قل: تخريفات “حل إبداعي” للقدس واللاجئين!

بقلم: حسن البطل

سنقرأ، غداً، عن توزيع كفّتي التصويت على قرار للجنة التراث في اليونسكو. في التصويت الأول كانت النتيجة 24 “مع” و6 “ضد”، و26 “امتناع”.
اجتاز التصويت تثبيته دون تغيير، ولا أهمية لانتقال تصويت المكسيك من الامتناع إلى الضد!
القرار الجديد، وقدمته ثلاث دول عربية (الكويت، ولبنان، وتونس) لصالح فلسطين سيكون مخفّفاً عن القرار الأول في صياغته لا في مضمونه باعتراف إسرائيل. لكن إيطاليا التي امتنعت عن التصويت على القرار الأول ستعارض القرار المخفّف.
سنرى في “اليونسكو” أنها بمثابة “برلمان ثقافي” دولي، وفي الجمعية العامة أنها بمثابة “برلمان سياسي” دولي، وأما مجلس الأمن فكأنه محكمة سياسية دولية.. لها حق النقض (الفيتو).
في قرار قديم سابق، قررت “اليونسكو” أن القدس العتيقة جزء من التراث العالمي الإنساني؛ وللديانات التوحيدية الثلاث، أيضاً، وهو ما سيؤكده القرار الجديد، لكنه سيؤكد على أن المسجد الأقصى للمسلمين وحدهم، وإن كان لن يضع الحائط الغربي (حائط البراق أو حائط المبكى) بين قوسين كما في القرار الأول.
كل تصويت حول القدس عاصمة دولتين هو من صلاحية الجمعية العامة (البرلمان السياسي) وكل تصويت حول (الحل بدولتين) هو من صلاحية مجلس الأمن (المحكمة السياسية الدولية).
سبق لمجلس الأمن أن أقرّ “الحل بدولتين” لكن الضغوط الأميركية حالت في مجلس الأمن دون قبول فلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة، بينما أقرّت “اليونسكو” عضوية دولة فلسطين فيها.
نعرف أن للحل النهائي الفلسطيني ـ الإسرائيلي خمس قضايا، أبرزها القدس واللاجئين (حق العودة). بينما القدس مشكلة احتلال العام 1967 وضم إسرائيل لها وتوحيدها، واعتبارها عاصمة لها وحدها، فإن مشكلة اللاجئين وحق العودة نتيجة لحرب النكبة، وإقامة دولة إسرائيل.
دأبت إسرائيل على رفض تقسيم القدس عاصمتين لدولتين، ورفض حق العودة، حتى وإن كانت عودة رمزية لعشرات الآلاف وليس لملايين اللاجئين. “أفكار كلينتون” طرحت حلولاً توفيقية ـ جزئية لهاتين المشكلتين، ويتردد أن مشروعاً فرنسياً سيقدم إلى مجلس الأمن، بعد مؤتمر باريس الدولي المزمع نهاية هذا العام، سيطرح أفكاراً أبعد مدى لهما.
وافقت أميركا مع دول العالم على أن القدس الشرقية منطقة محتلة، وأن الاستيطان غير شرعي، لكن لم تعترف أية دولة بتوحيد القدس، واعتبارها عاصمة لدولة إسرائيل.
في القصة الأسطورية القديمة أن امرأتين تنازعتا طفلاً، ولما اقترح سليمان الحكيم اقتسام جسد الطفل، تخلّت الأم الحقيقية عن الطفل. هل لهذا رفض الفلسطينيون قرار التقسيم؟
الآن، يوافق الفلسطينيون على تقسيم البلاد، وفق خطوط الهدنة الثانية، وعلى تقسيم القدس عاصمتين، لكن إسرائيل توافق مراوغة على تقسيم جديد للبلاد، وترفض تقسيم القدس.
في الواقع العالمي الحالي، لا توجد مدينة هي عاصمة دولتين، وإن اعتبرت ألمانيا الشرقية برلين الشرقية عاصمة لها، بينما اعتمدت المانيا الغربية مدينة بون عاصمة سياسية لها.. إلى أن انهار “جدار برلين” وعادت المدينة عاصمة لألمانيا كما كانت قبل هزيمة الرايخ الثالث.
يتحدثون عن التفكير “خارج الصندوق” وعن حلول إبداعية، هل يمكن ذلك أمام صراع فريد لمشكلة القدس واللاجئين؟
في القدس، مثلاً، هل يمكن ألاّ تقسّم، ولكن ليست عاصمة سياسية لدولتين بل دينية وثقافية عالمية؟ أي أن تبقى تل أبيب عاصمة سياسية لإسرائيل، ورام الله عاصمة سياسية لفلسطين، على أن يبقى مقر الكنيست في القدس، ومقر المجلس التشريعي الفلسطيني فيها، وأن يتوقف تهويد القدس الشرقية وكذلك تهويد القدس العتيقة. بلديتان في مدينة واحدة.
ماذا عن حق العودة؟ في آخر تجلّيات وفذلكات شطحاته، اعتبر نتنياهو دولة فلسطينية بلا مستوطنات يهودية هي بمثابة “تطهير عرقي”.
ماذا لو اقترح الفلسطينيون أن يخضع المستوطنون لقوانين الدولة الفلسطينية، كما يخضع الفلسطينيون في إسرائيل لقوانين الدولة، على أن يعود عدد مماثل من اللاجئين الفلسطينيين إلى دولة إسرائيل، أو حتى أن يعود النازحون في حرب 1967 إلى دولة فلسطين؟
كيف لليهودي الميت خارج إسرائيل أن يُدفن في القدس، ولا تسمح إسرائيل بعودة رفات قادة الفلسطينيين المدفونين في المنفى إلى أرض دولة فلسطين.
إذا كان الصراع هو بين حقين وروايتين كما يقولون، فلماذا هناك حق عودة يهودي متاح، وحق عودة فلسطيني غير متاح؟
كيف لإسرائيل أن تطالب الفلسطينيين بالاعتراف بها دولة يهودية، وتدّعي أن فلسطين بلا مستوطنات يهودية ستكون دولة إسلامية ـ دينية؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version