المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الرئيس الكازاخى نور سلطان نزارباييف: أتمنى لمصر الازدهار ولقيادتها مواصلة النجاح

◄ رغم وجود 100 جماعة عرقية.. بنينا أمة متماسكة واستفدنا من خبرات الصراع العرقى فى الاتحاد السوفيتى
◄ كيف ارتفعت الاستثمارات الأجنبية من 10 مليارات عام 2000 إلى 200 مليار دولار حاليا ؟
◄ علاقات متميزة مع مصر وندعم مبادرتها لإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ونتمنى للشعب والقيادة النجاح فى خدمة وطن النيل العظيم
◄ نحتاج للمعلومات ولمشروعات محددة للمشاركة فى الاستثمار بمحور قناة السويس
◄ نؤيد إنشاء شبكة عالمية لمكافحة الإرهاب ونأمل فى دعم مصر كعضو غير دائم بمجلس الأمن
◄ الاحتياطى الكازاخى 30 مليار برميل ونواجه انخفاض أسعار النفط بـ «النورلى جول»
◄ الصناعات التحويلية والصغيرة والتنمية الزراعية ودعم الإسكان الاجتماعى والاقتصاد الأخضر طريقنا للمستقبل
◄ تخفيضات الضرائب على الدخل تعطى للمستثمرين فى القطاعات الأكثر أولوية لكازاخستان
◄ نجذب الاستثمارات الأجنبية بالفرص الكبرى و«الشباك الواحد» وديوان المظالم الاستثماري
◄ مصير سوريا يحدده السوريون وندعم مكافحة الإرهاب والحل السلمى برعاية أممية
◄ تعاون عميق مع شركائنا الاستراتيجيين ومنهم روسيا وعلاقات متوازنة مع الصين وأوروبا وأمريكا

شكلت منطقة وسط آسيا أحد مراجل ومعامل التاريخ العظمى، فمنها انطلقت هجرات وغزوات عظمى نحو آسيا الصغرى وأوروبا غربا، ونحو الصين شرقا، والهند وجنوب آسيا جنوبا، وباتجاه روسيا شمالا، وباتجاه العالم العربى الواقع جنوب غرب منطقة وسط آسيا. وكانت تلك الهجرات والغزوات قد شكلت أمما ودولا فى المجموعة الهندوأوروبية. وتعد الغزوات المغولية التترية ثم العثمانية للعالم العربى وللعالم القديم بأسره فى العصور الوسطى من أكبر الموجات التى انطلقت من وسط آسيا وشكلت حقبا مهمة من تاريخ العالم. وفى قلب منطقة وسط آسيا تتربع قارة داخلية تشكل مركز تلك المنطقة وعملاقها الجغرافى والنسر المحلق بها وهى كازاخستان.

وتبلغ مساحة كازاخستان أكثر من 2٫7 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها نحو 17,3 مليون نسمة. أما ناتجها القومى الإجمالى المحسوب بالدولار طبقا لسعر الصرف الرسمى فبلغ فى عام 2014 نحو 205 مليارات دولار، وبلغ نصيب الفرد منه نحو 11850 دولار. أما الناتج القومى الحقيقيى المحسوب بالدولار طبقا لتعادل القوى الشرائية بين الدولار والعملة المحلية فبلغ فى العام نفسه نحو 375 مليار دولار وبلغ متوسط نصيب الفرد منه نحو 21710 دولار، وهى واحدة من دول الدخل المتوسط المرتفع وتقف على أعتبار الانتقال إلى مجموعة الدول الغنية.

ولإدراك ما جرى فى تلك الدولة من تحولات هائلة فى النمو الاقتصادى ودخل الفرد وفى جذب الاستثمارات يكفى أن نعلم أن ناتجها المحلى الإجمالى وفقا لبيانات البنك الدولى بلغ 18٫3 مليار دولار عام 2000، وأصبح نحو 218 مليار دولار عام 2014. أى أن الناتج المحلى الإجمالى الراهن يبلغ اثنى عشر مثلا للناتج المحلى عام 2000. وقد تحققت تلك الطفرة بفضل الارتفاع الهائل فى أسعار النفط الذى كان يراوح تحت 20 دولارا للبرميل فى تسعينيات القرن الماضى وبلغ 27٫6 دولار للبرميل عام 2000، ثم تراجع عام 2001 بسبب أحداث 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة، ثم انطلق فى دورة صعود هائلة حتى بلغ الذروة عام 2012 مسجلا 109,5 دولار للبرميل قبل أن يتراجع إلى 105٫9 دولار للبرميل عام 2013، ونحو 96٫2 دولار للبرميل عام 2014، ونحو 49٫5 دولار للبرميل عام 2015.

وتملك كازاخستان احتياطيات نفطية ضخمة تبلغ نحو 30 مليار برميل تضعها فى المرتبة الحادية عشرد على العالم. كما تملك احتياطيات من الغاز الطبيعى تبلغ نحو 2٫4 تريليون متر مكعب تضعها فى المرتبة الثالثة عشر على العالم. وتنتج نحو 1٫6 مليون برميل من النفط يوميا، ونحو 19٫7 مليار متر مكعب من الغاز سنويا.

ووفقا لتقرير الاستثمار العالمى (2015) الصادر عن اليونكتاد(مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية)، تلقت كازاخستان خلال السنوات الست من 2009 وحتى 2014 استثمارات أجنبية مباشرة قيمتها نحو 72 مليار دولار تركز معظمها فى مجال النفط والغاز. وبلغ مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتراكمة فى كازاخستان نحو 129٫2 مليار دولار، علما بأنها لم تكن تتجاوز 10٫1 مليار دولار عام 2000. وتشير البيانات الرسمية الكازاخية إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة تبلغ أكثر من 200 مليار دولار حاليا.

ويبلغ معدل الاستثمار وهو المحرك الرئيس للنمو الاقتصادى نحو 24% من الناتج المحلى الإجمالي. وبلغ معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى نحو 8٫1% سنويا فى الفترة من 1998 حتى عام 2007، ونحو 4٫5% فى المتوسط خلال الفترة من عام 2008 حتى عام 2015.

ويعد توزيع الدخل فى كازاخستان بين الدول الأفضل فيما يتعلق باعتبارات العدالة الاجتماعية. ووفقا لبيانات البنك الدولى فى تقريره عن مؤشرات التنمية فى العالم يحصل أفقر 10% من سكان كازاخستان على 4٫3% من الدخل، مقارنة بنحو 2٫2% فى تركيا، ونحو 2٫6% فى تونس، ونحو 1,7% فى الولايات المتحدة، ونحو 2٫9% فى بريطانيا، ونحو 4% فى مصر.

ويحصل أفقر 20% من السكان على 10% من الدخل فى كازاخستان، مقارنة بنحو 5٫8% فى تركيا، ونحو 6٫7% فى تونس، ونحو 5٫1% فى الولايات المتحدة، ونحو 7٫5% فى بريطانيا، ونحو 9٫3% فى مصر.

ويحصل أغنى 10% من السكان على 22% من الدخل فى كازاخستان، مقارنة بنحو 30٫5% فى تركيا، ونحو 27% فى تونس، ونحو 30٫2% فى الولايات المتحدة، ونحو 24٫7% فى بريطانيا، ونحو 26٫6% فى مصر.

ويحصل أغنى 20% من السكان على 36% من الدخل فى كازاخستان، مقارنة بنحو 47٫5% فى تركيا، ونحو 46٫6% فى تونس، ونحو 46٫4% فى الولايات المتحدة، ونحو 40٫1% فى بريطانيا، ونحو 40٫3% فى مصر.

وتتميز السياسة الخارجية لكازاخستان بالتوازن رغم علاقتها القوية بجارتها العملاقة روسيا والتى تتسق مع العلاقات التاريخية بين الطرفين ومع وجود كتلة روسية كبيرة من سكان كازاخستان التى تستخدم اللغتين الكازاخية والروسية بصورة رسمية. وتستورد كازاخستان نصف وارداتها من روسيا والصين، بينما يتوجه نحو ربع صادراتها للدولتين، وهو أمر طبيعى فى ظل توافق قوائم الصادرات والواردات والجوار الجغرافى الذى يقلل نفقات النقل والتأمين ويعطى ميزة نسبية للتجارة الكازاخية مع الدولتين الجارتين لها.

كما تتسم السياسة الخارجية لكازاخستان بعدم التدخل فى شئون الدول الأخرى مما يسهل لها الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع مختلف بلدان العالم. وترتبط مصر بعلاقات قوية وراسخة مع كازاخستان.

ومن منطلق الأهمية الكبيرة لكازاخستان والعلاقات العميقة التى تربطها بمصر، والنموذج الذى يمثله الرئيس الكازاخى نور سلطان نزارباييف الذى كان أحد قادة الحزب الشيوعى السوفيتي، وهو نفسه الذى قاد بلاده منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتى وحتى الآن، وقاد التحول فيها نحو اقتصاد السوق مع الحفاظ على درجة معتدلة من العدالة الاجتماعية تتجلى فى توزيع الدخل… من هذا المنطلق كان الاهتمام الكبير للأهرام بإجراء هذا الحوار مع السيد الرئيس نور سلطان نزارباييف رئيس كازاخستان حول الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات مع مصر والقضايا الإقليمية والدولية. وطرحنا العديد من الأسئلة التى أجاب عليها السيد الرئيس بوضوح ودبلوماسية فى آن مستندا لخبرة سياسية هائلة مكنته من قيادة بلاده فى فترة عصيبة من التحولات والصراعات العالمية والإقليمية.
وكان المفروض أن يتم هذا الحوار بصورة مباشرة تتيح التفاعل حول الأسئلة الرئيسية أثناء مشاركتى فى المنتدى الإعلامى الأوراسى الذى عقد فى شهر أبريل الماضي، لكن ظروف ارتباطات السيد الرئيس وسفره حالت دون ذلك، لكنه تفضل بإرسال الإجابة على الأسئلة الرئيسية التى تشكل مضمون هذا الحوار، على أمل اللقاء المباشر لإجراء حوار آخر فى المستقبل…

الأهرام: ما هو تقييمكم للعلاقات الكازاخستانية المصرية بوضعها الحالى على المستويين السياسى والاقتصادى وآفاق تطورها فى المستقبل؟

هناك تاريخ مشترك وتقارب ثقافى وروحى يسهم فى توحيد شعوبنا، كما أننا نتبنى مواقف متشابهة حول العديد من القضايا الدولية والإقليمية. فقد تم تدشين حوار سياسى بين الدولتين على أعلى المستويات، وتبلورت آليات فعالة لتطوير التعاون الثنائي.

أعطت الزيارة الرسمية للرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى إلى أستانا فى فبراير من هذا العام دفعة جديدة لتطوير علاقاتنا.
فقد اتفقنا على تعزيز التعاون الثنائى فى جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك. على سبيل المثال، قمنا بتحديد المجالات الواعدة للشراكة بين الدولتين فى المجال الاقتصادى لتتمثل فى مجال الفضاء والزراعة والأدوية والسياحة وتطوير البنية التحتية، وصناعة المنسوجات والأثاث ومواد البناء.

كما اتفقنا على مواصلة العمل بشكل وثيق فى إطار مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية فى أستانا. وتهدف أنشطته إلى تعزيز الحوار بين الأديان وبين الحضارات ويتماشى إلى حد كبير مع الجهود التى تبذلها حكومة جمهورية مصر العربية والأزهر الشريف لتعزيز التسامح ونشر الجوهر السلمى للإسلام.

نعمل على تطوير التعاون بيننا فى مجال الأمن الإقليمى والدولي. وتتطابق وجهات نظرنا حول قضية نزع السلاح النووى وعدم انتشاره. وبالتالي، فقد أيدت مصر قرار الأمم المتحدة بشأن اعتماد “الإعلان العالمى لبناء عالم خال من الأسلحة النووية” الذى جاء بمبادرة من كازاخستان فى عام 2010. ومن جانبها، تدعم كازاخستان مبادرة القاهرة لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط. وأنا على ثقة بأن البلدين لديهما إمكانات كبيرة لمزيد من تطوير العلاقات الثنائية.

الأهرام: هل تنوى كازاخستان الاستثمار فى منطقة قناة السويس وفى الاقتصاد المصرى بشكل عام؟

لا شك فى أن افتتاح الفرع الجديد لقناة السويس يعد نجاحا كبيرا لمصر الحديثة، ويعتبر رمزا لمرحلة جديدة فى تطوير بلدكم. فزيادة القدرة الاستيعابية والمرورية للقناة تعد أمرا بالغ الأهمية للتبادل التجارى المتنامى بين أوروبا وآسيا.

فى المقابل، لدينا علاقات تجارية وثيقة، سواء مع الدول الأوروبية أو الدول الآسيوية ومع العالم العربي. وتهتم كازاخستان بالتعاون مع مصر فى تنفيذ المشروع الاقتصادى الطموح «حزام واحد ــ طريق واحد»، وهو الطريق البحرى الذى سيمر عبر منطقة قناة السويس. وفى هذا السياق، نبحث إمكانية توسيع التعاون الاستثمارى بين بلدينا ونتطلع للحصول على مزيد من المعلومات حول مشاريع محددة فى تلك المنطقة.

ونحن أيضا فى كازاخستان قمنا بشكل فعال بتطوير إمكانياتنا فى مجال الترانزيت . وقدمنا ممرات جديدة للنقل الدولى تربط ساحل المحيط الهادئ فى الصين مع أوروبا وتربط آسيا الوسطى مع إيران ثم إلى منطقة الخليج العربي. فعبر أراضينا يتم الآن نقل حاويات البضائع من الصين إلى أوروبا الغربية. وهناك أيضا خط السكك الحديدية الجديد «كازاخستان ــ تركمنستان ــ إيران» الذى يربط خط النقل الكازاخستاني-الصينى فى ميناء ليانيونقانغ على المحيط الهادئ بميناء بندر عباس الإيراني. ونحن أيضا قريبون من نهاية الممر الدولى لنقل السيارات “أوروبا الغربية – غرب الصين”. وتعمل تلك الطرق الجديدة للنقل بالترانزيت على زيادة القدرات اللوجستية وإمكانات النقل الخاصة ببلادنا، وتسهم فى تنمية التجارة البينية والتعاون فى منطقة أوراسيا.

الأهرام: كيف تتعامل كازاخستان مع انخفاض أسعار النفط والعجز المتوقع فى الحساب الجارى لميزان المدفوعات هذا العام؟

بطبيعة الحال، سوف ينعكس الانخفاض الحاد فى أسعار مصادر الطاقة فى الأسواق العالمية على إجراء تعديلات جوهرية فى العلاقات الاقتصادية القائمة. وللتجاوب مع تلك المتغيرات قمنا باعتماد برنامج السياسة الاقتصادية الجديدة ” نورلى جول ــ الطريق إلى المستقبل”، الذى يهدف إلى دعم الاقتصاد الوطنى وتنميته من خلال تنفيذ مشاريع ضخمة فى البنية التحتية والنقل. ويتم فى البلاد الآن تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج التنمية الصناعية المبتكرة، الذى تم تنفيذ مرحلته الأولى بنجاح فى الفترة 2010-2014. وتشمل التدابير المنفذة تنويع الاقتصاد الوطنى مع التركيز على تطوير قطاع الصناعات التحويلية.
وتنفذ بنجاح برامج هامة أخرى لتطوير ودعم الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وكذلك البرامج القطاعية فى مجال الزراعة والمستحضرات الدوائية والصحة العامة والسياحة وغيرها من المجالات.

وهناك بعض التدابير الرئيسية التى من شأنها تعزيز الاقتصاد فى ظل تلك الأوضاع الجديدة. وتشمل تلك التدابير المحافظة على استقرار القطاع المالي، وتوفير الدعم الاجتماعى للسكان من خلال رفع المرتبات والمعاشات والخصخصة وتحفيز المنافسة الاقتصادية عن طريق الحد من حصة الدولة فى الاقتصاد وإشراك رأس المال الخاص فى إدارة الأعمال.

نعمل على الانتقال التدريجى إلى الاقتصاد «الأخضر»، وإدخال الطاقة البديلة. وفى هذا الصدد، فإن المعرض الدولى “إكسبو 2017 ــ طاقة المستقبل” الذى سيعقد فى أستانا سيساعد على جذب الشركات ذات التكنولوجيا المتقدمة فى مجال الطاقة المتجددة إلى كازاخستان.

يتم اليوم تنفيذ خمسة إصلاحات مؤسسية فى البلاد تستهدف تعزيز الدولة والدخول ضمن 30 دولة الأكثر تقدما فى العالم. كما تم اعتماد خطة الأمة، التى ستعمل تدريجيا على تحقيق تلك الأهداف.

وتتميز تلك التدابير بالمنهجية والاستدامة، مما يسمح لكازاخستان بتحديث الاقتصاد وتعزيز نظام الدولة فى ظل المتغيرات الجديدة للعصر الحديث.

الأهرام: ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية فى كازاخستان بشكل ملحوظ فى السنوات الأخيرة. ما هى الخطوات التى اتخذتها الدولة لتحسين جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى تلك الفترة القصيرة؟

على مدى السنوات العشر الأخيرة اجتذبت كازاخستان أكثر من 200 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية. وهذا مؤشر للثقة والتقدير المرتفع لمناخ الاستثمار. ووفقا لتقدير الشركات الأجنبية العاملة فى بلادنا، تتوفر فى كازاخستان اليوم أفضل الظروف الجاذبة للاستثمار فى المنطقة. فيعفى المستثمرون العاملون فى القطاعات ذات الأولوية من ضريبة الدخل على الشركات والضريبة على الأراضى لمدة تصل إلى 10 سنوات، وضريبة الأملاك – ما يصل إلى 8 سنوات. وتضمن الدولة للمستثمر استقرار التشريعات الضريبية. علاوة على ذلك، اتخذت الحكومة قرارا بتعويض ما يصل إلى 30٪ من تكاليف رأس المال بعد البدء الفعلى فى تشغيل المنشآت.

ونحن نركز أيضا على خلق سوق عمل مفتوح. فللمستثمرون الحق فى جذب قوى عاملة أجنبية طوال فترة تنفيذ المشروع دون أى حصص أو تصاريح خاصة.ويباشر مجلس المستثمرين الأجانب عمله، وتشكل مجلس حكومى لتنسيق برامج الاستثمار، وتم استحداث ديوان المظالم الاستثماري، ويتميز النظام الضريبى بأقصى قدر من البساطة والتيسير، ومن أجل تسهيل تعامل المستثمرين مع الجهات الحكومية تم استحداث مفهوم “النافذة الواحدة”، وهناك أيضا المناطق الاقتصادية الخاصة.

كما سيبدأ المركز المالى العالمى فى أستانا مباشرة أنشطته بحلول عام 2017 ، وسيقدم خدمات عديدة، تتضمنها خدمات فى مجال التمويل الإسلامي.

وفيما يتعلق بالعلاقة مع المستثمرين فكازاخستان تنفذ القواعد المتعارف عليها فى العالم. بالإضافة إلى ذلك، تتميز بلادنا بالاستقرار السياسي، والسياسة الخارجية الداعية للسلام. وتسهم كل تلك العوامل، بالإضافة إلى سعينا لتهيئة بيئة مواتية للأعمال، فى زيادة إمكانات الاستثمار.

الأهرام: ما هو موقف كازاخستان من الأزمة السورية؟

يعد الصراع فى سوريا، الذى أسفر عن مقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد ملايين اللاجئين، مأساة رهيبة.

تلتزم كازاخستان بموقف يدعو إلى إيجاد حل سلمى لهذه الأزمة. فمصير البلاد يجب أن يقرره السوريون أنفسهم. نؤيد عملية جنيف، ونعتقد أن تسوية الأزمة السورية يجب أن تتم عبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ووفقا لميثاق هذه المنظمة. ظهرت فى الآونة الأخيرة ديناميكية جديدة حول الوضع فى سوريا، مما يبعث الأمل فى إمكان تحقيق التوافق السلمي.
ونحن نوفر الدعم اللازم فى هذا الصدد. فعلى سبيل المثال، قام ممثلون عن جماعات المعارضة السورية العام الماضى بتوجيه طلب لى من أجل توفير منصة للحوار السورى الداخلي. ومن منطلق رغبتنا المخلصة فى أن تسهم تلك اللقاءات فى تقريب وجهات النظر من أجل تسوية الصراع الدموى طويل الأمد فى سوريا، قمنا بدعم هذا المطلب. وتم عقد جولتين من المفاوضات بين المعارضة السورية فى أستانا فى مايو وأكتوبر عام 2015. ونتيجة لذلك، تم التوقيع على وثيقة مشتركة دعا فيها الأطراف إلى الحفاظ على الدولة السورية عن طريق تفكيك الجماعات المسلحة وإخراجها خارج البلاد، فضلا عن إنشاء جبهة موحدة لمكافحة الإرهاب.

الأهرام: تعد كازاخستان دولة غنية لديها موقعها الاستراتيجى فى آسيا الوسطى وهى محط اهتمام من القوى الإقليمية والعالمية. ما طبيعة علاقة كازاخستان مع روسيا والولايات المتحدة والصين وتركيا وإيران؟

تبنت كازاخستان منذ الأيام الأولى لاستقلالها سياسة متعددة التوجهات عملت على تطوير العلاقات الودية المستقبلية مع جميع الدول.

ونظرا للموقع الجغرافى والروابط التاريخية والتقليدية القائمة، تمثل المحور الرئيسى فى سياستنا الخارجية فى تعميق الشراكة والتعاون الوثيق مع الشركاء الاستراتيجيين وشركاء الجوار، بما فى ذلك مع روسيا.

وفى الوقت نفسه، يمثل الاتجاه الصينى والأمريكى والأوروبى إحدى أهم أولوياتنا. خلال سنوات الاستقلال حققنا مستوى عاليا من التفاهم المتبادل مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والصين على جميع أوجه شراكتنا الإستراتيجية تقريبا. ونحن عازمون على المضى قدما فى هذا الاتجاه، ولكن دون أن يؤثر ذلك سلبا على علاقاتنا الطيبة مع الدول الأخرى.

إن الموقع الجغرافى لكازاخستان، وكذلك لمصر، يفرض دورا مهما فى المنطقة، خاصة فى تطوير التجارة والنقل. وفى هذا الصدد، فإنه من المناسب ألا أتكلم عن مواجهة بين الدول الرائدة فى آسيا الوسطى بل عن المنافسة الطبيعية التى تحدث فى جميع أنحاء العالم. وفى تلك المنافسة ينبغى أن تحصل كازاخستان على أكبر قدر من المنفعة.

وسياستنا متعددة التوجهات تقوم على مبدأ التعاون على أساس المساواة مما يصب فى مصلحة الجميع. وعلى مدى سنوات الاستقلال التزمت كازاخستان بسياسة ذات معالم واضحة ثابتة ومحددة فى علاقاتها مع جميع الدول. لذلك، حازت على احترام جيرانها وكل دول العالم.

وبالإضافة إلى ذلك بذلت بلادنا منذ الاستقلال الكثير من الجهد على المستوى العالمى من أجل خلق عالم أكثر أمنا خال من التهديد بالإبادة النووية، وتعتبر بحق إحدى الدول الرائدة فى الحركة الدولية المناهضة للأسلحة النووية.

ومنذ فترة قصيرة أثناء انعقاد مؤتمر القمة الرابع للأمن النووى فى واشنطن، تم نشر البيان الخاص بنا “السلام ــ القرن الحادى والعشرين، والذى حصل على وضع وثيقة رسمية للأمم المتحدة. وكان هذا اعتراف بأهمية تلك المبادرة فى معالجة القضايا الرئيسية الملحة فى عصرنا وتجنيب البشرية خطر نشوب حرب مميتة.

ونحن مهتمون أيضا بحل المشاكل الملحة فى العالم الإسلامي. وقدمنا مقترحاتنا لعملية المصالحة الإسلامية، وإنشاء المنظمة الإسلامية للأمن الغذائى ومقرها أستانا، وتكامل البنية التحتية الإسلامية، فضلا عن قمة العلوم والتكنولوجيا المصاحبة لمعرض «إكسبو» 2017 . وحازت تلك المبادرات على ثقة الدول المشاركة فى الدورة الثالثة عشر لمنظمة التعاون الإسلامي.وتسهم كل تلك الخطوات فى تحسين السمعة والمكانة الدولية لكازاخستان على الساحة الدولية.
الأهرام: كيف تعالج كازاخستان القضايا الخاصة بتعدد الأعراق والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام؟ ما هو دور كازاخستان فى مجال مكافحة التطرف الديني، والإرهاب الإقليمى والعالمى أيضا؟

كازاخستان ــ دولة متعددة الأعراق، أصبحت وطنا لممثلى أكثر من 100 مجموعة عرقية.

استطعنا، مع بزوغ فجر الاستقلال، أن نستخلص الاستنتاجات والدروس الصحيحة مما وقعت فيه جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق من صراعات عرقية. ونجحنا فى التوحد فى أمة متماسكة. وهو ما يعد اليوم الميزة الرئيسية لنا.

كما تم فى البلاد إنشاء آلية فريدة وفعالة لتنفيذ السياسات العرقية والتوافق الوطنى متمثلة فى جمعية شعب كازاخستان. وتعد تلك المؤسسة اليوم هيئة دستورية يرأسها رئيس الدولة. وللجمعية تمثيل فى أعلى هيئة تشريعية فى البلاد- برلمان الدولة.

وعلى مدى أكثر من عقدين من العمل، قدمت الجمعية إسهاما كبيرا فى تحقيق السلام والاستقرار فى البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تعد كازاخستان اليوم جزءا من المجتمع الدولي، الذى واجه تحديات صعبة فى المجال الديني.

ولا ينبغى أن تؤدى الجهود المبذولة فى مكافحة التطرف الإسلامى إلى مقارنته أو مساواته بالإسلام الداعى للسلام والأديان الأخرى. فمواجهة التطرف تتحقق فقط على أساس الحوار بين الثقافات والأديان.

واليوم، تطرح كازاخستان مبادرات لمكافحة الإرهاب الدولى فى إطار منظمات عديدة مثل منظمة شانغهاى للتعاون، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة التفاعل وتدابير بناء الثقة فى آسيا، ومنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا والأمم المتحدة.

فبمبادرة من كازاخستان اعتمدت القمة الأولى لمنظمة التفاعل وتدابير بناء الثقة فى آسيا فى يونيو 2002 الإعلان الختامى – وثيقة ألماتي، والتى لخصت المبادئ الرئيسية لمكافحة الإرهاب.

وأثناء الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر عام 2015 ، قمت بطرح مبادرة إنشاء شبكة عالمية موحدة لمكافحة الإرهاب الدولى والتطرف تحت رعاية الأمم المتحدة. ونأمل أن تسهم القاهرة باعتبارها عضوا غير دائم فى مجلس الأمن بالأمم المتحدة فى المساعدة فى تنفيذ هذه المبادرة.

ندرك أن مصر اليوم تخوض حربا لا هوادة فيها ضد الإرهاب والتطرف.

ونحن نتفق على أن الدعوة الذى وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى لتجديد الخطاب الدينى تعتبر ردا على التهديدات الحديثة الناتجة عن تشويه وتحريف الطبيعة الحقيقية للدين الإسلامي.

تثمن كازاخستان الجهود التى تبذلها القيادة المصرية لتطوير الحوار بين الأديان، وفى هذا السياق، يمكن أن تشترك دولتينا فى إطلاق المبادرات التى تهدف لتحقيق التفاهم والسلام بين الدول الإسلامية والغربية، بما فى ذلك فى إطار مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية.

الأهرام: هل تود أن تبعث رسالة للشعب المصرى والدولة المصرية؟

باعتبارها بلدا شقيقا، كنا نتابع بتعاطف الأحداث التى وقعت فى بلدكم على مدى السنوات الأخيرة. واليوم نحن سعداء حين نرى الشعب المصرى من خلال وحدته وحبه للعمل، يستطيع ليس فقط أن يتغلب على الصعوبات، بل وينفذ عددا من المشاريع الطموحة لإرساء أساس متين للتنمية المستدامة والمستقرة فى مصر الشقيقة. فى هذا الصدد، أتمنى للشعب المصرى الشقيق الرفاهية والازدهار، ولقيادة الدولة مواصلة النجاح فى خدمة وطن النيل العظيم.

الأهرام المصرية 11-6-2016
أجرى الحوار – أحمد السيد النجار

Exit mobile version