في العضوية و الالتزام

لا بد للشخص السوي ، الصادق، المبدئي و المنتمي الحقيقي للتنظيم، أن يكون ملتزما بقرارات الحركة، و منسجما مع الرؤى التي تتوافق عليها أطرها و قيادتها ، من خلال رأي الأغلبية . ذلك أن هذا العضو ، يدرك إدراكا أكيدا ، إنه إنما يعبر عن رؤاه من خلال هذا التنظيم، و عبر أطره و مؤسساته، و إنه يناضل من أجل ما يؤمن به من أهداف عبر تنظيمه ، بمساعدة أطره و عناصره و خلاياه و تحت مظلته في كل الظروف.

و هو يعلم إن العضو الذي يخرج عن الاجماع التنظيمي تحت أي إدعاء أو مبررات ، إنما يكون شخصا متطفلا على جسم التنظيم ، محتالا متسلقا على أغصان نبتته التي تحاول أن تصعد الى الأعلى و فروعها التي تنتشر في كل اتجاه ، من أجل أن تقوى و تضمن ديمومتها الى أبعد مدى، و تنتج ثمارها اليانعة الطيبة المشتهاة.

و هو شخص فاقد لكرامته و احترامه لذاته ، إذ عليه طالما وجد نفسه في موقف متعارض مع مواقف و قرارات و رؤى التنظيم الذي يلتحق به ، أن يعلن انسحابه في هذه الحالة و إلا ما معنى أن يصر على الألتصاق بجذع تنظيم لا ينسجم مع خطابه و تكتيكه و تطلعاته؟!

إن العضو في أي تنظيم يكون، لا بد أن يرتبط بشكل وثيق باطر و هياكل و مؤسسات تنظيمه، و ان يجدف مع المجموع بما يساعد على اندفاع سفينة التنظيم في الاتجاه الذي يخدم الأهداف القريبة و البعيدة ، و إلا فأنه سيجد نفسه متعارضا مع المجموع ، محاولا الاندفاع في اتجاه أخر . و سيظهر في هذه الحالة عنصرا مخربا لا بد من اتخاذ العقوبات المناسبة ضده.

لا يعني ذلك أن يكبت التنظيم طاقات العضو ، و يمنعه من المشاركة في صنع القرار و إبداء الرأي ، و ممارسة النقد البناء ، و انما يعني أن يلتزم العضو بقواعد المسلكية في مجالاتها المختلفة ، و بالأليات التي يجري العمل ضمنها ، للمساهمة في إغناء الرأي ، و تعميق الرؤى.

إن تعلق عضو التنظيم بالأهداف التي يسعى الى تحقيقها تنظيمه هو ما دفعه للأنضمام للتنظيم، ليستطيع من خلال الجماعة أن يعمل بشكل دؤوب من أجل إنجاز الخطط و البرامج، التي تساعد على مراكمة الانجاز تلو الأخر، باتجاه الوصول الى الهدف المنشود، الذي يشغله و يعيش من أجله.

و لو لم يكن ذاك التعلق حقيقيا ، مخلصا شديدا ، لا كتفى الشخص بالتنظير لما يرتئيه كلما سنحت له الظروف، أمام أفراد أو جماعة، أو أكتفى بأن يكون رومانسيا حالما ، يراهن على صيرورة التاريخ كي تهيئ لما يأمل أن يكون، دون انتباه منه إلى دور الفرد و الجماعة في التأثير في تلك الصيرورة ، و في التسريع بها، و في خلق الوقائع الجديدة التي تؤدي الى صنع التاريخ.

ان الاناني الذي ينشد الى مطامحه الخاصة ، بعيدا عن مطامح وغايات التنظيم انما يمثل معول هدم في بيئة التنظيم ، يجب اقصاءه والتخلص منه بالسرعة القصوى . اذا كان التنظيم يؤثر التركيز على النوع الذي يؤمن بالفكرة، ويتفانى من اجل تنفيذ البرامج وتحقيق الاهداف ، فالكم الذي لا تتوافر فيه الشروط والمواصفات ، يغدو عبئا على كاهل التنظيم وعقبة على طريق انجازاته واتساع قاعدته الشعبية وتطوير ادائه.

لذا، فلن يكون عضوا مناسبا ، ذاك الذي يخرج عن الاجماع التنظيمي ، مفضلا مصلحته الانية على مصلحة الحركة . ولن يكون عضوا حقيقيا ، يلتزم القواعد العشر الاساسية في التنظيم ، ذاك الذي يريد ان يجعل من التنظيم بقرة حلوبا تدر عليه دسمها ، واداة يخدم من خلالها مزاجه الشخصي ، ويبني على اساسها هنا وهناك علاقات شخصية .

العضو الحقيقي ، هو ذاك الذي يتميز بالالتزام والانتماء بحيث يدرك ويشعر بشكل عميق ان اخاه في التنظيم ، هو اخوه الاقرب والاكثر تفهما وتضامنا ومشاركة في المصالح والاهداف ، من اخيه الشقيق الذي ولدته امه ، اذا كان صاحب اتجاه اخر وتطلعات واهداف مختلفة .
انتماءه لتنظيمه اولا ، الذي يريد من خلاله تحقيق اهداف مصلحة الشعب ومصلحة الوطن … اما ارتباطه بالعائلة والمنطقة والبلدة ، فسيكون ارتباطا منفصلا بالتأكيد عن ارتباطه التنظيمي ، الذي يفترض ان يكون هو الاساس في انطلاقه نحو بناء علاقاته الاجتماعية ، طالما ان ذاك الارتباط مبني على الاهداف والاماني ، والتطلعات التي تجسد امال واهداف الجماهير والمجتمع ، وتلامس همومه وتسعى لتحريره من قيود الاحتلال والقهر ، ومن اشكال الاستغلال والتخلف ليحقق الجميع ذاته في وطن مستقل حر ، ومجتمع امن مستقر متكافل يحيا فيه الجميع على قدم المساواة دون تمييز ، يتكامل اداءهم بما يكفل لهم التقدم والازدهار ، والتغلب على مشاكل وهموم الحياة ، وما يعترض سبيلها من عوائق ومصاعب.

رسالة حركية مفوضية التعبئة والتنظيم

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version