المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

لماذا تراجعت مصر عن طرح مشروع ادانة الاستيطان في مجلس الامن

في خطوة مفاجأة طالبت الحكومة المصرية بتأجيل التصويت في مجلس الامن على مشروع قرار يدين الاستيطان كانت تقدمت به مصر باسم الرباعية العربية وقد اثار الموقف المصري استغرابا شديدا في الاوساط السياسية العربية والاقليمية والدولية دفعت ببعض الدول ومن خارج المنظومة العربية “نيوزيلاندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال” لمطالبة مصر بتوضيح موقفها النهائي وإلا فان هذه الدول ستحتفظ بحق طرحه في مجلس الامن.
ويشير محللون سياسيون الى ان اسباب تراجع مصر عن طرح المشروع جاء بعد محادثة مطولة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب ومعارضة الاخير لهذا المشروع حيث ادرك الجانب المصري ان القرار لن يساعد في عملية السلام بالنظر الى رد فعل ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو والذي مارس ضغوطات ايضا على الجانب المصري في الوقت الذي ابلغ فيه ترامب الرئيس المصري بان السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين لن يتحقق الا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين وليس من خلال قرارات الامم المتحدة ملمحا في الوقت ذاته بأن مثل هذه القرارات تضع اسرائيل في موقف تفاوضي ضعيف.
اسرائيل تلقت الخبر بارتياح تام ووصف رئيس الوفد الاسرائيلي تأجيل التصويت بالخطوة المهمة واعترف بان اسرائيل عملت على كافة الجبهات لضمان عدم تمرير المشروع، في الوقت الذي خيم الصمت على المواقف العربية التي لم تصدر عنها ردود فعل على هذا الحدث.
تكثيف اسرائيل جهودها لوقف المشروع وعدم التصويت عليه او تأجيله تمهيدا لالغاءه جاء بسبب المخاوف الاسرائيلية من ان تمتنع الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو ضد قرار المشروع بعد تسريبات دبلوماسية بان ادارة الرئيس الامريكي اوباما لن تمارس حق النقض ضد القرار او على الاقل سوف تمتنع عن التصويت عليه. ولهذا بحثت اسرائيل عن سبل اخرى لإجهاض القرار بمساعدة طواقم البيت الابيض في ادارة ترامب الجديدة ونجحت في احباط المشروع.
التبريرات التي ساقتها مصر في تأجيل التصويت على المشروع تبدو غير مقنعة البتة اذ ان مثل هذه القرارات لن تساهم اطلاقا في التأثير سلبيا على المفاوضات وكان من المفترض استغلال الترتيبات السياسية التي سبقت طرح المشروع وتحديدا الموقف الامريكي بعدم عرقلته وإخضاع القرار للتصويت لزيادة الضغوط الدولية على اسرائيل ووضعها في مأزق ليكون بذلك بداية موقف دولي جديد ورسالة موجهة لإسرائيل بضرورة الاستجابة الى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي. ثم ان مصر كان من المفترض من خلال طرح هذا القرار ان ترسل رسالة شديدة اللهجة الى الادارة الامريكية الجديدة بان النزول في الحقوق الوطنية الفلسطينية هو خط احمر وعلى ادارة ترامب التعامل مع هذه التطورات بمنتهى الجدية وخاصة ان الرئيس الامريكي اوباما لم يذعن لضغوط ترامب ونتنياهو في استخدام حق النقض ضد المشروع كما اشارت بعض الوكالات.
القرار المصري ايضا ربما فرضته مجموعة من التفاعلات السياسية العربية والاقليمية ومراحل المد والجزر التي تشهدها العلاقات العربية العربية والعلاقات العربية الاقليمية وكان من المفترض ان تبقى القضية الفلسطينية خارج نطاق هذه الخلافات وبعيدة عن التجاذبات والخلافات العربية العربية والتفريق بين جوهر القضية الفلسطينية كقضية مركزية عربية وبين النظم السياسية العربية التي تختلف تارة وتتحالف تارة اخرى فيما بينهما وان تبقى الحاضنة العربية التي من خلالها يستطيع النظام العربي فرض حضوره الدولي.فالمجموعة العربية كانت امام فرصة لن تتكرر دائما لإعادة تموضعها الدولي واستعادة هيبتها المسلوبة وان تتمكن من فرض حضورها في القرار الاممي وسحب البساط من تحت اقدام اسرائيل، وهكذا اصبحت القضية الفلسطينية خاضعة لقوانين السياسة الدولية المرتبطة بقواعد المصالح المشتركة.
اسرائيل خرجت بمثابة الفائز الوحيد في هذه الاحداث وخرجت منتصرة وجاء التأجيل بمثابة تصفيق لاسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه وتعبير واضح عن تأييد الاستيطان الاسرائيلي وكان القرار بمثابة الضوء الاخضر الذي يعطي لاسرائيل حق مصادرة الاراضي الفلسطينية والرفع من وتيرة الاستيطان وفي استمرار تنكرها للحقوق الوطنية الفلسطينية والمفارقة الغريبة والعجيبة انه جاء بغطاء عربي.!

مركز الإعلام

Exit mobile version