عن حكمة امين السر المقال و”اوباما” الذي في الخليل؟! كتب ابراهيم ملحم

جرت العادة ان يمن الله بفيض حكمته على رؤساء الحكومات وقادة الفصائل والتنظيمات بعد اقالتهم او استقالتهم ! فتراهم يعقدون المؤتمرات ويلقون المحاضرات باعتبارهم حكماء الامة الذين قل نظيرهم فيقدمون مقترحات ويقترحون سياسات ويجترحون مقاربات لم تتفتق عنها عقولهم او تنطق بها السنتهم طيلة فترة حكمهم .

آخر هؤلاء الحكماء أمين السر المقال السيد ياسر عبد ربه حفظه الله ورعاه، فما سمعناه من ابو بشار في مؤتمره الصحفي قبل ايام، يشف عن شخصية مختلفة تماما عن تلك المتنمرة التي وسمت شخصية “الرجل الغامض بسلامتو”طيلة حياته السياسية والتي طالما ظهر بها في مؤتمراته الصحفية وحواراته التلفزيونية .

ابو بشار الذي بدا مستسلما تماما “مذعنا” لقرار اقالته الا من عتب ناعم على الطريقة التي تمت فيها اطاحته تاركا الامر كله الى زملائه في اللجنة التنفيذية من “رجال الطرق الصوفية” الذين لم يبادر احد منهم لمؤازرة صديقهم وامين سرهم ولو بكلمة مجاملة واحدة ما يكشف عن عمق الهوة بينه وبينهم.

تقلبات الرجل وانقلاباته منذ بواكير حياته السياسية ورغبته الجامحة للسباحة عكس التيار وممارسة “العشق الحرام” ” مبادرة جنيف نموذجا”كانت تشي بان الرجل وان طالت سلامته لن يعمر طويلا، لكن اقامته الطويلة في المنظمة وامانة السر كانت تطرح اسئلة حول سر هذا البقاء المقيم ، حتى جاءت لحظة الحسم، بعد ان اثيرت حوله اتهامات بمحاولة الانقلاب على السلطة، سخر منها الرجل واحالها الى السلطة ذاتها التي تنقلب هي على نفسها.. على حد قوله .

ندرك تماما ان حديث ليفني عن استدراجه للسرير “حديث افك” جاء من باب التعريض بالرجل واساءة سمعته، لكن تراجع الرجل عن وعده عندما وجهت له اتهامات في برنامج تلفزيوني حول محاولات الانقلاب على السلطة بالتوجه الى القضاء لمحاسبة من يروج تلك الاتهامات، تراجع لم يكن في صالح رواية الرجل ولا مكانته، ولربما كان السبب المباشر في اطاحته.

يعتب الرجل على الطريقة التي تمت فيها اقالته دون علمه او استشارته، وينسى انه طالما تفاخر بالاطاحة بمن يخالفونه الرأي بنفس الطريقة، مع فارق ان القرار جاء باغلبية اعضاء اللجنة التنفيذية ، وكأنه اليوم وفي خريف العمر يشرب من نفس الكأس التي طالما جرعها لخصومه.

رغم ان الرجل عرف بجرأته وجسارته وعدم مبالاته بمن ينتقدون مواقفه وسياساته، لكنه عرف اكثر بانه صاحب المشاريع غير المكتملة، فان انت اعطيته قطعة قماش ليخيط لك منها بدلة فانه يقدمها لك بدون اكمام، اخر تلك المشاريع كان برج التلفزيون الذي ظل طيلة اعوام رئاسته للهيئة دون انجاز حتى اكتمل بعد اقالته.

لطالما تفاخر الرجل ببراءة اختراعه لتقنية “اطفال الانابيب” الذين ما فتئ يستعين بهم في تطبيق سياساته وتنفيذ اوامره، فهو يقول لخصومه ” لا اريكم الا ما أرى” ونقل عنه القول للمتعاملين معه “لو وليت عليكم خشبة عليكم ان تطيعوها”ولم يتوان الرجل عن الاستعانة بتلك الاخشاب لتطبيق سياساته في جميع مراحل سلطاته .

اخر ما بدر عن الرجل من زهد كاذب قوله اليوم في مقابلة اذاعية “ظز في امانة السر وفي كل المناصب”!! لاحظوا ان “هذ الطز” تاتي بعد اكثر من اربعة عقود من اقامته في المنظمة وامانة السر وتوليه مناصب وزارية سيادية في السلطة!!

لا بأس لو شكل ابو بشار بيتا للحكمة … فخذوا الحكمة من افواه المقالين !!

اوباما الذي في الخليل!!

في العشر الاواخر من الشهر الفضيل دعاني الاخ والصديق ابو رامي لتناول طعام الافطار في بلدته دورا جنوب الخليل وحضور حفل اقيم على شرفه لتكريم طلبة وطالبات التوجيهي في المدينة ، كان الاهالي فرحين بابنائهم وبناتهم المتميزين ، سألت مدير تربية الجنوب الاستاذ فوزي ابو هليل عن سر هذا التفوق لابناء وبنات الجنوب رغم الصورة النمطية المعروفة عن الجنوب في كافة بقاع الارض فقال : منذ قيام السلطة جرى اهتمام كبير بالجنوب، وانشئت فيه مديريات واقيمت مشاريع تنموية وتعليمية وسادت روح المنافسة على التعليم والتميز وهو ما نحصد ثماره اليوم بهذه الاعداد من المتفوقين.

في كلمته الشاملة لفت انتباهي توجيه ابو هليل الشكر لـ” اوباما” فاستبد بي الفضول لاعرف عن سبب توجيه الشكر لاوباما في هذا الحفل الخاص بجنوب الخليل، فما ان انهى كلمته وعاد الى مكانه بجواري حتى بادرته بالسؤال: لماذا شكرت اوباما؟ فدخل في نوبة ضحك قبل ان يجيب على السؤال بان المقصود ليس الرئيس الامريكي، بل هو ابو عوض، الشيخ الستيني رئيس مجلس الخدمات المشتركة الذي يعرفه الاهالي في الجنوب حيث يضم المجلس 27 قريه حول بلدة دورا الخليل، ويبلغ تعداد سكانها ما بين 55000-60000 نسمة .

رغم ان ابو عوض محدود العلم ومتواضع الثقافة، الا انه ومنذ توليه رئاسة المجلس قبل عامين، انهالت المشاريع على المجلس على نحو ادهش سكان تلك التجمعات، فما كان منهم الا ان اطلقوا عليه اسم” اوباما” تيمنا باوباما الذي اصبح رئيسا للولايات المتحدة رغم انه ينحدر من اسرة فقيرة .

ويتندر أهالي دورا بحادثة قيام رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض بالاتصال مباشرة برئيس مجلس الخدمات المشتركة “أوباما” على هاتفه الشخصي، فظن أوباما الذي لم يسبق له ان التقى بفياض ان أحدا ينتحل شخصية رئيس الوزراء، فما كان منه الا ان اغلق سماعة الهاتف، قبل ان يعاود مكتب فياض الاتصال بالمجلس ليعلمهم ان من يتصل هو فعلا شخص رئيس الوزراء، فبادر ابو عوض في صبيحة اليوم التالي الى التوجه لمكتب فياض حاملا معه خبز الطابون والبيض والزعتر للافطار معه معتذرا عن اغلاق الهاتف في وجهه.

جريدة القدس المحلية

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version