المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

نفي النفي الاخواني كتب عمر حلمي الغول

درج عدد من المراقبين السياسيين والاعلاميين لاستخدام مصطلح “البديل” في محاكاة المشهد الفلسطيني، اثناء التعرض لدور فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين. مثل هذا الاستخدام يحتاج للتدقيق، لانه يتنافى مع برنامج ورؤية حركة حماس، التي لا تؤمن بالشراكة السياسية، رغم انها “تدعي” زورا وبهتانا ب”الرغبة” في الشراكة. لكن الوقائع العملية والبرنامج الناظم لتوجهاتها، يؤكد عكس ذلك. لانها تريد، وتعمل على نفي الكل الوطني، التاريخ والهوية والشخصية الوطنية. وتعمل على إحلال الذات الاخوانية، التي لا تؤمن بالوطنية اوالقومية العربية، على حساب منظمة التحرير والحركة الوطنية.

ومن يعود لما صرح به محمد مهدي عاكف، مرشد الاخوان المسلمين المصري الاسبق، الذي قال ” ان اخواني اندونسي او ماليزي اهم من مصر الدولة والوطن..!” يدرك حقيقة مواقف الجماعة بكل فروعها. وما نطق به المرشد الاسبق ليس عفويا او هفوة لغوية او جملة سقطت سهوا دون إدراك ابعادها ودلالاتها السياسية والفكرية. بل عكس موقف التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، الذي يرفض خيار الدولة الوطنية من حيث المبدأ، ويسعى لبناء الخلافة الاسلامية الشمولية الاممية. لان الناظم لها، هو نشر الدعوة الاسلامية دون التمسك بالارض، على اعتبار، ان الارض، هي وقف اسلامي، وملك لله. وبالتالي، مسألة الدولة الوطنية والحدود، من وجهة نظر الاخوان ليست سوى بدعة. كما ترفض الدساتير الوضعية ومبدأ الديمقراطية وغيرها من ركائز الدولة الحديثة.

عطفا على ما تقدم، ترفض النضال الوطني بكل اشكاله وتجلياته. وما دخول فروع الجماعة في المعارك السياسية، التي تشهدها شعوب الامة العربية، ليس سوى الممر الاجباري لتنظيم الاخوان المسلمين للانقاض في لحظة سياسية محددة على موروث الشعوب الوطني والقومي. ومن تابع سياسة حكم الجماعة في مصر خلال يونيو 2012 الى يونيو 2013، لاحظ جيدا، ان الرئيس المخلوع مرسي ومكتب الارشاد، وكما اكد ذلك قادة من مكتب الارشاد، مثل المرشد السابق محمد حبيب وكمال الهلباوي وغيرهم ممن احتلوا مواقع قيادية، ان الاخوان يريدوا تقسيم مصر الى خمس دويلات، ونفس الشيء في سوريا والعراق وليبيا واليمن وتونس، وحدث ولا حرج عن اخوان فلسطين (حركة حماس) التي شكلت رأس حربة لخيار الجماعة الدولية، حيث إنقضت على محافظات الجنوب الفلسطيني عبر إنقلابها الاسود. رغم انها، كانت تقود حكومة الوحدة الوطنية برئاسة اسماعيل هنية، ولها الاغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني. وما زالت تؤكد خيارها التمزيقي للنسيج الوطني والاجتماعي والثقافي الفلسطيني.

للاسف يذهب البعض من المراقبين، للقول، ان حركة فتح “لم تسمح لهم بالحكم”، مما دفعهم لخيار الانقلاب. وهذه قراءة جزئية تفصيلية، فيها تغييب للخلفية الاستراتيجية لمعتقدات جماعة الاخوان، التي ترفض القسمة على اي شراكة سياسية مع اي قوة وطنية او حتى إسلامية مثل الجهاد او غيرها. ومن يعود للخلف قليلا لوجود حماس في المشهد السياسي الفلسطيني في الانتفاضة الكبرى، عندما رفضت إصدار اي نداء مشترك مع القيادة الوطنية الموحدة، ورفضت الاشتراك باي فعالية وطنية، لانها، جاءت، لا تكون بديلا عن منظمة التحرير، بل لنفي الوطنية الفلسطينية، وفرض اجندة الاخوان المتناقضة والمعادية للهوية الوطنية.

إذا إستخدام مصطلح “البديل” لا ينسجم مع خيار حركة الانقلاب الاسود الحمساوية. والمفهوم الواقعي، هو، ممارسة النفي الكلي للتاريخ الوطني. وإحلال تاريخ الجماعة الاخوانية على حساب تاريخ الكفاح الوطني العظيم. وهو ما ينسجم مع المخطط الاستراتيجي الاسرائيلي الاميركي، الذي يريد تمزيق وتصفية الدولة الوطنية والهوية القومية للعرب، وضرب الكفاح التحرري، وخلق المناخ لبناء الشرق الاوسط الجديد، الذي يهدف لاعادة تمزيق وتقسيم الدول العربية على اساس ديني وطائفي ومذهبي واثني. الامر الذي يتطلب من فصائل العمل الوطني وصناع الرأي العام في فلسطين وشعوب الامة العربية، إعادة نظر في إستخدام مفهوم “البديل”، ومن ثم اعادة نظر في قراءة العلاقة مع فروع الجماعة بشكل علمي.

مفهوم البديل ينطبق على فصائل العمل الوطني، التي قبلت وتقبل التداول السلمي للسلطة، بغض النظر عن اية ملاحظات لها، ارتباطا بالقناعة الراسخة والايمان العميق في اوساطها بالتاريخ والهوية الوطنية والقومية العربية.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

Exit mobile version