قطاع غزة … والكارثة البيئية القادمة!!

بقلم: الدكتور عقل أبو قرع

تظهر فحوصات مخبرية تم نشرها حديثا، أن جزءا كبيرا من مياه بحر قطاع غزة هي مياه ملوثة، سواء أكان التلوث بيولوجياً أو كيميائياً، والسبب الأساسي هو مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر بما تحويه من كل أنواع الملوثات، من مبيدات وعناصر معدنية ومواد غير عضوية ومن بكتيريا وفيروسات وما الى ذلك. وبالاضافة الى الاثار المباشرة لهذا التلوث على من يستخدم هذه المياه من البشر، فإن لها آثار بعيدة المدى على الثروة السمكية وعلى النظام البيئي الذي يحويه البحر.
ومع تخطي عدد سكان قطاع غزه عتبة المليونين، وبالإضافة الى الحصار المتواصل القطاع، فإن المعلومات الواردة من القطاع من خلال مصادر مختلفة، ومن ضمنها المصادر الدولية، تشير الى وجود وضع بيئي كارثي، أو في الاتجاه نحو كارثة بيئية في قطاع غزة، وبالتالي تدمير النظام البيئي، الذي يحيا فيه أكثر من مليونين من الأشخاص، يعتاشون ويمارسون النشاطات المختلفة من زراعة وصناعة وتجارة وخدمات وما الى ذلك.
ومن المعروف أن عشرات الالاف من ألاطنان من ألمواد المتفجرة قد تم القاؤها على قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة، التي تشمل العديد من الكيماويات المختلفة، والتي قد تكون وجدت طريقها الى الارض والجو والمياه والطعام والبشر في غزة، في تلك البقعة الجغرافية الضيقة، حيث من المعروف ان القطاع بأكمله، اي من بيت حانون الى جباليا ومدينة غزة ودير البلح وخانيونس ومن ثم الى رفح، لا تزيد مساحته عن حوالي 365 كيلومترا مربعا، وان عدد سكانه يبلغ أكثر من مليون وثمانمائة ألف شخص، وهذا العدد في ازدياد متواصل، وبالتالي هو من اكثر بقاع الارض اكتظاظا بالسكان، ان لم يكن اكثرها، حيث يعيش في الكيلومتر المربع الواحد حوالي 5000 شخص.
ومعروف كذلك ان المصادر الطبيعية الفلسطينية، في الضفة الغربية وفي غزة ، من مياه وتربة وارض او حيز هي محدودة، وبأن هذه المصادر، وبالاخص في قطاع غزة هي ليست بالحال الافضل، سواء اكانت المياة الجوفية، او التربة، او تلوث مياه البحر، أو الحيز الجغرافي من حيث انتشار النفايات الصلبة والمياه العادمة، وانتشار السيارات القديمة، وبالتالي امكانية تلوث الهواء، وكذلك ضعف او غياب القوانين البيئية الملزمة وضعف التوعية البيئية الكفيلة لايلاء البيئة في غزة الاهتمام الكافي.
ومن آثار ألكارثة ألبيئية في قطاع غزة تلوث ألمياه، ومعروف ان اكثر من 95% من ألمياه في بلادنا هي مياه جوفية، وكانت قد أشارت تقارير الى ان اكثر من 90% من المياه في غزة هي مياه ملوثة، ولا تصلح للاستخدام البشري حسب المعايير الدولية، وتتلوث المياه في غزة بالمواد الكيمائية، سواء الناتجة من المياه العادمة، او من المبيدات والاسمدة الكيميائية، او من مشتقات البلاستيك والمواد الصناعية الأخرى، ومن ثم تتسرب من خلال التربة الرملية الى مصادر المياه الجوفية. وبعد ألحرب ألاخيرة يمكن تصور الكميات الكيميائية الهائلة التي تم اضافتها الى التربة في غزة، وبالتالي احتمالات وصولها الى مصادر المياه، ومن ثم زيادة الوضع سوء بالمقارنة ما كان عليه قبل الحرب.
وشاهدنا من خلال الصور في ألحرب ألاخيرة على غزة، سحب الدخان الهائلة بما ما تحويه من مواد، والتي كانت تتصاعد الى الهواء، أي الى هواء غزة، ومن ثم احتمال تلويثه، وبالاضافة الى ذلك فان معظم بقايا المواد التي ألقيت على غزة تبقى في التربة او على الارض، وبالتالي تزيد من معضلة النفايات الصلبة، وفي هذه الحالة النفايات الصلبة الكيميائية الخطيرة، وكذلك ومن خلال تراكمها في التربة تحد وبالتدريج من خصوبة هذه التربة وبالتالي تحد من قدرتها على انتاج الطعام او الزراعة فيها.
ومن المحتمل كذلك ان تصل هذه المواد الكيميائية بشكل مباشر او غير مباشر الى الغذاء الذي سوف يتم استهلاكه من الناس وما الى ذلك من اثار صحية، وبالاخص اثار صحية بعيدة المدى.
وفي ضوء كل هذه التقارير، فإن الوضع البيئي في قطاع غزة، من السهولة وصفه بالوضع الكارثي، وان النظام ألبيئي ألصالح لحياة ألبشر قد تهاوى أو يتهاوى، إن لم يكن قد انتهى بعد، وبالتالي فإننا الأحوج الى اعتبار الاوضاع البيئية في غزة من الأولويات الوطنية ، سواء اكان ذلك من قبل الجهات الرسمية أو من قبل المنظمات المحلية والدولية الفاعلة في مجال البيئة، وبالادق الآثار البيئية بعيدة المدى والتي لا يمكن ألحد من تداعياتها، وبالأخص أننا نشاهد التقارير هذه الأيام عن ازدياد حالات أمراض السرطان وغير ذلك من الامراض غير الساريه في غزة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version