مؤتمر الحرب على الاقصى

بقلم: عمر حلمي الغول

عقد أمس الأول المؤتمر السنوي لجماعات ما يسمى “جبل الهيكل” المزعوم (الحرم القدسي الشريف) في مبنى الكنيست الإسرائيلي، بدعوة من النائب العنصري يهودا غليك. للمؤتمر عنوان أساسي “تشكيل لوبي من نواب ووزراء اليمين المتطرف للضغط على نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل للعودة عن قراره بمنع زيارة الوزراء والنواب للمسجد الاقصى، والسماح لهم بمواصلة اجتياحاتهم لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وإلغاء الاتفاق مع الاردن، الذي وقع في اعقاب هبة تشرين الاول 2015 حول وقف الاقتحامات للحرم، وإسقاط أي دور للاردن او فلسطين فيه”.
المؤتمر حمل مفارقة، انه عقد هذا العام في مبنى الكنيست، وهي سابقة من نوعها. لا سيما انه في الدورات التسع السابقة عقد في أماكن خارج المباني الإسرائيلية الرسمية. كما حضره وزراء ونواب من أتباع الائتلاف الحاكم. ليس هذا فحسب، بل انهم تناوبوا على منبر المؤتمر كمجرمين، محرضين على إشعال فتيل دورة العنف والحرب الدينية مجددا. فقال جلعاد أردان، وزير الامن الداخلي “أؤمن أن حقنا في “الهيكل” (الحرم) غير قابل للمساومة، وهذا هو المكان الأكثر قداسة لليهود في العالم، والوضع القائم حول الهيكل يظلم الشعب “اليهودي”. في حين امتدح زئيف ألكين، وزير جودة البيئة وشؤون القدس عمل وجهود جماعة “جبل الهيكل”، وقال: انها تقوم بما عجزت عنه الحكومة في كل ما يتعلق بحق اليهود في “الهيكل”. ودعا أوري أريئيل، وزير الزراعة رئيس الحكومة، نتنياهو إلى فتح المجال أمام أعضاء الكنيست للدخول إلى “جبل الهيكل”، واضاف مطالبا نتنياهو “بفتح كل ابواب “الهيكل” لدخول اليهود،” وأردف قائلا “كفى للخنوع والركوع”.
كما تحدث في المؤتمر رفائيل موريس، رئيس جماعة “عائدون إلى الجبل”، الذي ضرب على طبول التحريض والجنون الصهيونية ورفض السلام، والدعوة لإقامة دولة “إسرائل الكاملة” اي دولة إسرئيل من النيل للفرات، الشعار التاريخي للحركة الصهيونية، حين خاطب أقرانه الفاشيين “عندما نقول إن “جبل الهيكل” هو لنا وفقط لنا (حتى لم يقبل أي علاقة للفلسطينيين بالمسجد الاقصى) ولا يوجد فيه مكان لأي شخص آخر، سننتصر في عمونة (التأكيد على مواصلة الاستيطان الاستعماري)، وسنحتل ليس “جبل الهيكل” فقط (لاحظوا يعترف أنه يمارس دور المحتل المجرم) وإنما الأردن وسورية، وسنقيم دولة “يهودية” حقيقية في كل “أرض” إسرائيل الكاملة”.
مع ان شعار المؤتمر حمل طابعا مستَدراً للعطف بعنوان “الوضع القائم يمارس إجحافاً ضد اليهود”، والدعوة بـ “السماح لليهود الصلاة في المسجد الاقصى”. إلا ان ما حملته خطابات المشاركين من الوزراء والنواب، كان بمثابة إعلان حرب دينية على المسجد الاقصى وعلى الفلسطينيين وعلى الاردن الشقيق وكل عربي أيا كانت ديانته. وهؤلاء المجرمون القتلة، ليسوا ممثلي انفسهم، بل هم مسؤولون في الحكومة القائمة، وقيادات في أحزابهم. الامر الذي يشير بشكل صريح إلى ان دعواتهم التفجيرية ليست مقتصرة على اشخاصهم، ولا هي ردود فعل آنية، ولا شطحات سياسية عابرة، انما هي الترجمة والانعكاس المباشر لأركان الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم وسياساته، وهي المحاكاة للدعوات اللاهوتية اليهودية الصهيونية المتطرفة، وبشكل آخر هي العنصرية اليهودية بأبغض اشكالها، والانفلات النازي نحو عمليات تطهير عرقي تتجاوز حدود إحتلال المسجد الاقصى والسيطرة عليه بشكل كامل، لتصل لكل الارض الفلسطينية والشعب الفلسطيني، كما اعلن موريس الصهيوني اللاهوتي المجرم.
هذه الدعوات المسمومة من قبل المشاركين في مؤتمر “جبل الهيكل”، ومكان انعقاده هذا العام تحمل دلالات خطيرة، نعم ليست المرة الاولى، التي تطلق فيها هكذا تفوهات، ولكن في ظل صعود الخط البياني للتيارات اليمينية السياسية والدينية المتطرفة في الشارع الاسرائيلي، وتماهي الخطاب الرسمي للحكومة واركانها مع تلك الجماعات المجرمة، هو ما يدلل على خطورتها السياسية والدينية. وهو ما يتطلب من صناع القرار في فلسطين والاردن والقادة العرب الآخرين الانتباه الجدي للأخطار الاسرائيلية القادمة، وإعادة نظر المنخرطين في سياسة التطبيع المجانية بسياساتهم على اقل تقدير.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version