تحديات أمام الفلسطينيين في أميركا

بقلم: موسى زيد الكيلاني

ارسل لي صديقٌ تعليقاً على ما نشرته الرأي عن «الفلسطينيون والراي العام الامريكي», ويقول فيه ان التحدي الاكبر للفلسطينيين في امريكا ليست اسرائيل واللوبي المساند لها في الولايات المتحدة الامريكية. او مجموعات الضغط الصهيوني او اصحاب المليارات من المسيطرين على التلفزة والصحافة والاعلام, او الجالية اليهودية المنظمة هناك, بل التحدي الحقيقي متجسدٌ بالمسيحيين المتدينين من الامريكان, الذين تمكنوا من تنظيم انفسهم عام 1979 وشكلوا جماعة احتجاح على الاباحية والتفسخ العائلي الذي نفثته افلام هوليوود ودهاقنة العولمة, واطلقوا على انفسهم اسم الاكثرية الاخلاقية (MORAL-MAJORITY) للرد على اتهامات خصومهم لهم بانهم الاقلية التي لا يحق لها ان تفرض رأيها على المجتمع كله. وكانت الشخصية الرئيسية التي تشكلت حولها هذه الجماعة هو القسيس جيري فالويل الذي استطاع بخطاباته الدينية المتلفزة ان يصل الى الملايين من المواطنين, كما تمكن من تنظيمهم وترجمة التواصل معهم الى درجة ان قدم الشكر له الرئيس رونالد ريجان واعترف له بالفضل في نجاحه لان القوة التصويتية لخمسة ملايين ناخب من اعضاء الاكثرية الاخلاقية قد حققت النجاح الحاسم لريغان عام 1980.
والاكثرية الاخلاقية من المتدينين المسيحيين تؤمن بالتفسير الحرفي للتوراة والانجيل وتعتقد ان دعم اسرائيل واجب ديني جاء الامر به في كتاب حزقيال ودانيال وبصيغة نبوءات مستقبلية.
وعندما تقدمت اسرائيل الى واشنطن بطلباتها السنوية للتسلح, لم يوافق البنتاغون على تسليمها بعض الطائرات المقاتلة والصواريخ المتطورة حتى وصل الامر الى الرئيس رونالد ريغان فقال كلمته المشهورة « افتحوا جميع ترسانات الاسلحة التي نمتلكها , لتأخذ منها اسرائيل كل ما تشاء, لان هذا ما امرتنا به الكتب المقدسة , لنتقرب بذلك الى الله. «
ويعتقد الاب جيري فالويل ومعه الاب بات روبرتسون بقرب موعد العودة الثانية للسيد المسيح عليه السلام الى هذه الارض, حيث سيهبط الى القدس,و حيث سيكون ملك العالم لمدة الف عام, وحيث سيغفر لجميع من يكون معه من المؤمنين.
ولتسريع عودة السيد المسيح, فمن الضروري جمع يهود العالم كلهم حول القدس, ولذلك فقد قامت لجان العمل السياسي في الاكثرية الاخلاقية لدفع نفقات نقل يهود اثيوبيا الفلاشا من بلادهم الى اسرائيل عبر السودان, وبمساعدة مباشرة من الرئيس جعفر محمد النميرى الذي امر بوضع مطار الخرطوم تحت تصرف الضباط الاسرائيليين الذين اشرفوا على عملية التهجير عام 1984واطلقوا على اسم العملية اسم « موسى « ومرة ثانية عام 1985 ولكن من مطار « العزازا» في شرق السودان, وبوجود جورج بوش الاب الذي كان نائباً للرئيس الامريكي وقتذاك. وكان اسم العملية « سبأ «
وقد وضع الاب « بيني هيين « المبادئ الرئيسية الاربعة للاكثرية الاخلاقية ومنها « الدعم الكامل لاسرائيل لانه امر رباني, والتاييد الكامل للشعب اليهودي ومساعدته حيثما يكون , في افريقيا او روسيا.»
وقد اعلنت هذه المجموعة من اليهود المتدينين مواقف سياسية متشددة ومنها شجب ما قام به ارييل شارون لدى انسحابه الاحادي من غزة, وعودتها الى الشعب الفلسطيني, وقالوا ان الله قد عاقبه بالمرض المميت بعد هذا الانسحاب, لان في ذلك التصرف مخالفة لامر الله. وكذلك بعثوا برقيات احتجاج الى رئيس الوزراء اليهودي اولمرت لانه اقترح تجميع عدد من المستوطنات, والانسحاب من بعضها لاعادة الاراضي الى الفلسطينيين, وقال «بيني هيين» ان الارض هبة من الله للاسرائيليين , ومخالفةٌ لشرع الله اعادتها الى العرب. وللمسيحيين المتدينين تاثيرٌ كبيرٌ في الكونغرس ووزارة الدفاع والخارجية, وبين اوساط الحزب الجمهوري في جناحه المحافظ. وقد اطلقوا على انفسهم منذ سنوات اسم « المسيحيون الصهاينة « نسبة الى جبل صهيون في القدس الذي يعتقدون ان تجمع يهود العالم سيكون حوله, ثم تكون المعركة الكبرى بين قوى الخير وقوى الشر, وسيفنى ثلثا اليهود في معركة « ارما جيدون « او معركة مرج دابغ, ويعتنق الثلث الباقي من اليهود الديانة المسيحية, وبعدها يسود العدل والسلام في العالم كله, وتتحول السيوف الى محاريث, الى ان ينتهي كل شيء.
فالمسيحيون المتدينون اشد تطرفاُ من غلاة الليكوديين في اسرائيل, وهم عتاةٌ في تفسيرهم الحرفي للكتب المقدسة, وخطرهم ان لهم العدد الكبير من النواب والاعلاميين والصحفيين واساتذة الجامعات, ويرفضون الاستماع كلياً الى موضوع الحق العربي في فلسطين باعتبارهم الخلفاء المنفذين لوصية الله على هذه الارض.

الرأي الاردنيه

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version