المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

حُـسـن سـلـوك حـمـســاوي كتب حماده الفراعنه

لا تختلف حركة حماس في سلوكها العملي في الميدان، وسلوكها السياسي على الطاولة، واجراءات ادارتها لقطاع غزة عن مساوئ الطرفان اللذين أذاقا شعبنا العربي مرارة الادارة والفشل والقسوة، والطرفان هما : الأول- الاحزاب والشخصيات العربية التي تولت السلطة طوال مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى يومنا، والثاني- الاحزاب الاسلامية العابرة للحدود التي برز دورها في أعقاب نهاية الحرب الباردة وتولت السلطة بعد ثورة الربيع العربي.
فهي تتصرف مثل كل الزعامات والأحزاب والأقليات التي حكمت البلدان العربية، من معمر القذافي الى زين العابدين بن علي، ومن حسني مبارك الى علي عبد الله صالح، وغيرهم مما واجهوا الفشل تلو الفشل والأخفاق وراء الاخفاق، سياسياً واقتصادياً وديمقراطياً وعلاقات بينية عربية سيئة، فالأولوية لهم هو البقاء في السلطة، والتمتع بالامتيازات الوظيفية، والقبض على خيارات الناس وخنقهم لمنع أي محاولة لخلق حالة سياسية بديلة، فالأنظمة التي سقطت أو تغيرت أو تعدلت، لم تتم الا بعد التدخل العسكريالاجنبي، أو بفعل الاموال الامريكية الاوروبية وتأثيرها وتوجيهها لمؤسسات المجتمع العربي التي قادت الشارع في تونس ومصر وليبيا، نحو الاحتجاجات ضد أنظمة الحكم فيها .
فقد تم اسقاط نظامين عربيين بفعل تدخل القوات الاميركية المباشرة في العراق وليبيا، وتم اسقاط زين العابدين بن علي وحسني مبارك، بفعل مؤسسات المجتمع المدني الممولة حركتها ونشاطها وتغطيتها من الاوروبيين والأمريكيين، وتحرك كل من رشيد عمار قائد الجيش التونسي، ومحمد حسين الطنطاوي قائد الجيش المصري، برضى وغطاء أمريكي، ولو لم يكن كذلك لتم وصف عملهما في طرد الرئيسين زين العابدين ومبارك على أنه تم بفعل انقلاب عسكري، كما حصل مع عبد الفتاح السيسي الذي تم وصف حركته على أنها انقلاب على الشرعية وضد رئيس منتخب، مع أن زين العابدين بن علي شرعي ومنتخب، وحسني مبارك كذلك، ومع هذا لم يتم وصف ازاحتهما من قبل الجيش على أنه انقلاب ضد الشرعية، بل استجابة لاحتجاجات الشارع .
وفي سوريا سقط السيناريو وأخفق لأن عوامل التغيير لم تكتمل حلقاتها مع بعضها البعض، فمؤسسات المجتمع المدني تحركت كما حصل في باقي بلدان الربيع العربي، وتم التصدي لها بالقمع كما حصل لدى باقي البلدان العربية، ولكن بمنسوب عنفي أعلى وأشد من قبل النظام السوري الذي بقي متماسكاً في مؤسسته العسكرية والأمنية والحكومية والحزبية، وكان هذا بمثابة الخطوة الاولى في اخفاق عملية ما زالت متواصلة تستهدف اسقاط نظام بشارالاسد وتغييره، ولكن الاخفاق الفاقع تمثل في القرار الدولي الذي كان موحداً وحازماً وقوياً ومتماسكاً في المحطات المصرية والتونسية والليبية، ولكنه لم يكن موحداً في التعامل مع سوريا، اذ انقسم القرار الدولي بين طرفين، بين موسكو المؤيدة للنظام وواشنطن الداعمة لتغيير النظام، مثلما انقسم القرار الاقليمي بين طهران وبغداد وحزب الله اللبناني من جهة، وبين تركيا وبلدان مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى، ودخلت الاطراف المتصارعة في معركة مكشوفة دفع ثمنها الشعب السوري بينهما، وباتت الحرب سجالاً بين الاطراف الدولية والإقليمية حيث لا نصر لأحدهم على الاخر لهذا الوقت، ومثلما هناك دور للاجنبي في البلدان العربية، هناك دور للعدو الاسرائيلي في فلسطين، فهو صاحب القرار بسبب احتلاله العسكري وتفوقه وقدرته وتحكمه بمفاصل الحياة الفلسطينية، فهو صاحب المبادرة في الحرب، وصاحب المبادرة في وقفها، مثلما هو صاحب القرار في شيوع مظاهر اللاحرب واللاسلم السائدة حالياً على أرض فلسطين المحتلة عام 1967، بعد أن فقدت فصائل العمل الوطني الفلسطيني قدرتها في الميدان على العمل سواء في الضفة أو في القطاع، باستثناء الدور السياسي الذي تقوم به القيادة الفلسطينية في ادارة الملف السياسي على المستوى الدولي وهي تحقق نجاحاً تراكمياً لصالح الشعب الفلسطيني وتُسجل نقاطاً تصاعدية لمصلحة المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني وضد المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، ولكنها فاقدة العزيمة والقرار على تأطير المواجهة الشعبية وتوسيعها في التصدي لمشروع الاحتلال على الارض حيث التوسع والاستيطان وتهويد الأماكن وأسرلتها .
ثلاث حروب شنها العدو الاسرائيلي على قطاع غزة، كان يهدف من خلالها تطويق حركة حماس واضعافها، وكان قراره واضحاً علنياً عدم تصفية حركة حماس وعدم اسقاط نظامها، بل كان يهدف مباشرة لاستمرار حكم حماس في قطاع غزة جنباً الى جنب مع خلع أنيابها ان طالت، وتقليم أظافرها ان خرمشت، فبرنامج تل أبيب واضح بعدم استكمال خطوات المصالحة وعدم تحقيق الوحدة، وابقاء الشعب الفلسطيني برأسين فتح وحماس وتعميق الانقسام بين القطاع والضفة وعزلهما عن القدس .
وحماس لها رغبة جامحة في مواصلة الحكم والتحكم والسيطرة على قطاع غزة، بشكل منفرد متسلط أحادي على طريقة الانظمة العربية الساقطة أو على طريق السقوط، وحتى ولو كان الثمن تقديم التنازلات للعدو، فهو صاحب القرار وهو الذي يُسهم في بقاء سلطة حماس أو ازالتها، ولذلك تسعى حماس لتقديم ضرائب حُسن سلوك عملية من خلال مظهرين الاول- ردع الفصائل الجهادية من ممارسة أي فعل كفاحي ضد الاحتلال الاسرائيلي ومؤسساته ومنشأته، والثاني- من خلال بعث رسائل الرغبة في التوصل الى تهدئة مستديمة تكفل استمرار سلطة حركة حماس وتعزيزها، والغطاء متوافر لها في الرعاية من قبل حركة الاخوان المسلمين، ويتم ذلك بوساطة تركية وقطرية، لاخراج حركة حماس من مأزقها وتفعيل دورها وتسويقها وبالتفاهم المسبق مع الاميركيين بواسطة الوسطاء الثقة في الدوحة وأنقرة، والمصالحة مؤجلة أو مجمدة لأنها لا تفي بالغرض، والغرض هو بقاء السيطرة في الحكم .

Exit mobile version