المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

نكبة اليرموك إمتداداً لدير ياسين وإستمراراً للمجازر ! (1) كتب أ . سامي ابو طير

تُعـتبر المجازر والمذابح التي تعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني على يد العدو الصهيوني وعصاباته الهمجية من أكثر المذابح الوحشيةً والهمجيةً التي يندى لها جبين الإنسانية والبشرية جمعاء ، ولقد بلّغت وحشية تلك المجازر البربرية إلى حدٍ لا يمكن وصفه على الإطلاق نظراً للهولٍ والبشاعة أو السادية الكاملة التي رافقت حدوث تلك المجازر الغير مسبوقة من قبل .

إن جميع تلك المجازر الفظيعة حدثت لهدف رئيسي وحيد ألا وهو سفك دماء الأبرياء العُـزل لإحداث مذابح مُرعبة لها أصداءً قوية وغير مسبوقة من الهلع والخوف تقشعر لها الأبدان عند سماع أخبارها المتناقلة لتحقيق الأهداف الأصلية للمجزرة وهكذا دواليك … ” مذابح ودماء وفظائع وهجرة وتطهير للأرض ” .

لذلك فإن كل من يسمع أصداء تلك المذابح المُـروّعة لا يفكر إلا في الهروب والنجاة بالنفس ، وترك الأرض والديار حِفاظاً على الأرواح وانتهاك الأعراض في ظل انعدام السلاح اللازم للدفاع عن النفس والأرض ، وهكذا يتم تحقيق الأهداف الأصلية للمجزرة بتفريغ وتطهير الأرض من السكان وتحقيق واقع ديموغرافي جديد.

إذن الهدف الرئيسي كان لتلك المجازر حسب العقلية الصهيونية الرسمية هو ارتكاب مجازر فظيعة وغير مسبوقة ، بغرض الاستيلاء على الأرض بعد تفريغها من سكانها الأصليين مصحوباً بحربٍ نفسية لا تقل خطورة عن فظاعة المجازر نفسها ، وذلك من خلال تسريب أخبار المجازر محلياً عن طريق نشر الرّعب والهلّع الشديدين بين السكان ، ومن ثم هروبهم خوفا على أعراضهم من ناحية وخوفاً على حياتهم من الفناء المؤكد من ناحية أخرى.

الخطورة والجريمة الكبرى التي لا يتصورها عقلٌ بشري هي أن تكون المجازر الدموية بحد ذاتها هدفاً استراتيجيا لدى مُنفذيها ، و وفقاً لمشاريع تآمريه مدروسة وموضوعة مُسبقاً بعنايةٍ فائقة من أجل تحقيق أهداف عُليا مثل إقامة دولة ما على جماجم الأبرياء من الأطفال والنساء أو البشر بصفةٍ عامة ، وذلك بعد تطهير الأرض من سكانها بإحداث مجازر فظيعة ومُـروّعة مثلما فعل الصهاينة وحدث في فلسطين على وجه التحديد .

ذلك ما حدث تماما وقام بتنفيذه الصهاينة اليهود منذ وطأت أقدامهم على أرض فلسطين ، ولكم أن تتخيلوا أن ما حدث من جرائم بشعة في مذبحة دير ياسين الوحشية كان جزءاً رئيسياً من مخطط وحشي لقيام دولة إسرائيل قبل الانسحاب البريطاني .

ولتأكيد تلك المنهجية الوحشية لليهود فقد أكد “مناحيم بيغن” الذي كان يتزعم عصابة الارغون وأصبح رئيساً لوزراء إسرائيل فيما بعد بأنه ” لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل ” .

ولقد أكد بيغن على ذلك عندما أرسل مهنئاً قائد عصابة “الاّرغون” الصهيونية التي شاركت في المجزرة برفقة عصابة “شتيرن” التي يتزعمها شامير والذي بدورة أصبح أيضاً رئيسا لوزراء دولة المسوخ إسرائيل حيث قال له : “قل لجنودك بأنهم صنعوا التاريخ” .

تُعتبر تلك الشهادة من قادة إسرائيل بمثابة العـار الحقيقي على البشرية جمعاء ، وتلك الشهادة السوداء تؤكد تعطش الصهاينة لدماء البشر ولونها الأحمر الذي يُصيبهم بالهستيريا والجنون الوحشي حقدا على جنس البشر ، ولذلك فإن اليهود هم أعداء الحياة البشرية وهم أبناء الكيان المسخ بكل ما للكلمة من معاني ، ولا تدل تلك المعاني إلا على الوحشية والبربرية التي لم يسبقهم إليها أحد من قبل .

لهذا سُـحقا للعالم الحُر وجميع منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة وغير ذلك ، لأنهم يعلمون علم اليقين أفعال السفاحين اليهود وتقاعسوا عن نصرة الأبرياء من أبناء فلسطين ، ولذلك فإن المجتمع الدولي بأكمله كان متآمرا حقيقيا على ضياع فلسطين وتسليمها لليهود وتلك حقيقة مؤكدة .

لقد قمت بإعداد دراسة كاملة عن المجازر الصهيونية ضد أبناء شعبنا الفلسطيني منذ أن كان قابعاً تحت نير الاستعمار البريطاني البغيض الذي قام بتوفير كل مقومات القتل والدمار لليهود ليرتكبوا جرائمهم المُخزية ضد الفلسطينيين ،وفي نفس الوقت كانت تلك الوسائل ممنوعة بقوة القانون الباطل لمنع تمليكها للفلسطيني الذي كان محروماً من الدفاع عن نفسة أو أرضه .

بعد تلك الدراسة وجدت أن قلمي قد كتب كتاباً مُتشحاً بالسواد القاتم المكتوب بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا الفلسطيني الذين لا حول لهم ولا قوة في ظل الصمت والتآمر المُحيط بهم من كل جانب ، ليجدوا أنفسهم أخيراً مُهجرين مطرودين وتائهين خارج وطنهم بعدما كانوا أسيادا على أرضهم الجميلة التي يحلمون فيها بغدٍ أفضل لأطفالهم ،ولكن تبدّدت أحلامهم النبيلة بين ليلةٍ وضُحاها يوم حدوث النكبة الكُبرى ليجدوا أنفسهم يخرجون من مجزرة إلى مجزرةٍ أخرى أشد إيلاماً وقسوة من سابقتها وهكذا دواليك …

” المُصيبة الكبرى هي أن أسم المجزرة الأخيرة التي ستضع حداً أخيراً ونهائياً لعدم حدوث المجازر من بعدها ضد أبناء فلسطين لا زالت غير معلومة الاسم مثلما عرفنا أسم المجزرة الفظيعة الأولى من قبل ، وكلما أيقننا بأن مجزرة كذا … ستكون الأخيرة إلا وحلّت علينا مجزرة أخرى أشد إيلاما وقسوة “.

ذلك ما يحدث حاليا وتحديدا منذ شهر أبريل الماضي … فما كدنا نتنفس الصُعداء من وحشية وفظاعة المذابح والمجازر السابقة أو الأخيرة التي حدثت نتيجةً للحروب المتتالية والمُدمرة على غزة والضفة إلا ونستفيق على هول أحداث مجزرةٍ أخرى جديدة، وكأننا مكتوب علينا أن نعيش مع المجازر والنكبات المُتعاقبة .

لذلك فإن ذاكرة أو ميعاد الأمس الأليم يتجدد بكل مرارته وقسوته لنعيش اليوم مع مجزرة ونكبة مخيم اليرموك لعاصمة الشتات الفلسطيني في الخارج .

النكبة أو المصيبة العُظمى أن أهداف المُحصلة النهائية لمجزرة اليوم في اليرموك هي نفس المُحصلة السابقة للمجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني في دير ياسين وصبرا وشاتيلا والحرم الإبراهيمي والحروب المتتالية على غزة وغير ذلك من عشرات المجازر الأخرى التي يندى لها الجبين .

إن جميع تلك المجازر تهدف إلى استئصال الوجود الفلسطيني والقضاء على القضية الفلسطينية وحلم العـودة إلى الديار من جديد بخلق واقع ديموغرافي على الأرض .

وما تفريغ مخيم اليرموك من سكانه تحت أي حجة كانت إلا ويحدث تماشياً مع خدمة إسرائيل في القضاء على الوجود الفلسطيني في المخيمات لإلغاء حق العودة وعدم المطالبة بأرض الأجداد …

بالأمس القريب وتحديدا يوم التاسع من أبريل من الشهر المُنصرم ونحن نترحم على أرواح الشهداء و نستذكر تلك المجزرة الوحشية التي حدثت في قرية دير ياسين الحزينة التي تُعتبر باكورة البطولة للمجازر الوحشية الصهيونية التي بنّت لهم المجد الدموي المُخزي والمُكلل بالعار الأبدي ، لما مثلته تلك المجزرة من وحشية سادية غير مسبوقة في تاريخ البشرية لتطهير الأرض من أصحابها الفلسطينيين .

نعم … نعم بالأمس واليوم والغد ونحن نترّحم على أرواح الشهداء الأبرار ونستذكر تلك الماّسي فإنه لازلنا نعيش الواقع الأليم لتلك المجزرة والمجازر الأخرى التي حلّت على أبناء شعبنا الفلسطيني على حقيقتها المُـروّعة وإن اختلفت الأماكن أو الشخوص المُنفذة ، لأن الهدف من وراء تلك المجازر هو هدفاً واحداً فقط ألا وهو تهجير وطرد الفلسطينيين ، أو القضاء عليهم لخدمة الأهداف العليا للعدو الإسرائيلي من أجل عدم المطالبة بالعودة لأرض فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية وعلى رأسها حق العـودة

نعم … تلك هي الحقيقة المُـروعة التي نعيشها حاليا في مخيم اليرموك الذي يُعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني في الغربة بعد حدوث النكبة الكبرى ، و هذا شيءٌ يفوق الخيال : “هروب من مجزرة ونكبة إلى الشتات ثم في الشتات تحدث مجزرة يتبعها نكبة جديدة ينتج عنها فقدان بيت الشتات وموت الأحبة وتهجير الأحياء إلى المجهول بعيداً وبعيدا عن رائحة الوطن

الله أكبر ثم الله أكبر والله أكبر على أعـداء فلسطين ! هل يُعـقل حدوث ذلك !

غريب وعجيب أمركِ أيتها الحياة ولماذا أنتِ شديدة القسوة على أبناء فلسطين الأبرياء ؟

لأجل فلسطين وأبنائها ولأجل الحق الفلسطيني أؤكد : إن ما يحدث حالياً ضد أبناء شعبنا الفلسطيني ( الأبرياء والصامدين على قسوة الحياة والأوضاع المأساوية في مخيم اليرموك ) يُعتبر مؤامرة مُنظمة ضد الوجود الفلسطيني تخدم العدو الصهيوني سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، لأن المحصلة النهائية واحدة وهي إنهاء الوجود الفلسطيني في مخيمات الشتات للقضاء على حق العـودة للوطن الأم فلسطين وفرض التوطين بعيدا عن الوطن ، وهذه الحقيقة المُـرة التي يجب أن نعترف بها وننتبه لها جيدا.

” أنظروا وتمعنوا جيدا في التزامن للهجوم الداعشي على اليرموك مع ذكرى دير ياسين الأليمة لتقرأوا الرسالة جيدا و لتعرفوا الجهة الحقيقية المُستفيدة من الاعتداء على مخيمنا البطل والصامد في وجه الحياة القاسية”.

لأجل ذلك إن من أقحم المخيم الفلسطيني تحت أي ذريعة كانت في آتون حربٍ مُدمرة يكون قد قدّم خدمة جليلة لإسرائيل سواء يعلم أو لا يعلم فالأمر سيان ، لأن المحصلة النهائية كما أسلفت أعلاه واحدة ، وتصب لصالح إسرائيل فقط ، شئنا أم أبينا … تلك هي الحقيقة بدون رتوش أو مكياج مهما فعل البعض لتبرير قسوتها .

لذلك أؤكد بأنه لا عـزاء لمن زجّ بمخيم اليرموك في تلك الحرب القذرة والخاسرة على جميع الجهات مهما كانت المبررات التي يسوقها أصحابها ليتهربوا من نتائج مؤامرتهم أمام التاريخ …

ألم يكن يعلم كل من أقحم المخيم الصامد في آتون تلك الحرب المقيتة والمُدمرة بأن النتيجة لن تكون سوى القتل والخراب والدمار ، وأخيرا هجرة المُهجرين وشتاتهم خارج شتات الشتات بعيدا وبعيدا ؟

الغريب والعجيب أن ذلك الهدف الصهيوني القديم يتم استنساخه على أيدي تتّار ومغول هذا العصر الذي يُسمى “الدواعش” الذين يتفنّنون في ارتكاب الفواحش والجرائم الوحشية لينشروا الهلّع والرّعب بين الناس على خُطى الصهاينة تماما ، وذلك ما يفعلوه في مخيم اليرموك تحت ذرائع وحجج ما أنزل الله بها من سلطان .

قتلٌ ودمارٌ وخرابٌ وقصفٌ للبيوت وتهديمها على رؤوس ساكنيها و… وحدث ولا حرج ، وما زاد الطين بلة هو شراهة “الدواعش” والتعطش لسفك الدماء بطرق غير مألوفة مثل قطع الرؤوس وأخيراً الاختراع العجيب بالقتل حرقا للبشر وهم أحياء دون أدنى اعتبار لأي وازع إنساني أو ديني أو…

العجب العُجاب هو ارتكاب “الدواعش” لجرائمهم الوحشية تحت غطاء الإسلام ، علماً بأن الإسلام منهم براء لأنه دين المحبة والتسامح كما أنه دين الوسطية والهداية للناس والبشرية جمعاء .

الإسلام براء لأنه دين التّوحيد الذي أساسه العدل وعدم الظلم وعدم القتل لمجرد القتل ،ولهذا فإن الإسلام يحرص على سلامة حياة البشر وعدم التمثيل بالنفس البشرية التي خلقها الله عزّ وجلّ في أحسن تقويم ، وتلك الأفعال الحرام ليست من الإسلام في شيء تحت أي حجة كانت .

أيها الدواعش … ذلك هو ديننا الإسلامي الحنيف الذي جاء للناس كافه ، ولذلك لا تتبجّحوا أيها الدواعش بالإسلام ، ولا تذكروه على ألسنتكم … لأنه منكم ومن أفعالكم الوحشية براء ثم براء .

المُخزي والمُحزن الذي يدعو إلى الاستهجان والاستغراب في نفس الوقت هو أن شرذمةً من بني جلدتنا ساهمت بطريقةٍ أو بأخرى في حدوث مأسي المخيم عندما تحالف فصيل من هنا أو فصيل من هناك سواء مع أو ضد الأطراف المتناحرة بالرغم من أنه ” ليس لدينا ناقة ولا جمل ” في ذلك الصراع بالمُطلق .

ثم نجد أن أولئك البعض قد قام بإستدراج الدواعش بأفعال أقل ما توصف بأنها غبية وبعيدة عن مصلحة فلسطين ، وهكذا يتم إعطاء التبرير للدواعش و “من صنعهم ويقف خلفهم” كي يستمروا في حصارهم و قتلهم وسفكهم دماء الأبرياء في المخيم ، والتنكيل بأبنائه الأبرياء ليواجهوا الموت أو الهروب خوفاً على حياة أطفالهم الأبرياء.

لأجل ذلك فإن الماّسي التي تحدث في مخيم عاصمة الشتات الفلسطيني “اليرموك” بفعل تُجار الدم تُعتبر عـاراً وخزياً على مُرتكبيها لأن سياسة النأي بالنفس والحياد التي جنّبت المخيم الويلات السابقة لم تُعجبهم ، ولذلك فإن الزج بالمخيم للقضاء على تلك السياسة الحكيمة يُعتبر تنفيذا لخيوط المؤامرة العار .

ولهذا فإن الموت و الدمار والخراب والنكبة والهجرة من المخيم ما هي إلا تنفيذاً لتلك المؤامرة القديمة الحديثة على الوجود الفلسطيني في الشتات ، وتلك المؤامرة لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي فقط للقضاء على حق العودة من قاموس القانون الدولي .

Exit mobile version