رهام دوابشة.. ميلاد أخير مسكون بالوجع

شادي جرارعة
لم تكن طالبات مدرسة جوريش الثانوية للبنات، يعلمن أن احتفالهن بيوم ميلاد معلمتهن رهام دوابشة يوم أمس الأحد، سيكون آخر الأعياد لعمر حافل ‘على صغره’ بالتفاني والعطاء اللامتناهي والحب الذي لا ينضب.
رهام.. الأم والمربية التي أحرق المستوطنون جسدها وجسدي ولديها وزوجها في ليلة سوداء بمنزلهما في قرية دوما جنوب نابلس، بالأمس فقط أنهت ربيع عمرها الـ 27..، أنهته على عجل ودونما استئذان، سوى ان غريزة الأمومة أخبرتها أن مهجة القلب، إبنها الأصغر علي، لم يعد يتناول وجبة الحليب، وان دُرة الروح، ابنها البكر أحمد، دائم السؤال عنها.. وأن رفيق الدرب سعد لا بد انه قلق على كل هذا الغياب!!
بالقطع، لم يخطر للأم الفلسطينية التي التهمت النيران والكبريت المشتعل جسدها وأحال معظمه الى ما يشبه ‘الفحم’ – لم يخطر ببالها، حتى في أكثر الكوابيس وحشية، أن عائلتها ستقضي هكذا في ‘حفلة شواء’ لهمجيين مسلحين بأنياب العنصرية.
‘كان الأمل كبيرا بعودتها الى مدرستها وبين طالباتها، وأدواتها الهندسية ومجلة الحائط التي تشرف عليها، لكن الأمل تبدد بعد ان أعلن عن وفاتها’ قالت إحدى طالباتها شرين فهد، بينما كانت تقف بين عدد من الطالبات اللواتي ينتظرن وصول جثمان معلمتهن الى مسقط رأسها دوما. ‘كان من المفروض ان نستقبلها على أبواب مدرستنا ونحتفل بعودتها لنا بعد العطلة الصيفية، إلا أننا نودعها اليوم جسدا لكن روحها تسكن فينا’ أضافت شرين وغرقت في الدموع.
خبر وفاة المعلمة رهام شكل صدمة كبيرة لطالبات المدرسة بعد ان احتفلن بعيد مولدها أمس، وكتبن لها وجمعن صورا لها وأخذن ينشدن الذكريات معا قرب لوحة الحائط التي تحمل اسمها.
ذكريات الطفولة وشقاوتها لم تغيب عن حسنيه دوابشة صديقة طفولة رهام، التي قالت: ‘كنا دائما معا منذ الطفولة، رهام شخصية محبوبه لدى الجميع واعتبرها اختي وصديقتي.. كنا نتحدث في أغلب لقائتنا عن طفولتنا وما كنا نفعله’. وتشير الى ان آخر لقاء بينهما كان ليلة الحادثة المشؤومة، حيث استرجعن الذكريات على فراش واحد وعلى ذات الوسادة.. وذات الأحلام. ‘غابت اليوم رهام وتبددت أحلامي معها’ قالت حسنة.
وكان قد أعلن عن وفاة رهام دوابشة (27 عاما)، متأثرة بحروق وجروح أصيبت بها، جراء نار اشعلها مستوطنون في منزلها بقرية دوما جنوب نابلس في اليوم الأخير من تموز الماضي.
ويقول سكان دوما انهم يعيشون ‘هاجس الخوف’ من حدوث اعتداءات جديدة بعد إحراق منزل أسرة دوابشة الذي كان آخر حلقة في سلسلة طويلة من الجرائم المماثلة التي نادرا ما يعاقب مقترفوها.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version