المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

في نقد عمر بن الخطاب !(1/4) الهدهد

إن مفهوم النقد للسياسات أو الأفكار أو التوجهات لا يعنى قطعا الطعن في ذات الشخص أو عائلته، أو خياراته الشخصية، أو التهجم عليه وفق مرفوضات الحديث الشريف (طعّان ، لعّان، فاحش، بذيء) أبدا، لأن النقد مضمون تركيب جديد للصورة أو الرؤية أو النظرة، أو تبيان لنواقص ومثالب، قد يكون المنقود قد أغفلها أو أهملها، وقد تكون طُغمة الحكم حول الزعيم “السلطان/الرئيس/المدير” أو البِطانة أوذوي المصالح الضيقة قد ضلّلوه ، بل و ربما يكون الشخص القائد أو المسؤول قد وصل فيه الغرور أو النزق و الهوى الى نهايته (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون أهواءهم ، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، ان الله لا يهدي القوم الظالمين – القصص 50) كما اتبع هواه النموذج القرآني الجليّ قبيلة بني اسرائيل العربية اليمنية المنقرضة فيما أشارت له الآيات الكريمة في أكثر من موضع فاستبدّوا ونزّهوا أنفسهم فسقطوا.

النقد ونموذج الهدهد

إن مفهوم النقد يكون لذات الموضوع أو الحالة أو الموقف أو الرأي، ومتى تعداه للطعن في ذات الشخص أو (التنظيم) ككل، أو الجماعة بإطلاق أحكام مطلقة وكليّة مثل التهم بالكفر أو الخيانة أو العهرأو الكذب الكليّ، أو العنصرية، أو……الخ، فان الناقد هنا يكون قد خرج من مساحة النقد الى مساحة أخرى هي ما بين الطعن المعاقب عليه قانونيا، وبين الانزلاق الكلي نحو الهاوية.

نأخذ العبرة في كثير من المجالات من تاريخنا العربي الاسلامي المليء بالايجابيات كما السلبيات و الثغرات (بمعنى أنه تاريخ وتراث قابل للنقد والتصحيح و النظر والحوار و التغيير) ولنا في الأئمة و الصحابة والمجتهدين عِبَر في ذلك كثيرة، كما لنا في تاريخ الأمم الأخرى، بل وفي تاريخنا العربي الفلسطيني ما نحترمه ونقدّره ونجلّه في فهم معنى الاختلاف، وفهم ضرورة النقد وفهم كيف ومتى والى أين يتم توجيه النقد.

يقول الإمام إبن القيم في نقده اللطيف لشيخه (أستاذه) قبل أن يسطّر رأيه المختلف فيما قاله شيخه (مثلي ومثل الشيخ الهروي كمثل الهدهد مع سيدنا سليمان ، حيث وقف الهدهد على باب سيده سليمان ذليلا وهو يستدرك عليه بعض ما نسيه أوأخطأه قائلا “أحطت بما لم تُحط به، وجئتك من سبأ بنبأ يقين ” ، ويبقى الهدهد هو الهدهد وسيدنا سليمان هو النبي و الملك العظيم).

كتب بكر أبو بكر

Exit mobile version