المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

وثيقة حماس مقدمة للاعتراف بإسرائيل

التحولات والتغيرات السياسية داخل الحركات الايديولوجية هي عملية شائكة ومعقدة وفيها الكثير من المخاطر والارتدادات داخل قواعد هذه الحركات ومن الممكن ان تنعكس سلبيا على قواعدها الجماهيرية وعلى طبيعة تحالفاتها خاصة عند البحث عن المقارنة والمقاربة والموائمة والأسباب الحقيقية وراء هذه التفاعلات السياسية اذ انه من الصعب التحول بشكل مغاير من الفكر الايديولوجي نحو البراغماتية بحجة الجنوح نحو الواقعية السياسية، الا اذا كانت هذه التحولات تخفي وراءها اهدافا سياسية مرحلية او ربما وجود اجنحة وجماعات داخل هذه الحركات لها استقطابات دولية وإقليمية.
حماس التي اعلنت عن تحولات وتغيرات في مواقفها السياسية والإعلان عن تحررها من فكر الاخوان المسلمين بما يتوائم مع مصالحها البراغماتية تريد ارسال رسالة الى العالم بأنها في الطريق الى التحول نحو خيار الواقعية السياسية لتكون وجها مقبولا داخل المجتمع الدولي بعد ان مرت حماس بمحطات معقدة فرضت على المجتمع الدولي وسمها بالإرهاب.
ولما كانت السياسة لا تعرف ولا مكان فيها للمبادئ ولا حتى للانتماء الفكري والإيديولوجي وأن الثابت في السياسة هو المصالح الخاصة والمصالح الدائمة ولولا ان حماس كانت تواجه اشد اطواق العزلة والحصار لما اسقطت رهاناتها على الاخوان وفك الارتباط مع الحاضنة الفكرية لتضع نهاية “مؤقتة” في هذه العلاقات لكن سيتم الاعلان من جديد عن الزواج بين حماس والاخوان في وقت تكون فيه قد حققت كافة اهدافها التي استدعت الانفصال “المؤقت” والى اصدار الوثيقة الجديدة.
لكن ورغم هذا التحرر من الافكار التي وسمت بالارهاب والتحول الطفيف في بعض المواقف السياسية واهمها اعتراف حماس بدولة فلسطينية بحدود 67 رغم ان هذا الاعتراف بقي مبهما بالاشارة الى ان حماس لن تعترف باسرائيل لكن ما يهم المجتمع الدولي هو المسألة المتعلقة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي التي ستكون حكما على مواقف حماس.
وهنا يكمن الهدف الرئيسي جراء اطلاق حماس لوثيقتها والتي هي عبارة عن جواز سفر للمرور الى ساحات الاعتراف الدولي بها لكن هذا الاعتراف يجب ان يمر من بوابة الاعتراف بإسرائيل نعم حماس ذاهبة للاعتراف بإسرائيل وبأي ثمن كان وان هذا الاعتراف هو الذي سيمهد لها دخول الساحة الاوروبية والأمريكية بشكل يؤهلها للعب دور في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل ان طموحاتها تتخطى هذه الرؤية التي يمكن ان تنقلها من المشاركة الى البحث عن شرعية جديدة وتطرح نفسها بديلا لمنظمة التحرير على طريق الامساك التام بالورقة الفلسطينية واستعدادها لحل الصراع فحماس لا يوجد خطوط حمراء تردعها ولا ثوابت تتمسك بها طالما انها لم تكن يوما حركة وطنية فلسطينية وما طرحها الاخير بالإعلان عن نفسها حركة وطنية فلسطينية الا من اجل تحقيق هذه الاهداف .
يبقى هناك عوائق امام حماس لاختراق الساحات الدولية حتى لو اعترفت باسرائيل اذ ان الموقف الدولي سيتبنى مواقف اسرائيل الجديدة من حماس لكن حماس ستكون مطالبة باعلان مواقفها بوضوح من مسألة المقاومة التي لا زالت تتمسك بها من اجل تحرير فلسطين وربما تقايض حماس هذه المسألة بحصولها على اعتراف دولي وإسقاط تهمة الارهاب عنها وإعطاءها شرعية دولية.
خطورة هذا الموضوع على القضية الفلسطينية بانه يمكن ان يؤسس لمرحلة جديدة في الحياة السياسية الفلسطينية وتتمكن بعض الدول التي تتساوق مع مواقف حماس من نقل المشروع الوطني الفلسطيني الى مشروع تقاسم وظيفي ينتهي بحلول تقطع الطريق امام اقامة دولة فلسطينية مستقلة وهذه هي الرؤية الاسرائيلية للحل وحماس لن تمانع من الانخراط في هذه المعادلة .
وثيقة حماس في محصلتها النهائية ليست سوى مؤامرة جديدة على القضية الفلسطينية وقد بدأت اهدافها تتضح شيئا فشيئا من خلال التضييق على حركة فتح في القطاع والتفكير بالإعلان عنها حركة محظورة وتكون بداية حصار وانحسار للحركة الوطنية الفلسطينية.

مركز الإعلام

Exit mobile version