العمليتان: اسباب ودروس

بقلم: عمر حلمي الغول

شهدت مدينة القدس الشرقية اول امس الجمعة عمليتي طعن متزامنة لجنود إسرائيليين. نتج عن ذلك وفاة مجندة إسرائيلية، وإصابة عدد آخر بجراح، وسقط ثلاثة شهداء من ابناء فلسطين، هم : براء عطا (18) عاما، أسامة عطا (19) عاما وعادل عنكوش (18) عاما، وجميعهم من قرية دير ابو مشعل غرب رام الله. ويعود سقوط الشهداء الثلاثة إلى إطلاق الرصاص الحي الأهوج من قبل جنود جيش الموت الإسرائيلي على المتواجدين في ساحة باب العامود. وكان يمكن ان يكون عدد الضحايا يفوق كثيرا هذا العدد لو حصل إطلاق النار في اعقاب خروج المواطنين من المسجد الأقصى بعد صلاة الظهر.

مع ذلك لنسأل أركان حكومة الإئتلاف الإسرائيلي الحاكم، الذي يواصل التخندق في جحور الإستيطان الإستعماري، ويرفض خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، من هو المحرض على العنف والقتل؟ وهل إجراءات إسرائيل الأمنية وتقييداتها وإنتهاكاتها وجرائم حربها وقوانينها وقطارها المعلق وإدعاءاتها بضم القدس الشرقية، هل كل هذه الإجراءات والإنتهاكات حققت الأمن والآمان؟ هل تستطيع قيادة إسرائيل السياسية والأمنية الإدعاء أنها تسيطر على سكان العاصمة الفلسطينية المحتلة؟ لكم خمسين عاما محتلين الأرض، هل إستطعتم أسرلة ابناء الشعب العربي الفلسطيني؟ ألآ تعتقدون انكم تدورون في حلقة مفرغة من المشاريع الإستعمارية، التي لم تجلب لكم الأمن والأمان، بل عمقت الصراع والعنف، وتعمل كشاحن ومولد لطاقات المقاومة المتجددة في اوساط ابناء فلسطين، وتحصنهم بكل عوامل الرفض لخياركم وإنتهاكاتكم وجرائمكم، وتولد المزيد من العنف والفوضى والإرهاب الإسرائيلي، الذي يهدد حياة الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء؟ ماذا تطلبون من ابناء الشعب الفلسطيني؟ هل تطلبون منهم الإذعان والإستسلام لمشيئة إستعماركم الوحشي؟ هل تطلبون منهم التصفيق لكم على مصادرة وتهويد اراضيهم وبيوتهم وتاريخهم وتراثهم؟ أم تريدون منهم غض النظر عن إمتهان كرامتهم، وسحق حرياتهم، وتعاملهم بعنصرية وحشية، وطأطأة الرؤوس لقوانينكم وسياساتكم الإستعمارية؟ وهل بإقتحاماتكم للمسجد الأقصى، وإغتصاب حائط البراق أكثر مما هو مغتصب، بإعتباره مكانا “مقدسأ” لكم،ورفضكم للقرارات الأممية ولجان التحكيم الدولية في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي، التي اكدت ان الحائط الغربي من المسجد الأقصى لايمت لكم بصلة لا من قريب اوبعيد، تستطيعون تغيير معالم القدس، وفرض إملاءتكم على ابناء الشعب الفلسطيني؟ وهل يمكن لتصاريحكم التافهة في المناسبات الدينية والإجتماعية أن تجعل الفلسطيني ينسى حقوقه ومصالحه الوطنية؟ وهل خطط وزير موتكم ليبرمان في القدس وعموم الضفة الفلسطينية حققت شيئا مغايرا لسياسات سابقية من قادة جيشكم؟

الف سؤال وسؤال يمكن طرحه على قادة إسرائيل من مختلف المستويات للاجابة على التحديات المتوالدة من إرهاب الإحتلال الوحشي، ولكن جميعهم يهرب من الإجابة على اي سؤال او يرفض الإعتراف بالحقيقة المرة، وهي ان الإحتلال كان ومازال، هو أس وسبب العمل المقاوم. ولا يمكن للشعب العربي الفلسطيني القبول بإستمرار الإحتلال الإسرائيلي الأخير والأطول في العصر الحديث. وإذا إعتقد قائد إسرائيلي في يوم من الأيام بموافقة وقبول اي فلسطيني ببقاء الإحتلال، فهو مخطىء، ولا يقرأ المعادلات السياسية بشكل صحيح. ولا يفهم طبيعة الشعب الفلسطيني. ولا يستشرف آفاق المستقبل جيدا.

إن شاءت إسرائيل العيش بسلام مع الشعب الفلسطيني ووسط المحيط العربي، عليها ان تدرك جيدا إن كل التطبيع العربي الرسمي القائم من تحت وفوق الطاولة لن يوفر لها السلام. ووقوف اميركا بطولها وعرضها لن يحقق الآمان لها، ولو إمتلكت كل اسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية لن تستطيع العيش بأمان، في حالة واحدة يمكنها ضمان عيشها بسلام في حال قبلت الإلتزام بخيار السلام، ودفع إستحقاقاته كاملة غير منقوصة، وهي: الإنسحاب الفوري من كل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967؛ إزالة كل المستعمرات الإسرائيلية دون إستثناء من الأرض المحتلة؛ السماح بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كاملة؛ وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين بالعودة لديارهم التي طردوا منها في عام 1948 على اساس القرار الدولي 194، لاسيما وان الفلسطينيين والعرب قدموا كل الإستحقاقات السياسية والإقتصادية والأمنية المطلوب منهم سلفا. هل تدرك ولو لمرة واحدة قيادة إسرائيل مصلحتها، وتعيد النظر بخيارها الإستعماري؟

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version