المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

في اليوم العالمي للعمال: مركز الميزان يدعو إلى تدابير اقتصادية واجتماعية تحمي كرامة العمال والعاطلين عن العمل

يصادف الأول من أيار (مايو) عيد العمال العالمي، وهي مناسبة يحتفل بها في أرجاء المعمورة إحياءً لذكرى العمال الذين قضوا دفاعاً عن حقوقهم منذ أكثر من قرن، ولكنها في فلسطين تكتسي طابعاً حزيناً وسط استمرار تدهور أوضاع العمل والعمال ولاسيما في قطاع غزة الذي يرزح تحت حصار مشدد. وتأتي هذه المناسبة هذا العام بعد أشهر العدوان الإسرائيلي الذي ساهم في مزيد من تدهور أوضاع الطبقة العاملة والمجتمع الفلسطيني برمته في قطاع غزة وسط استمرار تشديد الحصار.

وتشير المعطيات إلى أن البطالة وغياب سياسات الحماية من البطالة هي من أهم المشكلات التي تواجه العمال الفلسطينيين والتي تشكل سبباً لكثير من المشكلات الاجتماعية التي أصبحت مستشرية في المجتمع الفلسطيني، ولا سيما بين سكان القطاع. وأشار الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيان صادر عنه الأربعاء الموافق 29/04/2014 إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت حوالي 27%، وأن نسبة الفقر بين المستخدمين بأجر بلغت 33% من بين العاملين في قطاع غزة. فيما تشير مصادر وزارة العمل في غزة إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة تتراوح صعوداً وهبوطاً بين 45 إلى 50% وهذا التذبذب مرتبط بعوامل كدخول مواد البناء وعدد ساعات التزويد بالتيار الكهربائي ..الخ وهي عوامل مؤثرة جداً في سوق العمل. ويشار إلى أن نسبة البطالة الخام هي أكبر من ذلك بكثير، حيث أن الإحصاءات عادةً ما تكون للبطالة المعدلة، أي بين من هم في سن العمل ويواصلون البحث عن فرصة عمل، وأما من توقفوا عن البحث عن عمل فلا تطالهم الإحصاءات.

كما تجدر الإشارة إلى أن حوالي (50000) موظف من موظفي غزة والذين لا يزالون على رأس عملهم حتى صدور البيان دون أن يتلقوا أجورهم مما يفاقم من مشكلة الفقر في قطاع غزة، حيث تتجاوز المشكلة العاطلين أو الموظفين الذين لا يحصلون على أجر لتطال عائلاتهم وأصحاب المهن والأعمال والمزارعين والتجار الذين يتضررون بشكل مباشر. ويتسبب غياب الرقابة من قبل الجهات الرسمية المعنية في تحويل بعض أنماط العمل إلى ما يشبه السخرة، حيث يتم استغلال العاطلين عن العمل بتشغيلهم بأجور لا تتعدى (100$) مائة دولار أمريكي في الشهر، في ظل الارتفاع في أسعار السلع والخدمات وهي مرشحة لمزيد من الارتفاع إذا طبقت ضريبة التكافل في قطاع غزة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يشير إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية وحكوماتها المتعاقبة لم تتخذ تدابير فعالة للقضاء على ظاهرة البطالة، وعجزت عن اتباع سياسات تحمي العمال من غول البطالة الذي تسبب في إهدار حقوقهم، خاصةً الحق في العيش بكرامة، ودفعهم للبحث عن المساعدات الغذائية. وكذلك فإن غياب الرقابة الجدية على الأجور أو على ظروف وشروط العمل أسهما في مزيد من انتهاك الحقوق العمالية.

مركز الميزان يعيد التأكيد على أن أوضاع العمال الفلسطينيين هي نتاج وانعكاس طبيعي للسياسات العنصرية التي انتهجتها دولة الاحتلال، والتي اتخذت شكلين رئيسين: الأول هو منع العمال الفلسطينيين، ولاسيما سكان قطاع غزة، من الوصول إلى أماكن عملهم في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر أواخر عام 2005، والتدمير المنظم للاقتصاد الفلسطيني وتقويض بنيته التحتية من خلال الحصار والإغلاق الذي أفضى إلى القضاء على قطاعات إنتاجية بالكامل كقطاع الخياطة والنسيج والبناء والإنشاءات والسياحة …الخ، ودفع بالقطاع التجاري للعمل بالحدود الدنيا حيث أغلق كثير من التجار شركاتهم في ظل عجزهم عن الاستيراد والتصدير ووقف تصدير المنتجات الزراعية وخاصة الخضار إلا في حالات استثنائية. في الوقت نفسه ضاعف التدمير المباشر للمنشآت الصناعية والتجارية والبنية التحتية من خلال عمليات التجريف والقصف التي لم تستثنِ حتى الصناعات الخشبية من هجماته من حجم المشكلة في قطاع غزة

وتجدر الإشارة إلى أن الهجوم الحربي الإسرائيلي الأخير أسهم في زيادة أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل، حيث فقدت (17137) أسرة مصدر رزقها وفرصة عمل معيلها جراء تجريف الأراضي الزراعية وتدمير المزروعات. كما فقد (2458) عامل فرصة عملهم جراء تدمير منشآت تجارية حيث بلغ عدد المنشآت التي دمرتها قوات الاحتلال (1578) منشأة من بينها (693) منشأة دمرت كلياً. وفقد(2372) عامل فرصة عملهم جراء تدمير (225) منشأة صناعية من بينها (109) منشأة دمرت كلياً. هذا بالإضافة إلى القيود الشديدة المفروضة على تنقل السلع والبضائع من وإلى قطاع غزة، والقيود المفروضة على حركة الأفراد ما يسهم بوقف العمل في قطاعات اقتصادية، ويحول دون قدرة العمالة الفلسطينية الماهرة على الانتقال إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما تتواصل القيود المفروضة على وصول المزارعين إلى أراضيهم وكذلك على عمليات الصيد البحري.

ويلفت مركز الميزان إلى مسئولية المجتمع الدولي والدول المانحة عن الأوضاع الصعبة التي آلت إليها أوضاع الطبقة الفلسطينية العاملة، حيث حولت قطاع غزة إلى مشكلة إنسانية وتعاملت مع قضيته السياسية على أنها كذلك، فأهملت تمويل مشاريع تنموية وعجزت عن لعب دور ضاغط يوقف استهداف دولة الاحتلال للمنشآت والأعيان المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو يجابه الحصار المفروض للعام الرابع على التوالي على قطاع غزة، وهو حصار شكل ولم يزل عقاباً جماعياً للسكان ينتهك أبسط قواعد القانون الدولي الإنساني.

مركز الميزان إذ يجدد تهنئته للطبقة العاملة في عيدها فإنه يطالب المجتمع الدولي بتحرك فعَّال لوقف الحصار المفروض على قطاع غزة، واتخاذ مواقف إيجابية لتفعيل المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني لأنها السبيل الناجع لوقف الحصار الإسرائيلي ومنع استهداف المدنيين والأعيان المدنية في أي عدوان قادم.

كما يطالب السلطة الوطنية الفلسطينية والأحزاب السياسية كافة إلى المضي قدماً في عملية المصالحة الكاملة وإعادة توحيد النظام السياسي الفلسطيني، ويدعو الحكومة إلى إتباع سياسات فعالة لحماية الحق في العمل والحماية من البطالة، والحد من مشكلة البطالة وحماية العاطلين من غولها، لأن من شأن ذلك أن يحد من عشرات المشكلات الاجتماعية المتفاقمة في القطاع وفي مقدمتها مشكلات الفقر وسوء التغذية وعمالة الأطفال، وارتفاع معدلات الطلاق، وتدهور أوضاع الحق في السكن المناسب وغيرها من المشكلات الاجتماعية الناشئة عن مشكلة البطالة. كما يدعو المركز الطبقة العاملة إلى توحيد صفوفها وتصعيد نضالها المطلبي من أجل انتزاع حقوقها، لتتمتع بحقها في العيش بكرامة واحترام جملة حقوق الإنسان بالنسبة لها.

Exit mobile version