حماس بين سندان التيارات السلفية ومطرقة الشيعة

تواجه حماس مجموعة من التحديات فرضت نفسها على المشهد السياسي في القطاع بشكل بات يهدد حكمها واستنزاف طاقاتها. ولم تستطع حماس ادارة الصراع الذي اوجدته هي من خلال عقيدتها القائمة على الغاء الاخرين وتهميشهم ومصادرة ادوارهم حتى وجدت حماس نفسها تعيش في بحر من الاعداء.
لا نريد هنا ان نتحدث عن الصراع الذي اصطنعته حماس مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية لان حماس تعتبر خلق الصراعات واستمرارها وسيلة لاستمرار عقيدتها وأيديولوجيتها بل نريد ان نسلط الضوء على موقف حماس من التيارات السلفية والشيعية. ففي الوقت الذي كانت تقوم فيه حماس بمطاردة وملاحقة التيارات السلفية من انصار “الدولة الإسلامية” واعتقالهم وتعذيبهم داخل معسكراتها، كانت هناك حركة شيعية “حركة الصابرين” تنمو وتتشكل في القطاع على مرأى من حماس وأخذت حماس تغض بصرها عن التمدد الشيعي في غزة بل وفرت لهم الحماية ايضا وسمحت لهم بممارسة طقوسهم الدينية والسياسية ارضاء لإيران ودعمها المادي لحركة حماس حتى اصبح بعض المحللون يعتبرونها النسخة الفلسطينية من حزب الله، اضافة الى انهم يشكلون حالة من العداء مع التيار السلفي الذي يصارع حماس والذي اصبح قوة من الصعب على حماس تجاهلها وربما تحتاج حماس لهذه الحركة الشيعية في صراعها مع السلفيين.
لقد عملت ايران على ايجاد موطئ قدم لها في فلسطين استمرار لعقيدتها في خلق نفوذ ايراني في الدول العربية واستخدام القضية الفلسطينية ذريعة للتدخل في الشأن الفلسطيني ولكن المستهدف من ذلك هو الامن القومي المصري.
لكن لماذا غيرت حماس من مواقفها وانقلبت على حركة الصابرين الشيعية؟ هل لهذا التحول في مواقف حماس علاقة بعلاقة حماس مع ايران الآخذة بالتقلص بسبب تقنين ايران مساعداتها لحماس وبسبب التباعد في بعض المواقف السياسية بين الطرفين. ام ان هناك دوافع وأسباب اخرى؟
حماس لم تعد تعول على ايران في علاقاتها وفي امكانية استمرار الدعم الايراني لها ثم رأت حماس ان هناك استحقاقات لا بد من التعامل معها اذا ارادت حماس ان تبقى ضمن المشهد السياسي الاقليمي ورأت ان مركز الثقل السياسي الاقليمي يتمثل في كل من السعودية ومصر ولذلك لا بد من التقارب منهما رغم العلاقة المتوترة مع مصر.
وقد رأت حماس ان ثمن هذا التقارب يكمن بالابتعاد عن المحور الشيعي الذي تتزعمه ايران والتي زادت من اطماعها في المنطقة العربية وتحديدا في شأن دول الخليج من خلال خلق الفوضى وتغذية الصراعات في هذه الدول.
وفعلا قامت حماس بوقف التمدد الشيعي في القطاع وملاحقتها ومطاردتها لحركة الصابرين من اجل بث رسائل واضحة للملكة العربية السعودية وحلفاءها برغبتها بالانضمام الى هذا التحالف الذي تقوده السعودية او على الاقل التقارب منه.
اضافة الى ان التحول في مواقف حماس من الحركة الشيعية يمكن ان يخفف حدة الصراع مع التيارات السلفية فيما اذا رأت هذه التيارات تحولا فعليا وحقيقياً في موقف حماس من الشيعة حيث ان هذه التيارات تناصب العداء للشيعة.
حماس فعلا راجعت حساباتها وتوصلت الى قناعات بان مركز الثقل السياسي العربي والإقليمي يتمثل في السعودية وحلفاءها وان أي تحول في المنطقة يجب ان تترك السعودية بصماتها عليه فلذلك اثرت التضحية في علاقاتها مع ايران من اجل بناء علاقة مع السعودية وهي ترى ان ذلك ضروري جدا لاستمرار وجودها.

خاص مركز الإعلام

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version