التهدئة بداية ضياع

منذ النكبة الأولى في العام 1948م وتاريخ شعبنا مع الهدنة كان تاريخ أسود يعود بنا وبقضيتنا الى غياهب الضياع وبعد وقبل كل حالة انحطاط سياسي يخرج علينا البعض ممن يمارسون المتاجرة بمعاناة شعبنا ليقول لنا بأننا أخبرنا على الدخول في هذا النفق من أجل مصالح الشعب ,وبكل تأكيد تلك الاسطوانة وهذه الأصوات النشاز ليست بجديدة على شعبنا لأنها من أهم إنجازات النظام العربي الذي عمل أول ما عمل على التخلص من أعباء القضية العربية الأولى والتي ساهم النظام العربي والمجتمع الدولي على استمراها من خلال مجموعة من الشعارات البراقة التي عمل البعض على الترويج لها على أنها انجاز وطني في حينه حينما عملت بعض الأنظمة العربية على جعل القضية الفلسطينية شعار للمتاجرة ومن أجل تمكين تلك الانظمة من الاستمرار في سدة السلطة لسنوات طوال بيافطات متعددة ومتنوعة والعمل على التخلص من كل من ينادوا بالحرية والشراكة والديمقراطية .

ومن ثم انتقل جزءا اخر من النظام العربي بالتواصل مع دولة الاحتلال وعقد الاتفاقيات والعلاقات الرسمية وشبه الرسمية تحت يافطة مساعدة الشعب الفلسطيني .

حتى الأعلام العربي والفضائيات العربية تحت شعار ان يكون لها مراسل في الأراضي الفلسطينية يجب ان يكون لها مراسل في دولة الاحتلال وحينما تعطي لقاء مع مسئول فلسطيني يجب ان تعطى مساحة مماثلة لمسئول اسرائيلي وهنا تم السماح لصوت الصهيوني المحتل بطرح رؤيته والتي يبث من خلالها الكثير من السموم والتي قد لا يتمكن المسمع والمشاهد البسيط من التمييز بين الغث والسمين.

اليوم تتردد بعض التصريحات والتسريبات عن قدوم مولود مشوه بكل تأكيد والبعض يريد أن يصور لشعبنا هذا المولود على أنه ثمرة من ثمرات الانتصار في الحرب الكارثية الاخيرة وأنه هذا الانجاز جاء نتاج عجز آلة الدمار الصهيونية وخوفها من المواجهة العسكرية مرة ثانية !

والسؤال ماذا يعني الانجاز بالنسبة الى هؤلاء ؟أليس الإنجاز هو تحقيق ما لم يكن محقق !أم أن الانجاز هو ما كان بين أيدينا وبغباء وبسوء أدارة فقدناه ونعمل على دفع ثمن كبير من أجل أعادة تسميته باسم هذا الفصيل أو هذا الشخص ؟

ألم تكن المعابر مشرعة سواء مع فلسطين التاريخية أو مع مصر ؟ ألم يكن المطار يعمل ؟ ألم يكن ألاف العمال يدخلون الى فلسطين يوميا ويعملون ؟

ماذا أنجز الساسة والقادة العظام حين فقدنا كل هذا وانحرفت بوصلتنا والتي كان هدفها وشعاراتها وطنية الى ان بات هدفنا وشعاراتنا مطالب حياتية يومية ؟

والجميع يعي بأن دولة الاحتلال لا تعطي هذا دون ثمن والكل يعلم ان الثمن لن يكون بسيط ,أن لم يكن الثمن دولة في غزة غدا فأن الثمن لن يكون أقل من تحنيط الانقسام أي جعل جزءا من مشروعنا الوطني بلا روح ولا أحساس من خلال سلخه بشكل أو بأخر عن القدس والضفة الغربية والقضية الفلسطينية بكل تشعباتها وقضاياها التي انبثقت من النكبة الى اليوم .

وهنا أذكر بأن فكرة المصالحة لم تطفوا على السطح عند البعض ألا بعد أن أسقط نظام الاخوان في مصر أي بعد اغلاق الانفاق وشح الدعم الايراني ونتاج الضائقة المالية وهذا ما تعلمه اسرائيل بشكل جيد وهذا ما سوف تعمل على تغطيته من خلال فتح المعابر وجعل الدورة الاقتصادية تدور في غزة بشكل طبيعي كمقدمة لتنفيذ المفهوم الذي يؤمن به رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالي وهو السلام الاقتصادي دون التطرق الى قضايا الحل النهائي وهنا سنجد من يقول لنا بأن الهدف هو خدمة الشعب والتخفيف من المعاناة ومن أجل الحفاظ على هذا يجب تجميد أي نشاط معادي لدولة الاحتلال والمسموح فقط الشعارات واجترار الانتصارات والبطولات وتشويه أي انجاز وطني لا وعرقلة أي محاولة من قبل القيادة لمطاردة قادة الاحتلال امام المحاكم والمحافل الدولية ورفض كل عروض التوافق لان التوافق مع المحتل بات اكثر نفعا من التوافق فيما بيننا .

الصمت هنا سوف يكون ثمنه دحرجة هذا المشروع المشبوه وسوف يؤدي في النتيجة الى محو كل تضحيات شعبنا طوال تاريخنا الوطني من اجل مشروع قزمي سوف يفرض على شعبنا ويبرر بشعارات كاذبة كتلك التي كانت حاضرة حين الانقسام من هنا يجب على الشعب وكل القوى الحية فيه العمل على التصدي لهذا المشروع التصفوي بكل قوة اكراما لأرواح الشهداء ومعاناة الاسرى الذين مازالوا في سجون الاحتلال وحفاظا على قدسنا روح مشروعنا الوطني ومن أجل ابقاء قضية اللاجئين حية دون أن تضيع اكثر في ظل محاولات طمسها .

وأخيرا يجب على القيادة عدم ترك الأبن الضال في غيه لأن سلوكه قد يتحول الى حالة يصعب التخلص منها وهنا سوف تضيع قضية دفع شعبنا الكثير من أجل الحفاظ عليها وحلها .

نبيل عبد الرؤوف البطراوي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version