«تيران» التي فضحت «الإخوان» كتب جمد الكعبي

كانت أنظار العالم كافة شاخصة طيلة الأسبوع الماضي باتجاه لقاء الزعيمين العربيين، العاهل السعودي: الملك سلمان، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أرض الكنانة، تلك القمة التي توجت بجملة من المشاريع الحيوية التي تخدم الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه، وعملت على توحيد الصفوف، وقد جاءت جميع الاتفاقيات لتصب في خدمة الإنسان والتنمية وإعمار الأرض بالدرجة الأولى، وستنعكس إيجابياتها على الجانبين الشقيقين، ولعل أبرزها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تضمنت الإعلان عن إقامة «جسر الملك سلمان» الذي سيربط المملكة العربية السعودية بجمهورية مصر العربية براً، ويعد أيضاً الرابط الأول بين قارتي آسيا وأفريقيا.
وأثمرت القمة أيضاً العديد من الاتفاقيات الحيوية الأخرى مثل جامعة سيناء، والتجمعات السكنية، والمشاريع الصحية، والتعاون الزراعي، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وغيرها من اتفاقيات متعلقة بالاقتصاد والثقافة، ومن شأنها أن تعمل أيضاً على تنمية سيناء وإعمارها وتحقيق الاستغلال الأمثل للمساحات الجغرافية والموارد وللأهمية الاستراتيجية لتلك المنطقة، وعدم تركها مرتعاً ومأوى للذئاب البشرية الضالة فكرياً وعقائدياً. ولاشك أن «جسر الملك سلمان» الذي سيكون الرابط بين دولتين وحلقة وصل بين قارتين، سيعود بالمنافع الاقتصادية والاستراتيجية على كلا البلدين، ومن شأنه تذليل كل الصعاب الخاصة بالجغرافيا، كما يعد اختصاراً للمسافة والزمن، وكل هذا يدعم بلاشك الاقتصاد والسياحة، ويمثل رافداً مهماً من الروافد الاقتصادية للمنطقة، لا يقل أهمية عن مشروع قناة السويس الذي حقق مردوداً اقتصادياً ضخماً لمصر والعرب قاطبة. هذا إضافة إلى أنه سيُحدث نقلة نوعية جديدة في علاقات الشراكة والتعاون المتميزة بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، وسيمضي قُدماً بالعلاقات إلى آفاق جديدة، متمنِّين أن يكون «جسر الملك سلمان» سبباً في تحقيق الحلم العربي بانضمام مصر إلى مجلس التعاون الخليجي، وتحقيق التكامل في العلاقات بين الأشقاء العرب.
والحال أن جميع تلك الاتفاقيات جعلت أنفاس العالم تحتبس في صدورهم مدركين جيداً في حال تحقيق التكامل بين المملكة العربية السعودية ومصر أن العرب سيتمكنون من النهوض بأمتهم، والخروج من الأزمات والنكبات المتلاحقة التي ألمّت بهم، والمكوث كـ«عظم في حنجرة» الأطماع الفارسية في المنطقة.
وفي مقابل هذه الأخبار السارة بالنسبة لمصر والسعودية والعرب كافة، كان متوقعاً صدور فحيح الحاسدين والحاقدين على المنطقة وشعوبها، ولذا طلعت جعجعة «الإخوان المسلمين» والمنظمات الإرهابية والمتطرفة الأخرى، في محاولة بائسة ويائسة لإثارة الفتن كعادتهم، محاولين التشويه والتشويش على الزيارة، راغبين في عدم إتمام الاتفاقيات أو تحقيقها، وهذا متوقع من أبواق عناصر جماعات التطرف والإرهاب، وذلك لعدة أسباب، أهمها فقدانهم لمنطقة سيناء التي عاثوا فيها الفساد، وأكثروا فيها الخراب، وخاصة بعد وصولهم إلى سدة الحكم في مصر، إذ أصبحت سيناء في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير ميداناً ومخبأ لوجود عدد من الجماعات «الجهادية» التي اتخذت المنطقة الحدودية في سيناء ملاذاً آمناً لممارسة أنشطتها وتدريباتها تحت رعاية ودعم جماعة «الإخوان المسلمين». وكان النبذ الشعبي والإفلاس السياسي أمام المصريين هو الثمن الذي قبضته جماعة «الإخوان» لقاء بيع سيناء بثمن بخس لإقامة «الإمارة الإسلامية» المزعومة التي ما زال الشعب المصري يدفع ثمنها من أرواح شهداء جيشه الوطني من خلال مكافحة الإرهاب.
ولاشك أن جزيرتي تيران وصنافير ستكونان خلال الفترة القادمة من أشهر الجزر العربية وأكثرها أهمية بعدما تتم إقامة المشروع العملاق الذي سيحولهما إلى جزيرتين استراتيجيتين بالغتي الأهمية، وسيجعل المنطقة محطة سياحية تربط بين قارتين ويمر من خلالها ملايين البشر.
وتكمن أهمية جزيرة تيران في تحكمها بمضيق تيران لكونها تطل عليه، إلى جانب منطقة شرم الشيخ في السواحل الشرقية لسيناء، ورأس حميد في السواحل الغربية لتبوك في السعودية، كما أن للجزيرتين أهمية استراتيجية أيضاً كونهما تتحكمان في حركة الملاحة الدولية من خليج العقبة، ولذا فإن أهمية وحيوية الاتفاقيات الكبيرة المبرمة بين هاتين الدولتين العربيتين الكبيرتين جعلت العالم يسمع عويل «الإخوان» بعدما أدركوا ضياع الفرصة من أمامهم في إفشال جهود التعاون والتكامل الأخوي بين شعبين عربيين، بل بين العرب أجمعين، ولذلك راح «الإخوان» يجترُّون بضاعتهم البائرة الوحيدة، التي لا يعرفون سواها، ألا وهي الدّس والتلفيق والكذب الصفيق، ولكن مستقبل الشراكة السعودية والخليجية مع مصر أكبر بكثير، وستثبت الأيام أن العرب قادمون، بنظام إقليمي أقوى وأبقى، وشراكة وتكامل اقتصادي أوثق وأعمق، وعلى نحو يعيد للعرب مكانتهم، ويحفظ لهم حقوقهم، ويعيد للوطن العربي كله كل ظروف الاستقرار والتنمية والازدهار.
* نقلا عن “الاتحاد”

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version