رسالة لحكامنا العرب امريكا تغدر بكم كتب د.جمال أبو نحل

إن تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية تاريخ حافل بالغدر والخيانة لأصدقائها، لأن السياسة الخارجية الأمريكية قامت على أنه لا صداقات دائمة ولا عدوات دائمة مع أحد وإنما هي حسب المصالح تكون العلاقة دائمة؛ والمعيار الأمريكي في التعامل هو المصلحة فقط؛ ولا مكان لحقوق الإنسان أو التعامل بالأخلاق الحسنة لمن تعاون معهم أو حتي مكافأة نهاية الخدمة؛ فليست واردة عندهم، فالغدر شيمتُهم، وهي سرعان ما تتخلي عنهم عندما تستنفذ منهم كل ما تريدهُ، وتعمل على الإطاحة بهم؛ فلقد تخلت عن الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف وباعته بثمنٍ بخس دراهم معدودات وكانت فيهِ وفي غيرهِ من الزاهدين والمضحين؛ مع العلم أنه كان خادمًا مطيعًا لهم وجعل من الأراضي الباكستانية جسرًا للانقضاض على جارتها المسلمة أفغانستان؛ ومن خلال الألة الإعلامية الأمريكية الشيطانية تستطيع تحويل الملائكة إلى شياطين، وقلب الحقائق من أجل أن تنهي حاكمًا وتأتي بحاكمٍ آخر؛؛؛ ولقد غدرت بالكثير من الحكام والرؤساء العرب والعجم؛ ومن الحكام الذين ضحت بهم الولايات المتحدة وغدرت بهم، إدوارد شيفارد نادزه رئيس جورجيا السابق، وسوهارتو رئيس إندونيسيا، وبنوشيه ديكتاتور شيلي، وباتيستا دكتاتور كوبا، وموبوتو رئيس الكونغو، ورئيس هايتي جان أريستيد وكذلك حاكم قرغيستان عسكر آكاييف، وسياسة أمريكا أن الحاكم كعود الكبريت يستخدم لمرة واحدة تم ينتهي بالنسبة لهم وخاصة إن كان هذا الحاكم لا يستمد قوتهُ من شعبه وليس له حاضنة شعبية من حوله؛؛؛ ولو جئنا إلى الحكام العرب لوجدنا أن التاريخ وكأنهُ يعيد نفسه اليوم فالولايات المتحدة وربيبتها الصهيونية العالمية لا تعرف معني للأخلاق ولا للقيم أو المبادئ؛ كل ما يهمهم مصلحتهم ومصلحة الكيان المسخ (إسرائيل) وما عدا ذلك لا يُهمهم إن داسوا فوق أجساد الأخرين بل سحقوهم وقتلوهم بعدما يكونوا قد أخذوا مصلحتهم منهم وسرعان ما يتحولون ويتلونون من لون إلى أخر حسب المصلحة؛ فهم قوٌم كالريح حيثما لهم مصلحة يميلون ويقتلعون في طريقهم كل من خالفهم أو انتهت المنفعة منهم؛ وحال الحكام العرب مع الشعوب اليوم كما قال بعض الأدباء:” يا صاحب السعادة لِمَ تَرْضَى أن أكون صاحب الشقاء؟ وأنا وأنت نَبْتَتَان مِنْ أيكة آدم نَمَتا في ثرى النيل، ولكن مغرسك لحسن حظك كان أقرب إلى الماء، ومغرسي لسوء حظي كان أقرب إلى الصحراء، فشبعت أنت وارتويت، على قدر ما هزلت أنا وذويت؛ فهيهات أن يكون في الأرض إيمان ما دام في الأرض فقر؛ وكل ثورة في تاريخ الأمم، وكل جريمة في حياة الأفراد إنما تَمُتُ، بسببٍ قريبٍ أو بعيدٍ إلى الجوع، وهذا ما سبب ثورة الربيع العربي بسبب البطالة والفقر والجوع والظلم؛ والتي ركبت موجتها الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها إسرائيل؛ وبسرعة البرق تخلت الولايات المتحدة عمن كانوا أكبر وأفضل حلفاء لها بالأمس القريب من زعماء وحكام المنطقة، كالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ومعمر القذافي، فقصفوا موكبهُ وقتلوه، وخدعوا الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله وأغروه باحتلال الكويت تم احتلوه بلده وأعدموه، وضحوا بالرئيس اليمين على عبدالله صالح وبالرئيس التونسي زين العابدين بن علي والقائمة تطول!! وكل هذا يدلل بما لا يدع مجالاً للشك بآن سياسة البيت (الأسود) الأبيض هي سياسة الغدر؛ ويجب على الزعماء العرب عدم الوثوق بواشنطن مطلقًا؛ فلقد كان الرئيس حسني مبارك الحليف الأكبر والأهم لواشنطن في الشرق الأوسط لسنوات طويلة، ومع ذلك فلم يحترم الأمريكان هذا الأمر وأسهموا في الإطاحة به بصورة مهينة؛ أما القذافي فقد تخلى عن برنامج تطوير الأسلحة غير التقليدية، وحارب الإرهاب، وتعاون مع الغرب وكان شرطيًا أمينا لهم على البحر المتوسط، ومع ذلك فلم يعرفوا له هذا الجميل، وقادوا حملة الإطاحة به، وأسهمت أمريكا في عثور الثوار الليبيين عليه بشكل أو بآخر وقتلوه.؛؛ وها هي رسالتي إلى الحكام العرب الذين يحاولون التطبيع مع اليهود بحجة محاربة خطر إيران!! نصيحتي أن ينتبهوا فاليهود وأمريكا وإيران وجهان لعملة واحدة؛ وها أنتم اليوم ترون بأم أعينكم إيران التي كانت تعتبر ألذ أعداء أمريكا الأن هي في حلف معها وغدًا ستحارب أمريكا حكام الخليج والعرب وتلوح بالعصا الفارسية ضد العرب؛؛ مع قناعتي أن الوضع اليوم قد تغير قليلاً اليوم وذلك من خلال صحوة بعض الحكام العرب الجدد، ومعرفتهم بالخطر المحذق بهم وبشعوبهم، ولذا على الولايات المتحدة أن لا تنتظر من الزعماء العرب أن يقفوا مكتوفي الأيدي حتي يصل قطار الربيع العربي الأمريكي الصهيوني المشبوه، فيدهسهم ويقطع رقابهم؛ لأن أمريكا تريد حكامًا جدد حسب المقاس والطلب الصهيوني وخصوصًا بعدما أفاق الزعماء العرب على هول الصدمة التي روعتهم وأفقدتهم صوابهم، وبدأ العرب يبحثون عن حليف آخر يقدم لهم يد العون ويوفر لهم الاستقرار ولكنه مخطئٌ من يعتقد منهم أن إسرائيل ستحميهم من غدر أمريكا لأنهم في الهواء سواء لا فرق بينهم فالصهيونية وأمريكا لا فرق بينهما؛ ومن يظن منهم أن العداء بين إيران فارس واليهود هو عداء حقيقي يكون واهمًا؛ بل هو عداء في وسائل الإعلام فقط لذر الرماد في العيون، ويكون ذلك الحاكم العربي لم يقرأ التاريخ الإسلامي ولا أحاديث النبي صل الله عليه وسلم، والذي أخبر بأن الأعور الدجال يتبعه سبعون ألفًا من يهود إيران وهم الأن موجودين فيها؛ ولتعلموا أن الأعور الدجال لآخر الزمان جيشهُ من يهود أصفهان في إيران؛ فلا تغريكم العبارات والخطب الرنانة بين اليهود وإيران؛ بل هناك حبٌ وعناق، ولكن من وراء الجدار ومن خلف الستار؛ وإن بعض دول الخليج تكون قد أخطأت خطئاً مركزيًا واستراتيجيًا إن سعت لتوطيد علاقاتها بإسرائيل، كما يقول أحد الكتاب اليهود ويدعي أنها فعلت ذلك بسرية تامة حتى لا تثير شعوبها وتجعلها تنتفض عليها؛ وهنا لابد من أن تكون للحكام العرب رسالة صادقة من شغاف القلب لشعوبهم، وهي أن يكونوا عند حسن ظن شعوبهم ويقدمون لشعبهم كل وسائل الراحة والأمان وليعلموا بأن أمريكا لا عزيز لديها ولا صديق لها، وهذه هي السياسة التي يعرجون عليها رغم التاريخ الطويل الحافل للولايات المتحدة الأمريكية في الغدر بأصدقائها وحلفائها من الحكام وهي تتخلى عنهم بعد استنفاد قدارتهم على القيام بالدور المطلوب منهم وعلى الحكام العرب اليوم أن يتعظوا ممن سبقوهم وإن أي حاكم يتحالف مع الولايات المتحدة على حساب شعبهِ سوف يغدرون به في نهاية المطاف؛ خاصةً إن لم تكن لهذا الحاكم أو الزعيم قاعدة شعبية جماهيرية تحبهُ وتحميه؛ ولقد وقع معظم الحكام العرب في خطأ تاريخي حينما ظنوا ولو للحظة أن أي قوة عظمى ممكن أن تضمن له الاستمرار في السلطة وتحميه بل تريد من الحكام العرب أن يكونوا مطية وسرعان ما ينقضون عهودهم معهم ويتركوهم عند أقرب منعطف ليواجهوا مصيرهم لوحدهم وليس هذا فحسب؛ بل يساعدوا على قتلهم وإزاحتهم عن كرسي الحكم ليأتوا بأخرين بدلاً عنهم؛ فعلي حكام العرب اليوم واجب ومهمة كبيرة أن يلملموا جراحهم وأن يوحدوا صفوفهم ليكونوا قوةً عربية وجيشًا موحدًا واقتصادًا واحدًا وهمًا قوميًا واحدًا والالتفاف حول الجماهير والشعوب من أجل مواجهة التحديات الكبيرة المحيطة بأمتنا العربية من كل حدبٍ وصوب.

الكاتب الصحفي المفكر والمحلل السياسي

الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version