المخيمات بلا ربان كتب عمر حلمي الغول

تشهد المخيمات منذ تسللت لداخلها الجماعات والتنظيمات الاسلاموية المسلحة، وضعا معقدا، فلم يعد يمر يوم إلآ وتحدث اشتباكات مسلحة هنا او هناك في مخيمات لبنان دون إستثناء وخاصة أكبرها مخيم عين الحلوة، المخيم المستهدف إسوة بما حصل في مخيم نهر البارد. لان الوجود الفلسطيني، مازال في رؤية المؤسسات الامنية، يشكل بؤرة خطر على الوضع اللبناني، رغم ان القيادة الفلسطينية ممثلة بشخص الرئيس ابو مازن، اعلنت الف مرة، ان المخيمات لن تكون جزر مستقلة عن الامن اللبناني، بل هي جزء من المنظومة الامنية العامة للجمهورية اللبنانية، وتخضع للمعايير الامنية اللبنانية، والكل الفلسطيني حريص ومعني بتعزيز السيادة اللبنانية. كما اكدت قيادة منظمة التحرير، ان الوجود الفلسطيني مؤقت في لبنان لحين تأمين حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.

لكن على ما يبدو، ان موضوع المخيمات الفلسطينية في لبنان يتجاوز حدود ما جرى الاتفاق عليه بين القيادتين الفلسطينية واللبنانية، لان هناك قوى مؤثرة اقليمية ودولية لها مصلحة في إبقاء الموضوع الفلسطيني في حالة تفجر دائم لتحقيق اكثر من هدف. ولبلوغ مراميها ساهمت بقوة في خلق البيئة المناسبة لتواجد تلك الجماعات في المخيمات. وهذه الظاهرة سابقة للربيع العربي، وإمتدادا له في آن. لانها تحمل بوجودها وانعكاسها على المخيمات الفلسطينية عموما ولبنان خصوصا، إصراراً على زجها في إتون الصراع الاقليمي، مع ما لذلك من اخطار تهدد السلم الاهلي فيها، وحتى إستمراريتها. لان احد الاهداف الاساسية من العبث بأمن وإستقرار المخيمات، هو دفع اللاجئين الفلسطينيين للجوء لمتاهات جديدة، للتخلص من حق العودة إلى ديارهم ووطنهم الام فلسطين.

مما لاشك فيه، ان ضعف وتراجع دور فصائل المنظمة عموما وحركة فتح خصوصا، وإنكفاءها عن تمثل دورها القيادي، ساهم بانتعاش هذه الجماعات، واتاح لها التمدد كالفطر في اوساط ابناء الشعب الفلسيطيني. ويعود ذلك لاكثر من سبب، منها: اولا في ظل التضيق المتواصل على ابناء المخيمات، وحرمانهم من العمل من قبل السلطات اللبنانية؛ ثانيا الحاجة لمصدر رزق، يؤمن الحد الادنى من تأمين لقمة العيش؛ ثالثا الحاجة للسلاح للدفاع عن الذات في ظل اشتداد الصراعات بين الجماعات المختلفة.

المخيمات الفلسطينية في لبنان بحاجة ماسة لوقفة جدية من قبل القيادة، رغم الادراك المسبق، انها اولت المخيمات في السنوات الاخيرة اهتماما ملفتا، واعادت النظر بالكثير من السياسات واليات العمل فيها. لكن كل ذلك لم يغير من طبيعة المشهد المعقد، الذي تعيشه المخيمات. لذا لحمايتها من الاستهداف الخبيث، ولحماية حق العودة للاجئين لديارهم، التي طردوا منها عام النكبة 1948، على قيادة منظمة التحرير إحداث نقلة نوعية في واقع مخيمات لبنان، وحث الحكومة اللبنانية على فتح ابواب العمل امام ابناء الشعب الفلسطيني؛ ودرء اخطار الجماعات الاسلاموية، من خلال عزلها عن ابناء الشعب؛ الحؤول دون عبث المؤسسات الامنية بمختلف مسميامتها في الشؤون الداخلية للمخيمات؛ اعادة الاعتبار للمنظمة وفصائلها وخاصة حركة فتح.

القوى الوطنية بمختلف مشاربها وفي مقدمتها قيادة منظمة التحرير، مطالبة بانقاذ المخيمات مما يعد لها من قبل القوى العبثية والمتواطئة على الوجود الفلسطيني في لبنان او سوريا او اي دولة من الدول الحاضنة للوجود الفلسطيني. وهذا لا يتم بالدعاء او التمني، بل بالعمل الجاد والمثابر والهادف.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version