عيسى: الثقافة الوطنية تاريخ كفاحي متراكم وقوامه استعادة الوطن

قال الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، “إن شعبنا الفلسطيني يعتبر من أكثر الشعوب ثقافة وطنية، وذلك لأننا بثقافتنا الوطنية وبمعرفتنا الكاملة بموروثنا الثقافي نستطيع محاكاة الجميع”.

وأضاف، “الاحتلال الإسرائيلي سرق جزءا كبيرا من موروثنا الثقافي وعمل على تهويده، وتغيير أسماء الأماكن المقدسة حتى يجد له مكاناً على هذه الأرض، ويثبت للعالم أن هذه الأرض ملك أجداده منذ الاف السنين، خاصة وأنه يمتلك وسائل إعلامية تعمل على تزوير الحقائق، فنحن لانخشي من اندثار تراثنا الوطني بقدر ما نخشى سرقته من قبل الاحتلال الاسرائيلي”.

وأوضح عيسى، “تعتبر الثقافة الوطنية الفلسطينية جزءا لايتجزأ من هوية الشعب الفلسطيني على مر التاريخ والعصور، مما لابد من الإشارة إليه أن بدء ظهور المجلات والملاحق الثقافية في فلسطين يعود إلى عام 1905، حيث الاهتمام بنشر كتابات المثقفين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وفي الشتات، إضافة إلى ما ينتجه الكثير من المثقفين وكبار الكتاب والشعراء والأدباء العرب المناصرين للقضية الفلسطينية”.

ولفت، “تعرف الثقافة الفلسطينية بتاريخ كفاحي متراكم، قوامه استعادة الوطن الذي كان، والبرهنة على أن ما كان قابل للاسترداد، ومع أن التعريف يمر على الأرض التي أورق فيها الحجر، كما قال محمود درويش الشاب، فإنه يبدأ من (القضية) قبل أن يشير إلى المكان المشتهى، ذلك أن معنى الوطن من معنى الإنسان الذي يدافع عنه، وأنّ القضايا الكبيرة جميعَها تبدأ من الإنسان، لا من الأرض أو الحجر”.

وتابع أمين عام نصرة القدس والمقدسات، “صارت فلسطين غذاء الروح والعقل والفكر لأعداد هائلة من الكتاب والشعراء والمفكرين والعلماء، وحطت الرحال بأعداد كبيرة منهم في مدن فلسطين وقراها، في وديانها وقمم جبالها وسهولها وشواطئها، وعلى مر العصور عانت فلسطين من الغزو والإحتلال والحروب، والتقت على أرضها في يوم واحد جيوش دول غريبة عن بعضها البعض، جمعتها أطماع واحلام وطموحات، وتفرقت مهزومة امام صمود الشعب الفلسطيني والمؤمنين من حوله بعروبة فلسطين”.

ونوه د.حنا، “بقيت فلسطين أرضاً ومهداً للديانات والحضارات والتقدم ومنهلا للفكر والعقيدة وقلباً مفتوحاً للتآخي والتسامح والسلام”.

وقال، “وكانت فلسطين أيضا بأرضها وشعبها ودياناتها وثقافتها ملهماً ومنهلا لكبار الكتاب والشعراء والرحالة، كالروس الذين وصل إليها منهم كثير، كتبوا فيها قصائدهم الخالدة ومذكراتهم الشيقة المثيرة، وكتب عنها غيرهم كثر ممن حلموا بها ولم تسعفهم الحياة بزيارتها، منهم: (بوشكين، ليرمونتوف، تولستوي وراسبوتين … الخ)، وكتاب وأدباء من مختلف بلدان أوروبا ومن أسيا وأفريقيا”.

وبين الدكتور حنا عيسى، وهو أستاذ وخبير في القانون الدولي، “في ظل الثقافة الفلسطينية وفي حضنها نشأ أروع وأصدق الشعراء والكتاب من أبنائها، كمحمود درويش وسميح القاسم وإميل حبيبي و عبد الرحيم محمود وتوفيق زياد وغسان كنفاني وابراهيم طوقان وغيرهم الكثير الكثير، ومن المفكرين ايضا الكثير الكثير وليس ادوارد سعيد اولهم او اخرهم، وترجمت أعمالهم الشعرية والنثرية إلى العديد من لغات العالم فأغنوا بها ثقافات تلك الشعوب وعمقوا بها لغة الحوار والسلام”.

وأشار، “الثقافة بمفهومها العام عملية تفكير جماعية، ومنها يبرز أحد أدوار المثقف، الباحث والمجتهد، في الجماعة السياسية، فتدرك الأمة أهميته، وتفهم جانبا من صنعته المرهقة، ونتيجة لذلك تنفتح على جديد الثقافة، وتتقبل بشكل أفضل ما تجريه من تغيير على وعيها بالعموم ووعيها لذاتها بالخصوص”.

وتابع القانوني، “تعرف الثقافة بأنها التراث الفكري الذي تتميز به الأمم عن بعضها البعض بشكل أو بآخر وذلك لما يتمتع به كل مجتمع من خصائص وظروف جغرافية وتاريخية ومناخية وعقائدية، بحيث ثقافة أي مجتمع تعتبر هوية له في التعامل مع الثقافات الاخرى وهي التي تجعله قادر علي الحضور والتواصل مع مختلف البيئات وقابل للتحاور والتماهي مع الثقافات العالمية”.

ونوه، “الثقافة الوطنية هي المعتقدات والقيم والتعبيرات التي هى محصلة ما هو موجود في المجتمع فعلاً، فهي نتاج للواقع الذي يعيشه هذا المجتمع، فهي حقيقة اجتماعية معاشة ومشاهدة، وهي تجمع ولاتفرق وتوحد الناس على حب بلدهم وتعزز الانتماء لهم وعلى التفاني في العمل لرفعته لان رفعته هو رفعة لكل إنسان في المجتمع”.

واستطرد عيسى، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الإتحادية، “المثقف الوطني يتحمل أعباء كبيرة فيما يفسده المجتمع ويعمل على إصلاحها ولايمكن ولا يليق به كمثقف وطني أن يكون نشاذاُ، بل لابد أن يبتعد عن الدعوه للقبلية والمحسوبية وينادي بالقومية الوطنية وحقوق المواطنة التى يتساوى فيها المواطنين جميع دون تمييز، ولا بد أن يكون حديثه ذو أهداف وطنيه ويعمل على إحياء الثقافة الوطنيه حتى لا تكون وليمة للفتن والأطماع الدولية”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version