بعد وقت قصير من استسلامنا أمام الأتراك نستسلم للفلسطينيين في الحرم أيضا

لم تمر 24 ساعة منذ رفع العلم الأبيض الإسرائيلي أمام الأتراك في روما وها هي إسرائيل ترفع صباح أمس، علما أبيض آخر – في الحرم. فقد استسلمت للإرهاب الفلسطيني الذي عاد إلى الحرم وأوقفت زيارات اليهود حتى نهاية رمضان على الأقل. ولمن لديه شك حول هذه الرسالة التي بعثت بها إسرائيل إلى الإرهاب التركي والفلسطيني، يجدر به أن يراجع تصريحات رئيس تركيا في المساء ما بعد الإعلان عن “اتفاق المصالحة”. فقد ادعى اردوغان بان كل المطالب التي طرحتها تركيا على إسرائيل قبلت – الاعتذار، التعويضات و “تخفيف الحصار” عن غزة وأضاف: “سنواصل الاعتراض على النشاط غير القانوني لإسرائيل في المسجد الأقصى في القدس. وسنعمل بكل سبيل لحماية أخواننا الفلسطينيين”.
واضح أن الاتفاق حديث العهد، الذي لم يقر بعد في الكابنت، كان أمام ناظر رئيس الوزراء عندما قرر التراجع في الحرم. ماذا نقول، أخيرا يبدي نتنياهو ثباتا في الموقف – إذا كنت تعتذر وتدفع التعويضات للمعتدين على الجنود بالسكاكين والعصي، فأنت ملزم بان توزع الجوائز لراشقي الحجارة على النساء اليهوديات العجائز اللواتي يصلين في حائط المبكى.
وها نحن نكون حصلنا على جانب فوري آخر للأضرار الخطيرة للاتفاق مع تركيا. اردوغان – الذي حتى لو قرر انطلاقا من ضائقة لحظية تطبيع العلاقات معنا- لم يتوقف بكل جوارحه عن أن يكون لا ساميا وعدوا حقيقيا لإسرائيل. والآن، بعد أن تلقى جائزة على إرسال الزعران للمس بسيادتنا في البحر، سينبش أيضا في قدرتنا على فرض سيادتنا في الحرم. ناهيك عن موطئ القدم الضمنية التي حصل عليها في غزة.
في الأحاديث الخاصة يتباهى رئيس الوزراء في أنه فتح سككا حديدية إستراتيجية بديلة من روسيا وحتى الهند، من الصين وحتى إفريقيا. ناهيك عن العلاقات الطيبة في عاصمتي الأردن ومصر. هذا صحيح بالفعل، ولكن في لحظات الحقيقة، عندما يكون بحاجة لان يتخذ قرارات صعبة، فانه لا يصمد أمام الضغط. عندما ينبغي استخدام هذه العلاقات كي يحقق السياسة التي وعد بها ناخبيه، يحصل النقيض التام. فإذا كان هناك طرف ينبغي أن يعتذر ويدفع التعويضات فهو الطرف التركي، الذي بعث بمخربي IHH مع البلطات والهراوي في مرمرة.
ولكن فضلا عن الكرامة الوطنية وفقدان الردع، ما هو المنطق الكامن في اتفاق ضار كهذا، وكأننا نوجد في ضائقة وملزمون بان نطبع العلاقات بكل ثمن؟ الدولة التي توجد اليوم في ضائقة هي بالذات تركيا: تتفجر بكل معنى الكلمة من الإرهاب ومن اللاجئين، علاقاتها شرقا سدت، توجد في مواجهة مع روسيا لن تزول بمجرد الاعتذار لبوتين، سياحتها تنهار وهناك عدم يقين حول مصادر الطاقة لديها. ناهيك عن التوتر مع ألمانيا والانتقاد الأوروبي المتزايد على خرق حرية الصحافة وحقوق الإنسان في أراضيها.
وبالنسبة للغاز – فان تركيا بحاجة إلى الغاز الإسرائيلي أكثر مما هي إسرائيل بحاجة لتركيا للتسويق. ناهك عن الضرر المحتمل لمنظومات العلاقات المشوشة مع اليونان، قبرص ومصر أيضا، إلا إذا تفجرت الآن صداقة حميمة بين اردوغان والسيسي. بمعنى إننا دفعنا ثمنا لا داعي له وليس معقولا لقاء بضاعة يحتاجها الأكراد أكثر مما نحتاجها بكثير.
وكلمة بشأن حقيقة أن الاتفاق أصبح أمرا ناجزا حتى قبل أن يطرح على الكابنت الحكومة لإقراره. يدور الحديث عن سلوك سلطوي يتميز به الرفيقان الجديدان لنتنياهو – اردوغان وبوتين. لو كنا نعنى بالاتفاق الذي يغيظ اليسار الإسرائيلي والصحافة، لاهتزت السماء وعن حق. هذه الخطوة مناهضة للديمقراطية وليس واضحا كيف سيكون ممكنا تجاوزها .

بقلم: نداف هعتسني، عن معاريف

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version