين والحب الدائم تعود دوما الأطيار إلى موطنها لترقد بسلامٍ وأمان .

لأجل ذلك فإن أرض فلسطين لها سِحراً خاصاً ومباركا ولهذا فقد ميّزها الخالق عزّ وجلّ عن سائر الأرض في هذه المعمورة ، ومن هنا كانت أهمية التمسك بالأرض الغالية ، ولهذا نُقدم الأرواح والدماء فداءً لثراها الطاهر من أجل تحريرها من دنس الغاصب المحتل .

لأجل ذلك الحب الأبدي للأرض تسير قوافل الشهداء نحو أرض فلسطين قوافلاً يتلوها قوافلا ليرقدوا في جنة الخلود بعد أن ضحّوا بالغالي والنفيس و رووا بدمائهم الطاهرة الأرض الحبيبة لتحريرها من دنس الصهاينة الأوغاد .

تُعـتبر الأرض هي أساس ولب الصراع المحوري وجوهرة مع الاحتلال الإسرائيلي الغاشم لأنها تمثل لنا الحياة الكريمة وبدونها فلا معنى للحياة سوى الذّلّ والهوان الذي نكابده من الاحتلال المقيت .

لأجل ذلك رفض أبناء الشعب الفلسطيني سياسة الاحتلال الغاصب بتهويد ومصادرة أرض الاباء والأجداد ، وهبّوا من كل فجٍ عميق احتجاجاً على تلك السياسة العنصرية المقيتة وتحدوا الغاصب المحتل لمنعه من مصادرة الأرض الغالية ، ودافعوا عنها بأجسادهم ودمائهم الطاهرة وقدموا الشهداء والأسرى وما ملّكت أيديهم من الغالي والنفيس من أجل تحرير الأرض من براثن الاحتلال .

لأجل ذلك كان يوم 30 مارس عام 1976 م يوماً خالداً في تاريخ أبناء الشعب الفلسطيني داخل ما يُسمى بالخط الأخضر لأنهم في ذلك اليوم تحدّوا الغاصب المحتل مُعلنين رفضهم التام لمصادرة الأرض وتهويدها ، ولهذا فقد عمّد أبناء شعبنا البطل حبهم للأرض بدمائهم الطاهرة وأعلنوها صرخةً مُـدّوية في وجه الاحتلال الاسرائيلي من أجل التمسك بالأرض والهوية الوطنية الفلسطينية .

لذلك كانت تلك الهبّة الشعبية نقطة محورية وهامة لإخواننا في الداخل بإعلانهم أمام العالم أجمع الرفض الكامل لمصادرة وتهويد أراضيهم ، ولهذا خاضوا النضال حرصاً وحباً للأرض والدفاع عنها ، وعمدّوها بدمائهم الغالية ليعلم القاصي والداني بأن الأرض لأبنائها مهما حاول المحتل الصهيوني من تطبيق ممارساته العنصرية بالتهويد و المصادرة و الاقتلاع من الجذور .

إن أبناء شعبنا الفلسطيني في شتى أنحاء المعمورة وأبناء شعبنا الصامد في كامل ربوع فلسطين المحتلة والضفة وغزة يستذكرون ذلك اليوم بكل فخرٍ واعتزاز مؤكدين تمسكهم بأرضهم وعدم التنازل عنها مهما فعل الاحتلال من ممارسات وسياسات عنصرية لاجتثاثهم من وطنهم الغالي إلا أنهم صامدون هنا .. باقـون هنا.

الكل الفلسطيني قام بالأمس القريب بإحياء الذكرى الـ39 ليوم الأرض وهم يستذكرون ذلك اليوم تحت شعّار واحد هو التمسك والتثبت بالأرض الفلسطينية ومكافحة تهويد ومصادرة أرض الآباء والأجداد ،وشعّار الجميع هو ” صامدون هنا .. باقـون هنا ” و لن نركع مادام فينا طفل يرضع …

لأجل ذلك … ما أحوجنا اليوم ! ونحن نستذكر ذلك اليوم الوطني الشامخ بالعزة والكرامة إلى الوحدة الوطنية الحقيقية وإنهاء عـار الانقسام الأسـود الذي يخدم مصالح الأعـداء فقط .

ما أحوجنا ونحن نستذكر ذلك اليوم التاريخي إلى العمل معاً وسوياً من أجل إنهاء الاحتلال بإنهاء عـار الانقسام الأسـود والمقيت الذي يخدم المصلحة الاستراتيجية العليا للإحتلال الاسرائيلي مهما التمس المتبجحون الحاقدون من حجج وذرائع مقيتة لاستمرارهم في تبرير المحافظة على انقسامهم المشئوم .

ما أحوجنا اليوم إلى الوحدة الوطنية الحقيقية ورص الصفوف الوطنية خلف قيادتنا الوطنية الحكيمة بقيادة رئيسنا الوطني والحكيم محمود عباس “ابو مازن” حتى ندعمه بكل قوة ليستمر في الهجوم على الأعداء لتحقيق الحلم الوطني بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف .

لأجل ذلك فإن الأرض في يومها وعيدها الوطني تنادي أبنائها للدفاع عن ثراها الغالي الذي يدنسه المحتل الإسرائيلي الغاصب بمصادرة أراضيها واقتلاع أشجارها وقتل أطيارها وتدمير أحجارها .

الأرض تنادي أبنائها وأبطالها بأن يهبوا فُرادىً وجماعات .. شيباً وشُبانا .. نساءً ورجالا من أجل التصدي للعدو الصهيوني في كافة الميادين ليحققوا النصر بإرادتهم وعزيمتهم و وحدتهم الوطنية لينتزعوا الحرية ويحققوا الاستقلال بإقامة دولة فلسطين الحبيبة .

الأرض في يومها وعيدها الوطني تؤكد على وحدة أراضيها ومكافحة تهويدها وتؤكد بأنها لن ترحم أصحاب المشاريع الانقسامية لخدمة أهوائهم الخاصة بعيدا عن مصلحة فلسطين من أجل الانفراد بجزء من الوطن لإقامة إمارة في بلاد “الواق واق” أو ما يُسمى بدويلة الخزي الأبدي في بلاد “العار الأسود” …

الأرض في يومها الوطني تؤكد بأنها أرض واحـدة لدولة واحـدة فقط واسمها التاريخي والأبـدي هو ” دولة فـلـسـطـين ” ولهذا فإن أبنائها العِظام سيقفون بالمرصاد للأعـداء بكافة ألوانهم ولأصحاب تلك المشاريع التهويدية والتاّمرية .

لذلك فإن تلك المشاريع المؤقتة أو مجرد طرح أفكارها يُعتبر خيانة كُـبرى في حق فلسطين الوطنية والدينية ، ولن يسمح أصغر طفل فلسطيني بتمرير تلك المؤامرة تحت أي ذريعة كانت …

ما أحوجنا اليوم ! للانطلاق نحو الهدف الرئيسي الأوحد وهو إقامة دولة فلسطين والقدس عروس عروبتنا لتحريرها من دنس الغاصب المحتل .

لأجل ذلك فإن “فـلـسـطـين” أرض الاّباء والأجداد تناديكم أيها الأبطال للوفاء بعهد الشهداء والقادة العِظام الذين ضحّـوا بأرواحهم ودمائهم الطاهرة لتحيا فلسطين حـرة عـربية وخالية من دنس بني صهيون الملاعين الذين عاثوا في الأرض فسادا …

لأجل ذلك فإنه “لا صوت يعلو فوق صوت الأرض” من أجل تحقيق الحلم الوطني الكبير بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الحُـرة .

ولذلك توحّدوا وتوحّدوا … وكفانا انقساما ونفاقا ، وكفانا خِـداعا وتشرذما لأن فلسطين هي أجمل وأغلى وأحلى الأوطان ،ولهذا فإنها تستحق ثم تستحق أن تضحّوا من أجلها وقتل أطماع الشيطان بإنهاء الانقسام المقيت إن كنتم أبنائها كما تزعمون …

توحّدوا .. توحّدوا لتنتصروا لفلسطين وتنتزعوا الحرية والاستقلال بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

كاتب ومحلل سياسي

Exit mobile version