المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

هل تستطيع روسيا لعب دور مهم في عملية التسوية

بقلم: سمير عباهرة – PNN

لا شك ان حالة التوازن الدولي التي كانت سائدة ابان الحرب الباردة والتي شهدت صراعا ايديولوجيا وسياسيا بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة اتاحت هامشا من الحرية والحركة للعرب حيث كان الاتحاد السوفييتي انذاك يتبنى الدفاع عن بعض القضايا العربية وتحديدا القضية الفلسطينية وكان يمثل احد البدائل لتقليص مساحة الهيمنة الغربية على الساحة السياسية الدولية. ومع غياب الاتحاد السوفييتي انتهت مساحة المناورة امام العرب وادى ذلك الى تدهور مكانة العرب في النسق الدولي وفقد العرب قدرتهم على التأثير في المتغيرات الدولية. وادى سقوط الاتحاد السوفييتي الى انفراد الولايات المتحدة بخيوط السياسة الدولية واختفاء التحدي للدور الامريكي والذي ورثته روسيا لاحقا لكن الروس تحولوا من حالة الصراع الى حالة التعاون مع الولايات المتحدة ونتج عن ذلك انفراد امريكي كامل ووحيد في مشاريع التسوية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وهكذا تراجعت اهمية الشرق الاوسط في سلم الاولويات الروسية وتراجعت الاهداف الايديولوجية امام مواجهة الاهداف والتحديات الاقتصادية ونتيجة لهذا لم تعد تمثل قضايا العالم الثالث اولوية في سياسة روسيا الخارجية، وهذا ما انعكس على مواقفها السياسية ومنها قضية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. وعلى ما يبدو ان روسيا التي سلمت اوراق الشرق الاوسط للولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تسبب في اضعاف موقفها على الساحة السياسة الدولية نتيجة فقدان الكثير من حلفاءها في الشرق الاوسط في العراق وليبيا وبقيت الورقة السورية تتحكم بجزء منها رغم ان هناك تنسيق بين روسيا والولايات المتحدة هناك. لكن المحك الرئيسي الذي يحرك السياسة الدولية هو القضية الفلسطينية فمن يتحكم بها ويمسك اوراقها يستطيع ان يتحكم في السياسة الخارجية الدولية وهكذا تحاول روسيا العودة في ادوارها الدولية.ورغم عضوية روسيا في الرباعية الدولية الا ان الرباعية بقيت عاجزة عن التأثير في ترك بصماتها في الصراع او في التأثير على اسرائيل او ممارسة الضغوط عليها وكل ما صدر عن بعض هذه الدول تحميل اسرائيل مسئولية فشل المفاوضات وفشل عملية السلام دون طرح حلول.
ومع عودة الحراك السياسي بشأن عملية السلام خلال الفترة القصيرة الماضية والتي تمثلت بمحاولة فرنسا حشد التأييد الدولي لمبادرتها من خلال اجتماع تمهيدي في باريس رغم تغيب روسيا الذي ترك علامة استفهام كبيرة على موقفها هذا وخاصة ان الفلسطينيون كانوا ينتظرون المساندة منها، وكذلك عودة الحديث عن المبادرة العربية للسلام واعتمادها للانطلاق نحو المفاوضات، تحاول روسيا العودة الى لعب دور في عملية السلام وعاد الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يشكل احد اولويات السياسة الخارجية الروسية.
فقد أعرب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن استعداد بلاده للمساهمة في استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين في إطار جهود الرباعية الدولية، وأضاف لافروف في مؤتمر صحفي بموسكو مع نظيره الأردني ناصر جودة “روسيا لديها فعلا علاقة ثقة جيدة مع الفلسطينيين والإسرائيليين”. وعلى ما يبدو ان تطور علاقة روسيا مع اسرائيل ربما دفعها لاتخاذ مثل هذه المواقف وربما تكون اسرائيل طالبت روسيا للدخول في معادلة الصراع مجددا بحكم علاقتها الجيدة مع الاوساط العربية والفلسطينية وقد يكون الموقف الروسي القديم الجديد بعودة روسيا بقوة الى التأثير في الصراع وراء العودة وان عدم حضورها مؤتمر باريس كان يعود في اسبابه الى التوازنات الدولية وان روسيا ارادت الحفاظ على موروثها بنوعية من استقلال قرارها السياسي
لكن الموقف الروسي سيكون اكثر قوة لو قررت روسيا خوض هذه التجربة منفردة وليست من خلال الرباعية لان قرارها سيكون منفردا وليس بحاجة الى العودة للتشاور مع اعضاء الرباعية وفي هذه الحالة نعم سوف تصطدم بالموقف الامريكي كما اصطدمت فرنسا لكن ذلك سيكون كفيلا بالعودة الى حالة التوازن التي بقيت غائبة في علاقات العملاقين وربما يشكل ذلك انطلاقة جديدة للسياسة الخارجية الروسية في مواجهة السياسة الامريكية بسبب اهمية القضية الفلسطينية.
اما عودة روسيا الى لعب دور مؤثر في الصراع من خلال الرباعية فان ذلك سيضعف موقفها ولن تستطيع تجاوز القرارات الصادرة عن الرباعية والتي لا زالت الولايات المتحدة تتحكم بعملها، وفي كافة الاحوال فان نوايا روسيا بان يكون لها موطئ قدم في عملية السلام سوف يصطدم بالموقف الامريكي وان الولايات المتحدة لن تسمح بخروج احد الاوراق المهمة في السياسة الدولية من تحت جناحها. لان الولايات المتحدة دائما ما تحاول ان تستحوذ بشكل كامل على كافة الجهود السياسية المرتبطة بالعملية التفاوضية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، واذا ارادت روسيا العودة بقوة للتأثير في اوراق القضية الفلسطينية عليها الانسلاخ عن جسم الرباعية حتى تستطيع الحفاظ على خطها العام الذي يبقى خاضعا للقرار الامريكي داخل الرباعية الدولية.

Exit mobile version