مركز أبحاث الأمن القوميّ بتل أبيب يتحدث حول رؤية السيسي لسلامٍ “دافئٍ” مع اسرائيل

قالت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ إنّ مصر اعتمدت بشكل قاطع اشتراط تحسين العلاقات مع إسرائيل بدفع اتفاق إسرائيلي- فلسطيني، والمبادرة العربية للسلام رُبطت هي الأخرى بين انجاز اتفاق سلام شامل وبين التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، لافتةً إلى أنّ السلام الدافئ مع إسرائيل يعكس المصالح الأصيلة لمصر والدول العربية الأخرى في خلق نظام إقليمي جديد يتضمن تعاونًا واسع النطاق وأكثر انكشافًا مع إسرائيل من أجل الاستقرار الأمني ونمو المنطقة اقتصاديًا.
كما أشارت الدراسة إلى أنّ الصحف المصريّة قارنت بين سياسة السيسي وسياسة السادات، سواء من حيث استهدافها لإحلال السلام الشامل بين الدول العربية وإسرائيل أوْ من ناحية قدرتها على أن تفرض لنفسها التعديلات المناسبة لاحتياجات المرحلة والظروف الإقليمية.
وبحسبها، إذا كان السلام مع إسرائيل في النصف الثاني من السبعينات جزءً من عملية مصرية واسعة لاعتماد توجه موالٍ لواشنطن فإنّ السلام “الدافئ” في الوقت الحالي أريد له أنْ يملأ الفراغ الذي حلّ في أعقاب تقلص التدخل الأمريكي في المنطقة، وذلك من خلال إقامة محور إقليمي جديد، في إطاره مصر ودول الخليج وإسرائيل يجمعون قواتهم.
ورأت الدراسة أنّه على المستوى الأمنيّ، فإنّ التقارب مع إسرائيل سيُسهم في دفع التعاون العربي الإسرائيلي في مواجهة أعداء مشتركين يهددون استقرار المنطقة وسلمها، وعلى رأسهم إيران والمجموعات الإرهابية السلفية الجهادية والإسلامية.
على المستوى الاقتصادي، قالت الدراسة، إنّ إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قدّم من قبل المحللين السياسيين المقربين من النظام على أنّه مدخل لإقامة منظومة تعاونية شرق أوسطية في مجالات الطاقة والتجار والمواصلات.
إسرائيل، حسبما أوضح مساعد وزير الخارجية المصري السابق محمد حجازي، تستطيع أنْ تلتحق بالنظام الاقتصادي الجديد بأنْ تخضع لإنهاء الاحتلال، وأنْ تعترف بقرارات الأمم المتحدة والقبول بحلّ الدولتين والاستعداد للتفاوض حول إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
وفي المقال الذي نشره في كانون الثاني (يناير) 2016 في “الأهرام” أعرب عن أمله بأنّ الفوائد الاقتصادية، إلى جانب الطمأنينة والأمن والاستقرار في المنطقة، يمكن أنْ توفر تعاونًا إقليميًا تمثله المبادرة المصرية بالنسبة لإسرائيل، وتكون حافزًا للخروج من العزلة الإقليمية التي تعيشها.
أمّا اللواء سمير فرج، والذي شغل في السابق منصب رئيس إدارة شؤون التعدين في الجيش المصري، فأشار إلى آفاق التعاون بين مصر وإسرائيل وقبرص واليونان حول حقول الغاز في البحر المتوسط، وفي مقال نشره في “الأهرام” في فبراير 2016 قدّر أنّ البحر المتوسط أصبح الدولاب الأهم الذي سيؤثر في الفترة القريبة على الأمن القومي المصري، وأوصى بتوثيق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية مع دول حوض المتوسط القريبة منها وبتوقيع اتفاقيات تؤمن المصلحة المصرية العليا.
وتابعت أنّ إحلال السلام “الدافئ” بين مصر وإسرائيل عرض على أنّه تغيير للنموذج السياسي السائد وليس كخطوة تكتيكية، إذ أنّ التطبيع مع إسرائيل وإيجاد حل للقضية الفلسطينية واستقرار مصر والسعودية وأمنهما القومي ومحاربة الإرهاب، كلها أمور مترابطة ومتداخلة بعضها ببعض.
كاتب عمود في “المصري اليوم” والذي يستخدم الاسم المستعار “نيوتن” قال في المقال الذي نشره في أعقاب خطاب السيسي إنّ هناك ثقة بين الطرفين، وهناك تنسيق يخدم مصالح كلا الدولتين، حيث الواجب تطويرها وإيجاد القنوات الكامنة فيها من خلال إنهاء وضع اللا حرب واللا سلم.
ولفتت الدراسة إلى أنّ أصوات السلام التي جاءت مؤخرًا من مصر، والتي صدر بعضها من مكتب الرئيس السيسي ومن محيطه، شاهدة على أنه في أوساط هذه الدوائر يتسع في أرض النيل هبوب ريح جديدة تحمل في طياتها فرصًا حقيقية لتغيير موقف إسرائيل في المنطقة، برامج تحمل عناوين مثل “الشرق الأوسط الجديد” و”التعاون الإقليمي” والتي أثارت النفور والتشكك في العالم العربي عندما كانت تقترح في الماضي من قبل إسرائيل، تقدم الآن كمدخل لمبادرات عربية.
وعلى الرغم من ذلك، شدّدّت الدراسة الإسرائيليّة، تجدر الإشارة إلى أنّ هذه البرامج ما تزال محل خلاف جماهيري عنيف في مصر والعالم العربي، والأنظمة العربية ستجد صعوبة بالغة في تبنيها ما لم تُرافقها خطوات حقيقية تدل على تقدم حقيقي في العملية السلمية الإسرائيلية الفلسطينية، وقف البناء في المستوطنات والشروع في المفاوضات الجدية حول إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الـ 67 وعاصمتها القدس تذكر في مصر على أنها شرط نهائي لتوسيع أسس التطبيع.
وخلُصت الدراسة إلى القول إنّ إنجاز حل نهائي للقضية الفلسطينية يعتبر مفتاحًا إلزاميًا لممر مستقبلي كامل لسلام “دافئ”، وأنّ أزمة القيادة في الجانب الفلسطيني، وكذلك الانقسام بين غزة والضفة، يضعان عقبة إضافية أمام تحقيق هذه الرؤية، إسرائيل من جانبها مطالبة بالإدلاء برأيها بالفرصة السانحة، وأنْ تنضم كلاعبة شرعية إلى النظام الإقليمي المتجدد، وفي ذات الوقت القبول بدفع الأثمان المنطوية في تحقيقها، بحسب تعبير الدراسة.

المصدر: سمــــا

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version