التعليم زينة في الرخاء وملاذ في الشدة كتب الدكتور حنا عيسى

يعتبر الحق في التعليم من حقوق الإنسان بل أهم من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يتوجب أن يتمتع بها الإنسان من أجل التمتع بجميع حقوق الإنسان الأخرى. حيث أن الحق في التعليم ورد في العديد من الإعلانات والمعاهدات والمواثيق الدولية التي كفلته لكل فرد في المجتمع ومنها: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966م، واتفاقية حقوق الطفل للعام 1989م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة للعام 1981م، الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين للعام 1952م.

ونستخلص أهم المعايير التي وردت في المعاهدات والمواثيق الدولية فيما يتعلق بالحق في التعليم وهي: إلزامية التعليم، ومجانية التعليم، وأن يكون التعليم في متناول الجميع دون أي نوع من التمييز، ومحو الأمية التزام واجب على الدولة، وجعل التعليم العالي ممكناً بقدر من العدالة والمساواة، وأن تكون نوعية التعليم جيدة، وتوفير وإنماء الشبكة المدرسية، وحرية أولياء الأمور في اختيار نوعية التعليم التي تلائم أبناؤها.

أما حول الحق في التعليم فقد ورد في التشريعات الفلسطينية التالية: القانون الأساسي المعدل لعام 2003 وتعديلاته، وقانون التعليم العالي رقم 11 لسنة 1998م، والقانون الأردني رقم 16 لسنة 1946 وتعديلاته المطبق في الضفة الغربية، وقانون المعارف لعام 1933 وتعديلاته المطبق في قطاع غزة.

وكما هو معلوم تولت السلطة الوطنية ممثلة في وزارة التربية والتعليم العالي منذ العام 1994م العملية التعليمية في الأراضي الفلسطينية حيث حددت أهدافها ومهماتها بالعمل على تنمية رؤى مستقبلية واضحة للتعليم الفلسطيني تتجاوز الماضي وتعمل على إعادة بناء ما أحدثته سلطة الاحتلال الإسرائيلي من تخلف إلى التطلع إلى مستقبل يعيد ارتباط الأجيال الجديدة بتاريخها وينير طريقها إلى المستقبل وانطلاقا من ذلك تهتم الوزارة بتحسين نوعية التعليم وتحسين البيئة التعليمية وتدريب المعلمين وإدخال التقنيات الحديثة وإشراك المجتمع في العملية التعليمية وتسعى الوزارة إلى تجنيد المصادر المختلفة للنهوض بالتعليم الفلسطيني.

من هنا ينقسم نطاق التعليم والتدريب في فلسطين إلى التعليم ما قبل المدرسة ورياض الأطفال ودور الحضانة، والتعليم الأساسي، والتعليم الثانوي التعليم للمرحلة الثالثة ما بعد الثانوية التعليم العالي، والتعليم شبه الرسمي والتعليم المستمر.

فالتعلم ما قبل المدرسة (دور الحضانة، رياض الأطفال) يتم تقديم التعليم لمرحلة ما قبل المدرسة في رياض الأطفال للأطفال البالغة أعمارهم ما بين 4-6 سنوات، أما دور الحضانة فهي مخصصة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات. وحضور هذه المرحلة طوعي بشكل عام رغم أن العديد من المدارس الخاصة لا تقبل طلاباً من الصف الأول دون أن يكونوا قد انهوا سنتين في رياض الأطفال.

أما التعليم الأساسي، تبدأ المرحلة الإلزامية من التعليم الأساسي في سن السادسة حيث يلتحق الطلاب في الصف الأول من المرحلة الأساسية والتي تستمر لمدة عشر سنوات أي حتى نهاية الصف العاشر الأساسي.

أما التعليم الثانوي، فبعد الانتهاء من المرحلة الأساسية الإلزامية يتفرع التعليم الثانوي إلى عدة مسالك وهي : التعليم الثانوي الأكاديمي، ومدته سنتان بفرعيه العلمي والأدبي، ويعد الطلاب هنا للتقدم لامتحان التوجيهي والذي يمكنهم الالتحاق بالجامعات. والتعليم الثانوي المهني، ومدته أيضاً سنتان وينقسم إلى فروعه الأربعة: صناعي، تجاري، زراعي وتمريض، ويعد الطلاب هنا للتقدم لامتحان التوجيهي المهني والذي يمكنهم من الالتحاق بكليات المجتمع.

أما التدريب المهني: ويقسم إلى تدريب طويل الأمد مدته سنتان لإعداد عمالاً مهرة والى تدريب مهني قصير الأمد (5 اشهر- 8 اشهر) لإعداد عمالاً محدودي المهارة.

والتعليم العالي: يحق للطالب الالتحاق بالتعليم العالي بعد إنهائه المرحلة الثانوية واجتيازه امتحان التوجيهي المنعقد على مستوى الوطن بنجاح، وينقسم التعليم العالي إلى مسارين وهما: التعليم في كليات المجتمع، حيث يدرس الطالب لمدة عامين يحصل في نهايتها على شهادة دبلوم مجتمع ويمكنه في نفس الوقت التقدم لامتحان الشامل، ومن الجدير ذكره هنا وجود كلية البولتكنيك والتي تقدم أيضاً شهادة البكالوريوس التقنية.

والتعليم الجامعي، حيث يدرس الطلاب لمدة 4 سنوات للحصول على شهادة البكالوريوس و 5 سنوات لبكالوريوس الهندسة، وتقدم الجامعات أيضاً برامج دبلوم عالي لمدة عام بعد البكالوريوس وبرامج الماجستير لمدة عامين ما بعد البكالوريوس.

وهنالك أيضا التعليم شبه الرسمي والتعليم المستمر، فالتعليم شبه الرسمي، وهو ذلك النوع من التعليم الذي لا يقدم في المدارس العامة حيث يتم تقديمه بالعادة من قبل وزارات أخرى غير وزارة التربية والتعليم (وزارة العمل، وزارة الشؤون الاجتماعية وغيرها)، والمنظمات الخيرية المحلية والدولية، ومنظمات أصحاب العمل والعمال، المؤسسات الدينية، المؤسسات الخاصة.

ومن أهم ملامح هذا النوع من التعليم تعدد الجهات الموفرة لهذا النوع من التعليم وفق الأهداف والمصالح المختلفة، واختلاف مدة الدورات الموفرة منهاج خاص لكل مؤسسة وشهادات معترف بها بشكل جزئي، ويعتبر التعليم شبه الرسمي مكملاً أساسيا للتعليم الدراسي في أي دولة .

أما التعليم المستمر: فإنه يشكل عنصراً رئيساً في التعامل مع عملية التغيير الاقتصادية والاجتماعية وبذلك يكون مجال تربوي بحد ذاته… يبني التعليم المستمر على المعرفة والمهارات والخبرة المسبقة للأفراد ويهدف إلى تحقيق الاحتياجات الفردية والمهنية والاجتماعية وتختلف برامج التعليم من حيث مدتها ويقوم بتقديم خدمات تعليمية مختلفة بما فيها الجامعات المختلفة.
الواقع العددي للتعليم في فلسطين:
ملاحظات مهمة عدد الطالبات اكثر من عدد الطلاب وتكاد تصل الى 56% وكذلك عدد المعلمات اكثر من عدد المعلمين اذ وصلت النسبة الى ما يقارب 60% وايضا ارتفاع نسبة الحاصلين على مؤهل اعلى من بكالوريس الى 7.7%.

بلغ عدد المدارس في الأراضي الفلسطينية 2856 مدارس بواقع 2144 مدرسة في المحافظات الشمالية (الضفة الغربية) و712 في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة)، حيث بلغ عدد المدارس التي تشرف عليها الحكومة 2095 مدرسة و349 تشرف عليها وكالة الغوث الدولية و412 يشرف عليها القطاع الأهلي والخاص.
كما أشارت النتائج أن هناك 3 مدارس فقط في الضفة الغربية تداوم في الفترة المسائية، بينما حوالي 237 مدرسة في قطاع غزة تداوم في الفترة المسائية.
وكذلك بينت النتائج الإحصائية أن هناك 1171596 طالباً وطالبة ملتحقون في كافة مدارس الوطن، بواقع 684699 طالباً/ة في الضفة الغربية و486897 طالباً/ة في قطاع غزة. وبالنظر إلى توزيع الطلبة حسب جهات الإشراف؛ أظهرت النتائج أن 772929 من الطلبة ملتحقون بالمدارس الحكومية، 288515 ملتحقون بمدارس وكالة الغوث الدولية، و110152 في المدارس الخاصة، علماً بأن النتائج أظهرت كذلك أن مدارس الحكومة بغزة 230236 والوكالة 238489 أي حوالي 49% من طلبة قطاع غزة ملتحقون في مدارس وكالة الغوث الدولية.
كما أشارت النتائج أيضاً إلى أن نسبة الطالبات الإناث تشكل 50.4% من مجموع الطلبة في كافة المراحل، لترتفع هذه النسبة إلى 55.7 % في المرحلة الثانوية من مجموع طلاب المرحلة الثانوية.
كذلك أشارت النتائج إلى وجود 65175 معلماً/ة في الأراضي الفلسطينية بواقع 42069 معلماً/ة في الضفة، و23106 في قطاع غزة، وكانت نسبة المعلمات الإناث تشكل حوالي 59.8% من المجموع العام. كذلك أشارت النتائج أيضا إلى ان نسبة المعلمين/ات من حملة الدبلوم المتوسط فما دون بلغت 13.9%، و 78.4% من حملة شهادة البكالوريوس، و 7.7% يحملون شهادات عليا (دبلوم عال فأعلى).

وحول أهم المشاكل التي يواجهها التعليم تكمن في : الازدحام والتسرب لأسباب اقتصادية- الفقر، مشاكل أسرية، عادات وتقاليد، ضعف الطالب وتأخره .

وبعد كل ما تقدم أعلاه , لا تزال هناك العديد من التدابير والإجراءات الواجب على السلطة اتخاذها لأعمال الحق في التعليم على المستوى الوطني بالشكل الأمثل وإزالة الأشكال التي تمس الحق في التعليم منها ضرورة تعميم مرحلة التربية قبل المدرسة – مرحلة الطفولة المبكرة (رياض الأطفال) والعمل على إدماجها في البنية التعليمية، وتطوير نظام متكامل للتعليم المهني في مجالاته المختلفة بالمساواة بين الجنسين ، ضرورة تحسين جودة التعليم بمختلف مراحله واستخدام التقنية في التربية وتوفير المكتبات والمختبرات والمرافق الترفيهية ، وضرورة توفير الموارد والتمويل اللازم لدمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، وضرورة توفير العدد الكافي من المدرسين بما يتناسب مع الكثافة الطلابية في الصف وتحسين أساليب التدريس على وجه الخصوص، وضرورة الالتزام بمبدأ مجانية التعليم وعدم فرض الرسوم الإجبارية وإلغاء جميع التبرعات الاختيارية، وزيادة الموارد المالية المخصصة في الموازنة العامة لقطاع التربية والتعليم العالي وبشكل خاص النفقات التطويرية.

الدكتور حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version