“ديلي بيست”: تفاصيل ماكرة في الاتفاق النووي مع إيران

بعد انقضاء وعود نهائية على طريق ماراثون المحادثات النووية الإيرانية في فيينا، قال محلل إيراني على علاقة وثيقة بالمفاوضين: “عند هذه النقطة، يطرح سؤال هام، كم تستطيع أن تأكل لأن هناك حد لعدد الشرائح التي تستطيع تناولها”.

وأشارت وكالة “أسوشييتيد برس” الاميركية، بأن ديبلوماسيين لوحا باحتمال قرب الإعلان عن اتفاق نووي إيراني، وفي حين يشاع بأن الوثيقة محل النقاش تضم حوالي 100 صفحة، وأنه من” الناحية اللوجستية” من الممكن ببساطة الإعلان عن الصفقة، تساءل بعضهم إذن لم الانتظار؟

عودة المفاوضين

وكما يقول الموقع، من شأن التوصل لاتفاق نهائي أن يدفع المفاوضين للعودة إلى عواصمهم في طهران وواشنطن ولندن وباريس وبكين وموسكو وبرلين، ولكن الاتفاق لم يوقع ويختم ويرسل بعد، ومع رجوع كل من وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيره الإيراني، جواد ظريف، إلى عاصمتيهما، تلوح في الأفق عدة قضايا تستحق تدقيقاً وثيقاً، في حين يستعد منتقدو الاتفاق في كلا الجانبين للهجوم على بنوده، فقد بدأ الجمهوريون في الكونغرس انتقاداتهم للوثيقة التي لم يقرؤوها بعد.

خطة بديلة

ولكن قبل التركيز على بضعة تفاصيل ماكرة، يطرح الموقع سؤالاً هاماً، ماذا إذا فشلت هذه الصفقة، ما هي الخطة باء؟

ويلفت ديلي بيست إلى أن أسوأ الاحتمالات تتمحور حول إبقاء العقوبات على حالها، وسوف تتخذ إيران خطاً متشدداً، مندفعة نحو مزيد من التطوير النووي، في ظل عمليات تفتيش قليلة أو ضعيفة أو معدومة، ومرة أخرى يحتمل أن يتجه العالم نحو حرب في المنطقة تقودها إسرائيل في حال شعرت أن وجودها في خطر من قبل ملالي مسلحين بأسلحة نووية، وفي صراع من ذلك النوع، سرعان ما ستجد واشنطن أنه لا خيراً أمامها سوى في المشاركة.

سيناريوهات أقل كارثية

ويتوقع الموقع أنه هناك احتمال أن ينحو العالم نحو سيناريوهات أقل كارثية، ويلفت إلى أنه “قد يقتنع الحلفاء بأن يخففوا العقوبات عن إيران، وعندها ستقل الضغوط على الاقتصاد الإيراني، ومع تخفيف الضغط سيحرص الإيرانيون على عدم تخطي أية عتبة قد تفضي لبداية حرب، ورغم ذلك، قد تعود إيران إلى حالة “عتبة الدولة النووية” والتي توصلت إليها في بداية المحادثات الحالية، والتي وضعتها على مسافة بضعة أشهر أو أسابيع من إنتاج أسلحة نووية، لو اختارت ذلك، أو، قد تتحالف عدة قوى أوروبية مع روسيا والصين، غير المعروفتين بتعاونهما الودي في مثل تلك القضايا، على فرض عقوبات أشد، وتركيع إيران فعلياً، أو إجبارها على التخلي عن جميع آمالها ومشاريعها النووية، وذلك ما كانت تدفع إليه إسرائيل ومؤيدوها في الكابيتول هيل”.

تسويق صفقة

ولذا، يقول ديلي بيست بأنه “من الأفضل وضع عدم التوصل إلى صفقة جانباً، وتخيل ماذا كان المفاوضون يفعلونه خلال الأسبوعين الماضيين في فيينا، سوى في إدراك أنهم باتوا قادرين على تقديم نوع من الاتفاق، قد يكون أبعد من صفقة، ولكنه نافعاً بما يكفي لتسويقه للكونغرس الأمريكي وللمرشد الأعلى في إيران، كما أنهم يأملون، وبدون مزيد من الصراحة، أن يرسي الاتفاق الأسس لتفاهم وتعاون أوثق حول مختلفة القضايا، ومنها القتال ضد داعش”.

وفي أبسط صوره، والذي بدا واضحاً منذ إبريل (نيسان) الماضي، من شأن اتفاق نووي أن يرفع معظم العقوبات المفروضة على إيران في مقابل تخفيف شيء من قدرتها على تخصيب اليورانيوم، مع الموافقة على تفتيش دولي للتأكد من التزام إيران بوعودها، مما يعطي الغرب فرصة للعمل اقتصادياً أو عسكرياً، أو كلاهما، قبل أن تتمكن إيران فعلياً من بناء قنبلة.

ثلاث نقاط

ويقول ديلي بيست، في هذا السياق، لا بد من ملاحظة ثلاث نقاط:

الاستحقاق والعقوبات: فقد تعهد الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف للمرشد الأعلى، علي خامنئي، وغيره من القوى في إيران بأنه حال التوصل إلى صفقة، سوف ترفع العقوبات وسيعود الاقتصاد للعمل بشكل كامل، ومن جانبهم، أراد الأمريكيون والفرنسيون وآخرون رفعاً تدريجياً للعقوبات مربوطة باتخاذ خطوات مؤكدة للتأكد من تطبيق بنود الاتفاق. وفي كل الأحوال، لا يمكن رفع العقوبات بين ليلة وضحاها.

ولكن يبقى الخوف الرئيسي، بالطبع، من أنه حال رفع العقوبات، لن يكون هناك مجال لإعادة فرضها، وحتى لو تم الاتفاق على ذلك، وأن إيران ستحصل، من جديد، على أموال فائضة تمكنها من تمويل عملياتها التدميرية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

عمليات التفتيش: منذ بداية المحادثات كان مفهوماً لجميع الأطراف بأن إيران مطالبة بالتوقيع على ما عرف باسم “برتوكول إضافي”، لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وبموجب هذا البروتوكل، يسمح للوكالة الذرية الدولية بأن تدخل إلى أي موقع، وفي أي وقت، وفي بعض الحالات بعد ساعتين من تقديم طلب بالتفتيش.

وكما يشير ديلي بيست، تم وضع ذلك البروتوكول في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، بعد تجربة مريرة مع الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، والذي تمكن من استغلال ثغرات في معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، والتي وقع عليها، من أجل بناء برنامج نووي سري، وقد وقعت إيران على المعاهدة، ولكنها تبين أنها لم تلتزم بها، وذلك بعدما كشف في عام ٢٠٠٣ عن إجرائها عملية تخصيب برنامج نووي سري بالقرب من بلدة ناتناز.

وبعد عامين على ذلك، وافقت إيران على الالتزام بالبروتوكول الإضافي، ولكن إدارة بوش لم تجد ذلك كافياً، ورفضت التعامل بشكل مباشر مع طهران، وواصلت الدفع نحو تشديد العقوبات.

وكانت النتيجة أن مضت طهران في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، واقتربت من حيازة المواد الضرورية لتصنيع أسلحة نووية في حين ظلت تقول بأنه لا نية لها لبناء تلك الأسلحة.

ومن هنا، وبالنظر لعدم احتمال تخلي إيران عن قدراتها السرية لتخصيب اليورانيوم، يصبح نظام التفتيش نقطة أساسية بالنسبة للولايات المتحدة والمفاوضين الغربيين الآخرين.

ولفت الموقع إلى أنه في الشهر الماضي، حاول المرشد الأعلى علي خامنئي، الدفع ضد ذلك النوع من نظام التفتيش، قائلاً أنه لن تفتح أية مواقع عسكرية أمام فريق المفتشين، وفي تلك الحالة، سيكون من المستحيل على الأمريكيين التوقيع على أية صفقة.

من يقرر: من أكبر المشاكل التي واجهت واشنطن في التعامل مع إيران منذ عام ١٩٧٩، هي معرفة من يتخذ القرارات النهائية، ومن، في الواقع، يجب التحدث إليه أولاً من أجل التوصل لنتائج حقيقية. فهل يستطيع روحاني وظريف الحصول على موافقة المرشد الأعلى؟ وفي مقابل ذلك، يتساءل الإيرانيون عما إذا كان الرئيس الأمريكي أوباما ووزير خارجيته كيري قادرين على الحصول على موافقة الكونغرس، فقد لاحت تلك الظلال من وراء المفاوضين طوال المحادثات، واليوم تلوح أمامهم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version