السمسار بلير كتب حافظ البرغوثي

ما يطرح حاليا من سلام اقتصادي او محاولة تقليص القضية الفلسطينية الى مجرد دولة في غزة كهبة الى حركة حماس مقابل تجزئة الحق الفلسطيني هي اضغاث احلام لن تصمد الا من منظور كونها تأتي في سياق مؤامرة “سايكس بيكو” الجديدة التي ترمي الى تفتيت العالم العربي مرة اخرى وفق مقاييس جديدة مذهبية وسياسية وعرقية. فاسرائيل تهتبل مرحلة النكوص العربي الحالية لكي تحقق هدفا واحدا وهو تصفية القضية الفلسطينية واشهار علاقاتها المتنامية مع الانظمة والمعارضة العربية على حد سواء.

بينما توجه اسرائيل نداءات متواصلة ليهود العالم لكي يهاجروا الى ارض اللبن والعسل وتتخذ من اي حادث في فرنسا مثلا فزاعة لتخويف اليهود وحثهم الى الهجرة، وبعد ان طرقت ابواب الهند والصين ومجاهل افريقيا لحشد مهاجرين او مستوطنين جدد بحجة انهم من اسباط يهودية تائهة، تنبثق حقيقة ديموغرافية وهي تساوي عدد اليهود والعرب في فلسطين بل وزاد عدد الفلسطينيين في وطنهم عن عدد اللاجئين في الخارج ليس بسبب زيادة عدد المواليد ولكن لأن مئات الالوف عادوا بموجب اتفاق اوسلو، بينما ما زالت اسرائيل رغم الحشد الدائم للهجرة وتهويد المسيحيين المهاجرين وغيرهم لا تمثل الا اقل من نصف عدد يهود العالم. والغريب ان اسرائيل رغم التحذيرات من تفوق عددي للعرب خلال السنوات الخمس المقبلة الا انها تتجه نحو اقامة نظام عنصري برفضها حل الدولتين الذي يضمن بقاءها دولة ذات اغلبية يهودية، لكنها ما زالت تعاند حركة التاريخ والديموغرافيا وتتحصن داخل عقلية الغيتو المنغلق ولا تريد ان تنفتح على المحيط العربي الا بشروطها التي تحمل مخاطر نمو فيروس التمييز العنصري وهو اقرب الطرق نحو الكارثة ما يهدد وجودها من اساسه، لأن نمو نظام الفصل العنصري يعني تشديد العزلة الدولية عليها وتوسيع المقاطعة لها وحشرها في زاوية المنبوذين كما حدث مع النظام العنصري في جنوب افريقيا الذي انهار بسرعة وكان يظن نفسه مخلدا.

فلا يجوز مثلا انه لقاء ازاحة نظام ما ان تنتعل اسرائيل فصائل المعارضة السورية، ولا يجوز انه من اجل مواجهة ايران ان تنسق الكثير من الانظمة امنيا وتجاريا مع اسرائيل. ولا يجوز انه من اجل رفع الحصار عن غزة نهمش الصراع على الارض ونحصره في حصار ثم انفصال, فالحصار هو نتاج هيمنة حماس على غزة ولا اهداف لاسرائيل في غزة لأنها انسحبت منها طوعا وبالتالي لا يمكن تبرير نشاط السمسار بلير في الدوحة ومع تركيا الا من منظور تآمري على القضية الفلسطينة لنسفها من الأساس. فالديموغرافيا هي الرد العفوي الفلسطيني الشعبي.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version