المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 13 ايلول 2015

صحف

اسرائيل والولايات المتحدة بدأتا الاستعداد لليوم التالي للاتفاق النووي

كتبت صحيفة “هآرتس” انه من دون اعلان رسمي، وعلى مستوى منخفض، وبشكل غير رسمي، بدأت اسرائيل والولايات المتحدة، في الأسابيع الأخيرة، بإجراء حوار سياسي – امني حول اليوم التالي للاتفاق النووي مع ايران. وقال مسؤولون كبار في الحكومتين الاسرائيلية والامريكية ان الاتصالات تجري على مستويات العمل فقط، ومن المتوقع ان تنتقل خلال الأسابيع القريبة الى المستويات السياسية الرفيعة في البلدين.

ويشار الى ان نتنياهو وصل قبل عشرة أيام الى وزارة الخارجية الاسرائيلية، بصفته وزير الخارجية، ايضا، للاحتفال مع طاقمها بحلول فترة الأعياد العبرية. وقبل الحفل اجتمع مع اعضاء ادارة الوزارة ورد على تساؤلاتهم. وقام نائب المدير العام للوزارة جيرمي يسسخاروف، وهو احد الموظفين الكبار الذين ينشغلون في مسألة المشروع النووي الايراني، بتوجيه سؤال الى نتنياهو، يمكن اعتباره بمثابة توصية أيضا، في ضوء اقتراب الرئيس الامريكي اوباما من الحصول على الكتلة الحاسمة في مجلس الشيوخ. وسأل يسسخاروف: “ألم يحن الوقت لبدء حوار مع الامريكيين حول المقابل الذي ستحصل عليه إسرائيل في اعقاب الاتفاق النووي؟”.

وكان نتنياهو قد رفض في السابق اقتراحين امريكيين طرحهما عليه الرئيس براك اوباما خلال محادثتين هاتفيتين في الثاني من نيسان وفي 14 تموز، ببدء حوار بين الجانبين حول تطوير قدرات الجيش الاسرائيلي استعدادا لما بعد الاتفاق النووي. وقرر نتنياهو تركيز جهوده على محاولة احباط الاتفاق في الكونغرس، وقاد على مدار الاشهر الماضية، مع سفيره لدى واشنطن رون دريمر واللوبي اليهودي “آيباك” والحزب الجمهوري، حملة ضد الاتفاق. لكنه ردا على تساؤل يسسخاروف وفر نتنياهو لموظفي الخارجية جوابا، طمأن العديد منهم، حيث قال: “سنبدأ هذه المحادثات مباشرة بعد ان يتضح لنا مرور الاتفاق في الكونغرس”.

عمليا، بدأ الحوار بين اسرائيل والولايات المتحدة حول ما بعد الاتفاق، بشكل غير رسمي، قبل اربعة ايام من ذلك اللقاء في وزارة الخارجية، حيث وصل في حينه الى اسرائيل نائب وزير المالية الامريكي لشؤون الاستخبارات والارهاب، ادم زوبين، المسؤول الامريكي عن العقوبات ضد ايران. ورغم ان اسرائيل وواشنطن وصفتا المحادثات التي اجراها زوبين في اسرائيل بأنها “محادثات جارية”، الا ان مسؤولين في الجانبين يدعون انها تدحرجت بشكل طبيعي نحو محادثات “اليوم التالي” للاتفاق النووي، وللتعاون الامني والسياسي والاستخباري المستقبلي بين البلدين ضد ايران.

وقال مسؤول امريكي رفيع انه “عندما اتضح في الايام الأخيرة ان الاتفاق سيجتاز الانتقادات في الكونغرس، لم يعد من الممكن عزل المحادثات التي اجريناها مع الإسرائيليين عن “اليوم التالي”. لا حاجة لأن يكون هناك أي بيان كبير حول كوننا بدأنا المحادثات. فهذا بكل بساطة يحدث بشكل طبيعي”.

وعلم ان زوبين عرض خلال زيارته الى إسرائيل على المسؤولين في الخارجية وطاقم الأمن القومي في ديوان رئيس الحكومة، واجهزة الاستخبارات، الافكار الامريكية للعقوبات الاخرى التي يمكن تفعيلها ضد ايران في قضايا لا ترتبط بالمشروع النووي، كدعم الارهاب. واطلع زوبين نظرائه في اسرائيل على الخطوات الاولية التي تنوي واشنطن اتخاذها ضد مسؤولين في حماس وحزب الله، المسؤولين عن تحويل الاموال من ايران او الذين يحافظون على اتصال مع الايرانيين بهدف الاعداد لعمليات ضد اسرائيل. وبالفعل، تم بعد عدة ايام نشر اعلان رسمي حول فرض عقوبات على سمير قنطار من حزب الله، ورئيس الذراع العسكري لحماس محمد ضيف وغيره من المسؤولين في التنظيم.

وتواصلت خلال الاسبوع الماضي، ايضا، الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول اليوم التالي للاتفاق مع ايران. وسافر جيرمي يسسخاروف الى واشنطن لإجراء محادثات تركزت في غالبيتها على الموضوع الايراني والتعاون الامني بين اسرائيل والولايات المتحدة. ومن بين الذين التقاهم كان مساعد وزير الخارجية الامريكي للشؤون السياسية والامنية، بونيت تالوور. وقال مسؤول امريكي رفيع ان احدى القضايا المركزية التي ناقشاها كانت المساعدات الامريكية لتطوير قدرات الجيش الاسرائيلي وضمان تفوقه النوعي على الجيوش الاخرى في الشرق الأوسط. ومن المتوقع خلال الأسابيع القريبة تسريع الاتصالات بين الجانبين، ونقلها الى المستوى السياسي الرفيع. وفي نهاية الشهر سيلتقي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وزير الخارجية جون كيري على هامش الاجتماع العام للجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي منتصف تشرين الاول يتوقع وصول وزير الأمن يعلون الى واشنطن لإجراء محادثات مع نظيره اشتون كارتر حول صفقة المساعدات الامنية لإسرائيل.

وستكون كل هذه اللقاءات بمثابة تمهيد للقاء القمة الذي سيجري في بداية الأسبوع الثاني من تشرين الثاني بين اوباما ونتنياهو في واشنطن. وسيصل نتنياهو الى هناك في الثامن من تشرين الثاني لإلقاء خطاب في مؤتمر الكونفدرالية اليهودية في امريكا الشمالية. وقال الناطق بلسان البيت الابيض جوش ارنست، يوم الجمعة، انه يتوقع ان يتم خلال الزيارة لقاء بين اوباما ونتنياهو. كما اعلن اوباما يوم الخميس في رسالة تم بثها خلال مؤتمر للحاخامات اليهود في الولايات المتحدة انه يرغب بلقاء نتنياهو. وقال ان “المشاورات بيننا وبين الجهات الاستخبارية والامنية الاسرائيلية بدأت وآمل ان اتمكن من مناقشتها مطولا مع نتنياهو”.

اصابة 13 فلسطينية خلال مواجهات مع المستوطنين والشرطة في سلوان

كتبت “هآرتس” ان 13 فلسطينيا، بينهم اطفال، واربعة افراد شرطة، اصيبوا بجراح طفيفة، خلال مواجهة عنيفة وقعت في نهاية الأسبوع المنصرم بين المستوطنين والفلسطينيين في بلدة سلون في القدس الشرقية. ووقعت المواجهة على خلفية استيطان عشرات المستوطنين اليهود الجدد في البلدة، بعد نجاح جمعية المستوطنين “عطيرت كوهانيم” بالاستيلاء على منزل عائلة “ابو ناب” المجاور لبيت آخر للمستوطنين يحمل اسم “بيت العسل”.

ويدعي الفلسطينيون انه منذ دخول المستوطنين ازداد التوتر في البلدة، ويوم الجمعة قام احد المستوطنين بدفع طفل فلسطيني في العاشرة من عمره، فوصل الى المكان عدد من السكان ووقعت مواجهة مع المستوطنين اليهود. ولما وصلت قوة من الشرطة الى المكان تعرضت للرشق بالحجارة فقام افرادها بإطلاق قنابل الغاز والصدمات. واصيب غالبية المصابين الفلسطينيين جراء رشهم بغاز الفلفل من قبل المستوطنين.

وقامت الشرطة بفرض حظر التجول في الحي ومنعت السكان من مغادرة بيوتهم طوال ثلاث ساعات. ويوم امس تظاهر حوالي 100 فلسطيني مع مجموعة من اليساريين اليهود في الحي. ويدعي المستوطنون ان سكان عمارة ابو ناب اخلوها مقابل ثمن. وكانت “عطيريت كوهنيم” قد ادارت اجراءات قضائية ضد سكان البناية طوال عشرين سنة بادعاء انها ورثتها عن اصحابها اليهود اليمنيين الذين بنوها في الحي في مطلع القرن العشرين وحولوها الى كنيس.

فروشوار يهاجم قرار رفع العلم الفلسطيني في الامم المتحدة

كتبت “يسرائيل هيوم” ان السفير الاسرائيلي المنتهية ولايته لدى الأمم المتحدة، رون فروشوار، هاجم قرار الجمعية العامة رفع العلم الفلسطيني في المؤسسة الدولية، ووصفه بأنه “نزوة فلسطينية ويعني بأنه سيتم الى جانب العلم الفلسطيني رفع راية بيضاء تمثل الاستسلام للعربدة والشعبوية”. وقال: “كما يبدو فان حياة الإسرائيليين والفلسطينيين ستبقى كما هي حتى اذا تم رفع هذا العلم او ذاك. لقد ادمنتم الانشغال المهووس في الصراع واذا رغب الفلسطينيون فانه يمكنهم تمرير قرار في الجمعية العامة يقول ان الكرة الأرضية مسطحة”.

إسرائيل وواشنطن تواصلان تطوير “العصا اسلحرية”

نقلت “يسرائيل هيوم” عن ضابط رفيع في الولايات المتحدة قوله انه من المتوقع ان تتوصل إسرائيل والولايات المتحدة خلال عدة اسابيع الى مسودة اتفاق بشأن التعاون المشترك لمنظومة الدفاع الجوي “العصا السحرية” التي تم تطويرها بالتعاون بين البلدين. وقال الضابط لوكالة رويترز ان الاتصالات والمفاوضات تتواصل بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن هذه المنظومة التي اجتازت العام الماضي سلسلة من التجارب ويتوقع ان يتم تحويلها الى الجيش في العام القادم. وتشرف على تطوير المنظومة في اسرائيل شركة “رفائيل”. وتستهدف هذه المنظومة الصواريخ ذات المدى المتوسط (بين 100 – 200 كلم).

مقالات

انشاء الحدو

يكتب عاموس هرئيل في “هآرتس” انه حتى بعد تحرر نتنياهو قليلا من صراعه ضد النووي الايراني، فانه ستتبقى لديه مسألة امنية ملحة تحتاج الى رد. وبينما كان فشل الحملة التي قادها نتنياهو في الكونغرس ضد الاتفاق النووي، نتيجة متوقعة، تنبع من تفوق قوى اكبر منه – ادارة اوباما، والمجتمع الدولي كله، فان الرد الاسرائيلي على ما يمكن ان يحدث في السنوات القادمة على حدودها يتعلق اولا بها نفسها.

احداث الاشهر الاخيرة تدل، كما يبدو، انه الى جانب المخاطر الامنية التي تناقش غالبا بشكل موسع (ايران واذرعها في المنطقة، وما يحدث على الساحة الفلسطينية)، فان الاضطراب في العالم العربي من المتوقع ان يؤثر بالتدريج وبشكل متزايد على الوضع الامني هنا. التكهنات التي سمعت هنا قبل عامين وثلاث، والتي تقول انه لا يمكن الحفاظ للابد على “غياب الاستقرار بشكل ثابت” بدأت تتحقق بالتدريج.

حتى اذا كانت اسرائيل لا تزال محمية بشكل نسبي من الاضطرابات الضخمة التي تحدث من حولها، فإنها ستطالب باللجوء الى وسائل اكثر من اجل الدفاع عن مواطنيها وعن حدودها. توجه نتنياهو الاستراتيجي الذي يعتمد على التشكيك الأساسي والتشاؤم العميق ازاء نوايا العرب، يحظى بالدعم، من وجهة نظره، على خلفية التقلبات في الدول العربية. ويبدو انه بالنسبة لنتنياهو فان الواقع لم يتوقف عن تزويده بإثباتات تؤكد تقييماته: ففي موضوع رفض الانسحاب من هضبة الجولان مقابل سلام مع سوريا – كان يمكن لو تم الانسحاب ان يجعل مجانين الدولة الاسلامية (داعش) والقاعدة، وليس جنود الجيش السوري فقط، يغسلون اقدامهم اليوم في مياه بحيرة طبريا. الاصرار على بناء السياج العالي والقوي، وغير القابل للاجتياز تقريبا، على امتداد الحدود المصرية – وهي الفكرة التي تم التعامل معها بسخرية وبتشكك في حينه، وفوق هذا كله التوقعات المتشككة التي صدرت عنه بشأن الاثار السلبية المتوقعة مما سمي في بدايته الربيع العربي.

حتى الآن لا نزال نذكر المؤتمر الصحفي الذي عقده نتنياهو والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل في 2011، عندما كانت الحشود في ميدان التحرير في القاهرة تطالب بانصراف حسني مبارك. لقد وفرت ميركل في حينه ضريبة شفوية في الاطراء على المواطنين المصريين الذين طالبوا بحقوقهم. لكن نتنياهو حذر من ان الاخوان المسلمين سيهجمون من وراء الزاوية. ومن المؤكد ان الشخص المقيم في مرحابيا (نتنياهو) يسال نفسه اليوم، عمن كان محقا في حينه.

رد نتنياهو على التهديدات الجديدة – موجات اللاجئين الذين يتجهون الى الشمال من اليمن، والهرب الجماعي من سوريا، والتنظيمات الاسلامية الجامحة في سيناء – هو في الأساس المزيد من الشيء ذاته، بل الكثير. رؤية نتنياهو، احاطة البلاد بالجدران والسياجات التي تهدف الى منع دخول اللاجئين والارهابيين، تحققت على الحدود المصرية، ومن ثم عبر بناء السياج الجديد على الحدود السورية في هضبة الجولان، والان جاء دور السياج على الحدود الأردنية. السيناريو بشأن انهيار الحكم الهاشمي في الأردن تحت ضغط الارهاب الجهادي السني والاضطرابات المحلية، يعتبر كابوسا بالنسبة للقدس. إسرائيل تستثمر الكثير من الجهود في التنسيق الأمني مع الأردن، ولكن وعلى الرغم من انه لن يقول أحد ذلك على الملأ وبشكل واضح (في كل مرة عندما يتعثر مسؤول اسرائيلي ويطلق توقعات سوداوية بشأن مستقبل الملك عبدالله تبدأ على الفور رقصات طويلة من النفي والاعتذار) الا انه على اسرائيل الاستعداد ايضا لسيناريوهات قاسية، قد يتم خلالها مرة اخرى تفعيل الارهاب ضدها من وراء اطول حدود لها، في الشرق (الاردن).

في الأسبوع الماضي، وفور سيطرة ازمة اللاجئين في اوروبا على اهتمام الرأي العالمي، اعلن نتنياهو عن بدء انشاء السياج على الحدود الشرقية. في هذه المرحلة يجري الحديث عن خطة متواضعة نسبيا: بناء 30 كلم فقط، من ايلات وشمالا، بهدف الدفاع عن المطار الذي يجري انشاؤه في تمناع، على مقربة من الحدود. ولكن يمكن التكهن بثقة انه عندما سيتم لاحقا ايجاد الميزانيات المطلوبة، والمبررات المناسبة، سيتم مواصلة العمل في بناء الجدار شمالا. وقد بدأ العميد عران اوفير بتركيز العمل على الحدود الاردنية.

تتفق رؤية نتنياهو في هذه الحالة مع تقييمات ومخططات الجيش. وخلال النقاشات التي اجريت حول الوثيقة الاستراتيجية للجيش، والتي نشرها رئيس الاركان غادي ايزنكوت، الشهر الماضي، تمت الإشارة الى امكانية التصعيد على الحدود جراء عمليات ارهابية موضعية. والجيش، كما قيل اكثر من مرة، يتخوف الان بشكل اكبر من امكانية حدوث تصعيد غير مخطط، اكثر من تخوفه من اندلاع حرب تبادر اليها احدى الدول المجاورة. ولكن، وعلى الرغم من ان ايزنكوت يركز الان على تطبيق الخطة متعددة السنوات “غدعون”، والتي تحمل تغييرات لهيكل الجيش وحجم قواته، الا انه يتذكر جيدا ما حدث لأحد سابقيه في هذا المنصب، قائد الاركان دان حالوتس، عندما اندلعت حرب لبنان الثانية في 2006. وبصفته تواجد الى جانب حالوتس، كرئيس لشعبة العمليات العسكرية، فقد شاهد ايزنكوت عن كثب ما يحدث للجيش الذي يغرق قائده في الاصلاحات التنظيمية الطموحة، ويتم ضبطه غير مستعد للتحديات العاجلة التي تنزل عليه بشكل مفاجئ. وهذا هو سر وعظ ايزنكوت الدائم للقادة بشأن الحفاظ على مستوى عال من الجاهزية التي يدعمها بسلسلة من التدريبات المفاجئة للجيش.

في الظروف الحالية، تشكل الحدود الطويلة جبهات قابلة للهجمات ومكشوفة بشكل خاص. وقبل ان يتم التصديق على خطة “غدعون” تم القيام بنشاطات لتعزيز الجاهزية العسكرية على الحدود. وقام الجيش بإغلاق او تحويل اهداف بعض الوحدات القتالية ذات الخبرة المعينة، ومنها الكتيبة “النووية والبيولوجية والكيميائية” في سلاح الهندسة، ليقيم بدلا منها كتائب “الأمن الجاري” التي تدمج معا وحدات جمع المعلومات وقوات الرصد في سلاح الاستخبارات مع قوات سلاح المشاة الخفيفة، التي يخدم فيها الرجال والنساء. والى جانبها ستشارك في النشاط على الحدود الأردنية والمصرية، كتائب الانقاذ التابعة للجبهة الداخلية، وهي مختلطة ايضا.

لقد تم تفعيل هذه الصيغة بنجاح، ايضا، على الحدود المصرية بواسطة كتيبة المشاة الخفيفة “كركل”. وفي السنة الاخيرة بدأ تشكيل كتيبتين متشابهتين “برادلس” و”أسود الأردن” على أساس الطراز ذاته: غالبية من النساء المقاتلات الى جانب المقاتلين، وهم عادة من اصحاب التدريج الطبي المنخفض عما تطلبه ألوية المشاة. وسيتم نصب هاتين الكتيبتين على امتداد الحدود الأردنية، بشكل دائم. لقد هدفت هذه الحلول الى تلبية الاحتياجات العسكرية المتزايدة ولتغطية بعض الفجوات.

يشار الى ان الجيش بات مقيدا في تفعيل وحدات الاحتياط للقيام بمهام الأمن الجاري، بسبب قانون الاحتياط وبسبب التكاليف الباهظة لاستدعاء جنود الاحتياط. كما ان تقليص فترة الخدمة العسكرية للرجال بأربعة اشهر، يساهم في تقليص قوات الجيش. يواصل ايزنكوت طريق سابقه بيني غانتس، في التمييز بشكل اكبر بين قدرات ومهام الوحدات الميدانية. ويريد رئيس الاركان توفير فترات تدريب اكبر لوحدات الخط الاول، علما ان هذا النشاط تآكل خلال العقدين الأخيرين بسبب الاحداث الامنية المتواصلة وشحة الميزانيات.

وحدة كركل وامثالها، حتى وان تم نشرها على الخط الاول في الدفاع عن الجنوب والشرق، لن تقف على رأس القوات المهاجمة، وانتشارها على امتداد الحدود الطويلة والهادئة غالبا، يهدف الى تمكين الوية المشاة والمدرعات من الاستعداد بشكل اكبر للحروب القادمة، الصعبة، والتي يمكن ان تندلع مع حماس وحزب الله.

لقد كان الحل المطلوب متوفرا للجيش طوال الوقت، ظاهرا. مرت 20 سنة منذ بدأ الجيش، بتردد وفقط تحت ضغط المحكمة العليا، بفتح بعص وحداته القتالية امام النساء. ومنذ ذلك الوقت يعتبر دمج النساء في دورات الطيران ووحدات المدفعية والدفاع الجوي وغيرها بمثابة قصة نجاح. وهذا التوجه يندمج جيدا في التوجه العام للجمهور الذي يشجع المساواة في الفرص وازالة الحواجز البيروقراطية. ولكن في السطر الأخير، ورغم تعامل الجمهور الجيد، الا ان نسبة النساء اللواتي تم توجيههن مؤخرا الى مهام قتالية كانت صغيرة جدا – فقط نسبة 3% من الجنديات.

الجيش لا يفوت القيمة الهامة الكامنة في النساء المقاتلات. قبل اسبوعين بثت القناة العاشرة شريطا وثائقيا حول النقيب اور بن يهودا، قائدة كتيبة كركل التي اصيبت وامتازت خلال مواجهة مع مهربين في سيناء قبل سنة. وفي الأسبوع الماضي احتل تدريب قتالي لوحدة كركل العنوان الرئيسي لموقع “واينت” والذي اختار لتقريره العنوان الواعد “امام تهديد داعش”. وسائل الاعلام الإسرائيلي تبتلع مثل هذه الحكايات. ويمكن للناطق العسكري ان يزودها بمثلها مرتين اسبوعيا، وستطلب المزيد. ولكنه يمكن للقارئ الساذج ان ينطبع بشكل خاطئ من العنوان الذي يقول ان الجيش يعد خطة سرية طارئة للسيطرة على العريش او الشيخ زويد في سيناء، وان الهجوم يعتمد بشكل اساسي على محاربات كركل الشجاعات. هذا ينطوي على بعض التضليل طبعا.

ان استنساخ كتيبة كركل هو مسألة اضطرارية تحتمها آلام الاختراع. الخطر في الحرب التقليدية امام جيش عربي منظم تقلص جدا منذ بدأت الاضطرابات في الشرق الاوسط، لكن الغطاء العسكري بقي قصيرا امام نوعية التهديدات في المناطق وعلى الحدود. ولذلك فإنها تحتم اختراع حلول جديدة. من الخطير عشق هذا النموذج ونسب قدرات إليه تفوق طاقاته. العقيد بن يهودا ومحاربة أخرى من كركل تميزت في حادث وقع على الحدود في سيناء وقتل خلاله جندي قبل عامين، عملتا بشكل مثير، ولكنه سيبقى من المبالغ فيه توقع نتائج مشابهة في كل مواجهة على الحدود الغربية.

المسالة لا تتعلق بقدرات النساء امام الرجال، وانما بمستوى التدريب والتأهيل والعتاد الذي تحصل عليه قوات المشاة الخفيفة مقارنة بألوية المشاة المخضرمة، ناهيك عن التطوير القيادي طويل المدى، والمعايير العسكرية. مع كل النوايا الحسنة، لا يمكن مقارنة قدرات كركل والكتيبتين الجديدتين الأخريين بقدرات كتائب جبعاتي او ناحل. ربما ليس هناك أي مفر من اضطرار الجيش الى المخاطرة المدروسة هنا، بشأن القوات التي يمكن نشرها اليوم على الحدود التي لا تزال هادئة نسبيا، مقارنة بالتهديدات في الشمال او في غزة.

ومع ذلك من المناسب ان نعود ونذكر ببعض الحقائق المعروفة. تنظيمات الارهاب الجهادي في سيناء بادرت الى عمليتي تسلل الى الاراضي الإسرائيلية (العملية في عين نطافيم التي قتل خلالها ثمانية اسرائيليين في اب 2011، ومحاولة التسلل في منطقة كرم ابو سالم بعد سنة). منذ ذلك الوقت تم تطوير قدرات تلك التنظيمات، والتي اقسم اكبرها “ولاية سيناء” يمين الولاء لداعش قبل حوالي سنة. هذا التنظيم الذي يتمتع كما يبدو، بتمويل سخي، هو المسؤول عن سلسلة الهجمات القوية على قواعد الجيش المصري في شمال سيناء. في نهاية الأسبوع، ادعت السلطات المصرية انها قتلت مؤخرا 98 مسلحا من التنظيم خلال عملية واسعة. لكن السؤال عما اذا كان كل هؤلاء يحملون سلاحا، لا يزال مفتوحا.

في المصطلحات الحسابية، عدد الجنود مقابل عدد الخسائر التي سببها للخصم خلال العامين الاخيرين، من المحتمل ان يكون تنظيم “ولاية سيناء” الصغير نسبيا، هو اقوى ذراع فاعلة لداعش في الشرق الاوسط. الى جانب هذا كله تصارع اسرائيل نقص المعلومات.

التحذيرات بشان العمليات في سيناء قليلة، رغم التعاون الامني الوثيق مع الجيش المصري على امتداد الحدود المشتركة، وضباط شعبة الاستخبارات يجدون صعوبة في رسم الهرم القيادي للتنظيمات الفاعلة في سيناء وقادتها. الحدود مع مصر طويلة بشكل خاص، حوالي 240 كلم، وتقوم على حراستها دوريات صغيرة نسبيا. وبسبب الحجم الكبير للقطاع هناك، فان تفعيل الدبابات والطائرات الحربية او الطائرات بدون طيار يستغرق وقتا اكبر في غياب التحذير المسبق. والجيش يعرف ان هذا كله، وعلى الرغم من التقارير الصحفية التي تثني على الكتائب الجديدة الناشطة هناك، يمكنه ان يشكل وصفة ممكنة للجموح هناك.

بعد اختطاف غلعاد شليط في حزيران 2006، ادعى رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين ان “اخفاقين تكتيكيين للجيش ورطا اسرائيل في حادثين استراتيجيين” (ديسكين قصد ايضا اختطاف جنديي الاحتياط في زرعيت والذي ادى الى اشتعال حرب لبنان الثانية). يمكن التكهن فقط ما الذي سيسببه اختطاف جندي، بل واكثر من ذلك اختطاف جندية على احد الحدود. حجم الضرر الذي سيصيب توجه دمج النساء، الإيجابي بحد ذاته، في الوحدات القتالية سيكون اصغر المشاكل بالنسبة لنا، رغم انه يمكن لكل هذا النموذج ان ينهار كبرج من ورق.

لن تكتب الصحف بتذمر عنوان “وحيدة في اسر داعش”؟ لكن وسائل الاعلام ستسحق هذه الليمونة الحساسة حتى نهايتها، وعلى مدار اشهر طويلة. ومن يعرف التكهن اليوم بالآثار الطويلة المدى التي سيعكسها حادث كهذا على محاربة الارهاب وعلى العلاقات مع مصر والأردن.

امريكا لا تريد الاتفاق، لكن اوباما يريده

يكتب بوعاز بيسموط، في “يسرائيل هيوم” انه بعد اعلان 49% من الامريكيين (حسب استطلاع معهد فين) بأنهم يعارضون الاتفاق النووي مع ايران (فيما ايده 21% فقط)، وبعد ان اعرب 58 عضوا في مجلس الشيوخ (بينهم اربعة ديموقراطيين) عن معارضتهم للاتفاق (الغالبية) لكنهم لم يتمكنوا من التصويت بسبب الانتصار الاجرائي للديموقراطيين في مجلس الشيوخ يوم الخميس، صوت الكونغرس في نهاية الأسبوع بغالبية كبيرة ضد تبني الاتفاق (269 معارضا بينهم 25 ديموقراطيا، مقابل 162). الا ان هذه الغالبية الساحقة كانت تكفي فقط لتحقيق انتصار رمزي لمعارضي الاتفاق. وجاء هذا كله ليثبت لنا حجم الرفض الامريكي للاتفاق، بينما اراده اوباما وانتصر.

الحقيقة هي ان الولايات المتحدة لا تؤمن حقا بإيران، لكن اوباما الذي نجح منذ دخوله الى البيت الأبيض بتقويض اسس الشرق الاوسط، بل ابعد منه، بقي سياسيا يتمتع بحواس حادة ويعرف تماما ما الذي يجب عمله من اجل تمرير الاتفاق في واشنطن على الرغم من المعارضة الكبيرة، التي كان يعرفها. الاتفاق النووي يشكل انتصارا لسياسي وليس لدبلوماسي. صحيح ان اوباما انتصر، لكنه انتصار اجرائي. والتاريخ يعلمنا انه من النادر جدا ان يرفض مجلس الشيوخ مبادرة تطرحها الادارة في مجال السياسة الخارجية. وبالنسبة للاتفاق النووي، لم نكن بعيدين جدا عن رفض تاريخي لو لم يلجأ اوباما الى كل الخطوات المطلوبة: لقد تكهن بشكل صحيح بحيوية تمرير الاتفاق مع الإيرانيين كاتفاق وليس كمعاهدة، لأن المعاهدة كانت ستحتم الحصول على تأييد الثلثين في مجلس الشيوخ (وهي غالبية لا يملكها). كما انه مارس الضغط المطلوب على المنتخبين الديموقراطيين مع اقتراب سنة الانتخابات. وقد اعترف حتى غالبية المؤيدين بأن الاتفاق ليس متكاملا.

والان تبلغنا واشنطن، انه بعد نجاح اوباما بتمرير الاتفاق في بلاده، انتقل الرئيس لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري للكرة الأرضية. وبالمناسبة فهو محق في ذلك لأن درجات الحرارة في الشرق الاوسط متأججة ومساهمته في ذلك ليست صغيرة.

الضباب، الذين وصل إلينا من سوريا في الأيام الأخيرة، قد يكون مجرد تلميح لما سيأتي في المستقبل. لقد استيقظ العالم على الوجود الروسي في الشرق الأوسط، تماما كما كان من قبل. وأمريكا نامت عندما جاء بوتين لإملاء وضع جديد في المنطقة، كما هو الحال في أوكرانيا. هل من الممكن أن الأمريكيين كانوا بحاجة كبيرة للروس من اجل التوصل الى اتفاق مع إيران، الى حد جعلهم ينامون القيلولة على جبهات أخرى؟

تعزيز الوجود الروسي في سوريا ينطوي على تداعيات إقليمية وعالمية بالغة الأهمية، ولا يمكن تجاهلها. الغرب ونحن لم نعد نعمل في سوريا في أجواء مفتوحة. وإذا كان هناك شخص ما لا يفهم ذلك – فقد اهتم الروس بتحويل رسالة واضحة إلى واشنطن مفادها: لا تعبثوا معنا في سوريا. الروس يعودون إلى المنطقة، ايضا، في ظروف أفضل: فالرأي العام العالمي يريد رؤية هزيمة داعش، والروس قدموا لمحاربة داعش (ليس هذا هو السيناريو الأوكراني، فهم في جانب الأخيار)، ولكن الروس لا يعودون لوحدهم: فايران معهم، وقد حصلوا عليها كهدية من الأميركيين. أثر جانبي آخر للاتفاق النووي الذي يثير جنون السعوديين، الذين يضطرون للبحث عن قناة الى طهران وروسيا. اوباما فعلا على حق: يجب معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري على وجه السرعة. ومن المستحسن أن يبدأ لدينا، لأن الأمور تحترق.

موت الجنرال

تكتب سمدار بيري في “يديعوت احرونوت” انه حتى بعد وفاة الجنرال انطوان لحد، سيتواصل النقاش: هل كان بطلا قوميا، كما كان يسمي نفسه؟ جندي مخلص لوطنه لبنان، كما سموه في اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية؟ “عميل للموساد” و”متعاون مع اسرائيل” كما سموه في لبنان، التي حاكمته غيابيا وفرضت عليه السجن المؤبد؟ لقد توفي “الجنرال”، كما سموه في اسرائيل، قبل ثلاثة أيام في باريس، عن 88 عاما، جراء سكتة قلبية. وخططت زوجته منيراف واولاده لتنظيم قداس له في كنيسة فرنسية، ونقل جثمانه الى قريته قطارة في جبال الشوف اللبنانية. واوضح ابناء عائلته انه رغم السنوات الطويلة التي عاشها في إسرائيل، ورغم المخاطر، فانهم يفضلون تنفيذ وصيته الأخيرة. ويوم امس حذر حزب الله من انه “اذا اصروا على نقل جثمانه الى لبنان “فسنقوم بحرق جثة الكلب الخائن في المطار”. وتم فتح صفحة خاصة على الفيسبوك تطالب بمنع دفن لحد في لبنان، وتمتلئ بالشتائم له وتوصي عائلته بعدم خوض مغامرة خطيرة.

مسؤول الموساد السابق اليعزر تسفرير نعى لحد قائلا انه “كان شخصية مميزة، وطني لبناني، ذكي وماكر، عاش سنواته الأخيرة بمرارة”. وقال مسؤول آخر في الموساد تعرف على لحد عندما كان ضابطا في الجيش اللبناني، قبل توطد العلاقات مع الجهات الامنية الاسرائيلية، انه “جنرال شجاع ونبيل، قدم مساهمة كبيرة لأمن لبنان ولأمن دولة اسرائيل”.

لقد بدأت الاتصالات السرية بين لحد واسرائيل في عام 1958، في اواخر سنوات حكم الرئيس اللبناني السابق كميل شمعون. في حينه نقلت اسرائيل شحنات من الأسلحة لدعم نظام شمعون، وكان لحد هو الشخص الذي اشرف على هذه الشحنات. وقدروا في إسرائيل بأن لحد، ابن الطائفة المارونية، سيتسلم منصب قائد اركان الجيش ويصبح رئيسا للبنان. لكن مهمته السرية بالذات عرقلت ذلك ومنعت تعيينه لمنصب القائد العام في 1982.

وكتعويض له اقترحت إسرائيل على لحد في 1984 تعيينه قائدا لجيش لبنان الجنوبي، خلفا لسابقه سعد حداد، الذي توفي جراء اصابته بالسرطان. وقاد لحد الجيش اللبناني طوال 16 سنة، وحظي بدعم السياسيين والضباط ورجال الاستخبارات. وفي 1988 حاولت اللبنانية سهى بشارة اغتياله في بيته في مرجعيون، واصابته بجراح بالغة. وتم نقله للعلاج في مستشفى رمبام في حيفا، وبقيت ذراعه اليمنى مشلولة.

في أيار 2000، كما سبق وروى بمرارة لصحيفة “يديعوت احرونوت”، شجعه رئيس الحكومة ايهود براك على السفر في نزهة الى فرنسا. وكانت هذه هي آخر مرة تدوس فيها اقدامه ارض لبنان. وقال في اللقاء: “لقد نفذت اسرائيل الانسحاب من جنوب لبنان من خلف ظهري، ومن دون ان تطلعني على ذلك”. في 2002، حكم على لحد في المحكمة العسكرية في بيروت، بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة. ومنعت السلطات الفرنسية دخوله الى اراضيها طوال سنوات كي لا تدخل في صراع مع الحكومة اللبنانية. وانتقل لحد للعيش في تل ابيب، وحاول الاندماج في مجال العمل التجاري، وقام بفتح المطعم اللبناني “بيبلوس” في يافا، ومن ثم حوله الى ملهى بطابع ايرلندي، لكنه مني بالفشل تلو الفشل.

في كتابه “في عين العاصفة” (عن منشورات يديعوت) كتب لحد: “لدي بطن مليئة على الجميع”. قبل خمس سنوات تمكن لحد من الانضمام الى عائلته في باريس بعد تدهور حالته الصحية. ويوم امس، طلبت ارملته منيراف عدم كشف موعد ومكان القداس في باريس، والذي سيشارك فيه عدد من الشخصيات الإسرائيلية الرفيعة.

Exit mobile version