المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

حماس الخاسر الأكبر من الانقلاب..!!

بقلم: أكرم عطا الله

ماذا لو لم تقم حماس بالانقلاب وطرد السلطة عام 2007؟ وماذا لو استمرت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الشيخ اسماعيل هنية؟ حديث الحركة اّنذاك عن أن هناك من كان يحضر للانقلاب عليها هو مجرد دفاعات ضعيفة لأنه ثبت أن لدى الحركة آنذاك من القوة ما يمكنها من حماية الحكومة دون تشكيك، لكن تلك القوة تحركت في الاتجاه المعاكس لتنهي تلك التجربة الوليدة.

في أول اجابة بعدما انتهت أحداث 2007 وتوقف رصاص القتل بين الأخوة بساعات كنت أقول لاحدى وسائل الاعلام العربية أن تلك التجربة التي لم تتركها القوة العسكرية للحركة أن تستمر جعلت أكبر الخاسرين فيها هي حركة حماس نفسها، لأن الحركة قبل تلك اللحظة كان بامكانها أن تسجل في تاريخ السياسة العربية أنها الوحيدة التي تمكنت في العالم العربي المشبع بثقافة الاقصاء من تشكيل حكومة وحدة لأول مرة، والحقيقة أن التجربة كانت الأولى في العالم العربي وكان بامكانها أن تقول قارنوا بين تجربة الاسلاميين حين يصلون للحكم، كيف يؤلفون حكومات وحدة مع كل الآخرين بينما الآخرين والوطنيين على امتداد تاريخهم لم يفعلوا ذلك.

لقد حرمهم فائض القوة من ذلك الشرف والسبق في العالم العربي، سبق حكومة الائتلاف، ليؤكد تفردها بحكم غزة بعد ذلك ما هو معاكس لثقافة الوحدة على الاطلاق والتي لم تشهد سوى تسيد اللون الواحد بكل شيء ما الذي حدث حينها؟ لا زال الناس مختلفون حول التسمية هل هو حسم أم انقلاب أم انقسام؟؟ والحقيقة أن المصطلحات الثلاثة صحيحة في اطار عملية متكاملة من الفشل الذي دوى آنذاك ولازالت أصداؤه تتردد في كل زاوية من شوارع غزة.

في مذكراته كتب اللواء محمد نجيب الرئيس المصري الذي استدعته ثورة الضباط الأحرار ليكون أول رئيس بعد الحكم الملكي عندما أجاب عما فعلوه هل كان ثورة أم انقلاب فكتب قائلاً : في البداية كنا نسميها “حركة” يقصد حركة الضباط الأحرار، وعندما نجحت في الاستيلاء على الحكم أسميناها “انقلاب” وعندما رأينا الناس تهتف في الشوارع مؤيدة لما حدث أسميناها “ثورة”.

لا شيء ثابت فالتسميات تتغير لأن اللغة كائن حي وهي ابنة الواقع، وبالقياس ما حدث عام 2007 هو أن حركة حماس حسمت أمر الخلاف والمفاوضات “حسم” ب “الانقلاب” المسلح أي الوسيلة أما مصطلح الانقسام فهو “النتيجة” التي حدثت، أي أن الحسم هو خيار والانقلاب هو الأداة والانقسام هو النتيجة، وكل يستخدم ما يريد أو ما يتوافق وإذا كانت الحركة تستخدم مصطلح “الحسم”أي الخيار للتقليل من هول الحدث ربما لا تعرف بأنه لا يحق لأحد أن يحسم أي خلاف بالقوة المسلحة.

بالعودة لانعكاسات الحدث بات واضحاً الفارق الهائل بين حركة فازت للتو في البرلمان وبدا المشهد آنذاك مؤثراً، وقد بدأت تنفتح أمامها أهم العواصم مثل موسكو وغيرها، إلى حركة باتت حبيسة في قفص قطاع غزة تقطعت بها السبل وباتت كلها مغلقة، ولم يعد مرحب بها حتى أن تركيا اعتذرت عن استقبال الوفد في أبريل الماضي، ولم يبق سوى الدوحة عاصمة المقر وهي دولة محل خلاف.

من الذي نصح حركة حماس بالانقلاب أو الحسم وكلا المصطلحان يحملان ادانة للحركة؟ هذا سؤال لابد من اجابته، النتيجة الأولى بعد انهيار حكومتها الشرعية آنذاك هي تحميلها مسئولية غزة فاضطرت لادارتها وهي منطقة فقيرة ليس بامكانها أن تنفق على نفسها حتى، فاتخمت الحركة بالموظفين الذين تحولوا الى عبء أكبر من طاقتها في ظل هذه الظروف حتى باتت لا تتحدث في الأونة الأخيرة سوى عن الموظفين كأزمة كان يمكن الا تقع فيها . ومع أزمة المال وجفاف التمويل اضطرت لفرض ضرائب باهظة وسط حالة الفقر الشديد، وهنا المراقب لما قبل عشر سنوات من حركة لم تتوقف عن توزيع المساعدات للناس حتى بيوتهم فقد دخلت كل بيت ولم تكن حينها تكلف المواطن أي عبء، إلى حركة باتت تأخذ من أموال كل بيت من خلال فارق الأسعار التي سببتها الضرائب الباهظة التي تحملها المواطن كما قال ذات مرة عضو مجلس تشريعي من الحركة .

ومع انقطاع الكهرباء وثلاثة حروب شنها الاسرائيلي أثناء حكم الحركة دمرت قطاع غزة، واستمرار اغلاق معبر رفح، وتدمير الاقتصاد، وزيادة الفقر، وانعزال الحركة أكثر على المستوى الاقليمي والدولي، وعدم القدرة على تسديد فاتورة الرواتب، وزيادة الاختناق أكثر، تبدو المقارنة بين حركة صاعدة قبل عشر سنوات وحركة منهكة فقيرة بعدها لتحسم الجدل حول خسارة الحركة في اندفاعها للسيطرة على القطاع، فمن الذي دفعها نحو تلك الورطة والتي كان التعبير الأبرز عنها هو تراجع كبير في شعبيتها في منطقة تقدم فيها نموذج للحكم ؟ قبل الحسم بالانقلاب المسلح كان وزير خارجية دولة عربية تقيم علاقات سرية مع اسرائيل متواجد في القطاع لازالت دولته تلعب دوراً في تعزيز الانقسامات والاقتتال في الدول العربية، ماذا قال لحماس حينها قيل أنه قدم نصيحة ماذا كانت؟ عندما تتكشف أوراق التاريخ سنعرف من الذي تآمر على حماس ودفعها إلى هذا الكمين..!!!

نبـأ برس

Exit mobile version