ربيع الاتهامات

اذا كانت ثورات ما عرف بالربيع العربي في بعض البلدان العربية قد اخذت شكل الاحتجاجات من اجل خلع الانظمة الحاكمة واستبدالها بغيرها دون الاخذ بالحسابات السياسية المستقبلية فان حماس قد جمعت بين اشكال كثيرة في الوصف والتوصيف والاحتجاج والقمع والقتل في علاقتها مع السلطة الوطنية الفلسطينية حتى تعددت اشكال الربيع لدى حماس بما يخدم مسارها وبما يخدم فكرها الايديولوجي بصفتها تمثل جناحا تنفيذيا للإخوان المسلمين الذين يقفون في صف التعارض مع المفاهيم الوطنية ويعملون ليل نهار على هدمها.
لم تستطع حماس ان تتجاوز مفاهيم الرفض وكيل الاتهامات في خطابها السياسي حتى اصبحت تلك الاتهامات عبارة عن مصطلح جديد و”حصري” وأصبح هدفا استراتيجيا لدى حماس.
لم نلحظ يوما ما اي لقاء في خطاب حماس مع القيادة الفلسطينية بل بقيت حماس ترفض كل ما يصدر من القيادة الفلسطينية من مواقف وتجاوزتها في الرد على كل موقف من خلال اتهامات مبرمجة ومعدة سلفا في دوائر الاخوان المسلمين وبعض الدول الاقليمية التي تتبنى نهج الاخوان وتقف في صف التعارض والعداء مع القيادة الفلسطينية، والاستعداد للتمحور والاصطفاف ضد الجسم الشرعي الفلسطيني انطلاقا من مفاهيمها الايديولوجية وليس قياسا على المصالح الوطنية الفلسطينية في السلوك والممارسة السياسية بهدف وضع حواجز سياسية لا يمكن القفز عنها.
ولم تكتفي حماس بمثل هذه المواقف بل راحت تشق الوطن الى قسمين متمترسة وراء مصالحها الذاتية واعتكافها على تغليف حكمها في غزة بمفاهيم انفصالية من خلال الحديث الدائر في اروقة حماس والقوى الداعمة لها بإعادة حكومتها في غزة تحت مبررات الفراغ الاداري والسياسي في القطاع. والمتتبع لهذا الادعاء يدرك الحقيقة كاملة في غزة بان حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدكتور رامي الحمد الله تتحمل كافة الاعباء اليومية في القطاع وتعمل على توفير كافة الخدمات والعمل على فك الحصار وفتح معبر رفح. وهذا واضح جدا اذ ان اعادة فتح المعبر ولو بشكل متقطع فهو من نتاج عمل الحكومة وان السبب في عدم فتح المعبر بشكل دائم هي حماس التي تضع العراقيل امام فتحه بشكل كامل.
لقد اثبتت حماس بممارساتها السياسية لم تختلف في مواقفها عن كل تلك القوى التي تعمل على تقويض المشروع الوطني الفلسطيني وأصرت على وضع شروط غير قابلة للتطبيق من اجل انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وآثرت ان تمتد علاقاتها مع انظمة مناوئة على حساب الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا، وكان رهانها على تلك الانظمة خاسرا اذ انها بدأت تفقد هذه الانظمة واحدا تلو الاخر قبل ان تربط قناعتها وإرادتها ومصالحها بتلك العوامل الخارجية لإنهاء الانقسام حتى تحول دون انجازه.
استراتيجية الرفض غرست في اذهان قيادة حماس ولا تلوح بوادر في الافق للتراجع عنها، فالاندفاع في مواقف حماس هذه اصبح يعيش الماضي والحاضر ورسم دروب المستقبل على اوهام الغيبوبة

خاص- مركز الإعلام

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version