وداعاً أبا خالد

بقلم: عبد السلام العابد

كانت الأعداد الكبيرة من المواطنين التي أمت مدينة طولكرم، ظهيرة يوم السبت الماضي، وشاركت في وداع المرحوم ربيح الخندقجي إلى مثواه الأخير دليلا واضحا، على محبة الناس، واحترامهم وتقديرهم العالي له. لقد تدفق أحباء أبي خالد من محافظات فلسطين كافة..مواطنون عاديون وزملاء وأصدقاء وأهل ومسؤولون، حيث ألقيت كلماتٌ مؤثرة أشادت بشخصيته المحترمة، وخصاله الحميدة ونضاله الوطني، ودفاعه عن حق شعبنا في الحرية، وعن عطائه وإخلاصه في عمله والمسؤوليات التي كان يضطلع بها، طوال مسيرته العملية في الوطن وخارجه.

ولقد لامست هذه السمات الحميدة في شخصية أبي خالد بنفسي، أثناء عملي في وزارة الثقافة في محافظة طوباس، فمنذ لقائنا الأول، عرفتُه مثقفا ومهتما بتطوير الحراك الثقافي، وأهديته أربع نسخ من الكتب التي أصدرناها للكتاب الشباب في طوباس وهي: اشراقات، وذاكرة المكان..وسنابل خضر..وكتاب وداعا مروان. وشارَكَنا بصفته الرسمية في رعاية وحضور الفعاليات والأنشطة الثقافية المميزة كلها…وكنا حريصين على أن نستمع، بانتباه لكلماته المعبرة عن الهم الوطني، وغرس بذور الانتماء والقيم الوطنية والإنسانية السامية في نفوس الأجيال، ولا سيما حب الوطن والتعبير عن هذا الحب، بالعمل والإخلاص وتعزيز البقاء والصمود، ومساعدة المواطنين على تحصيل حقوقهم في أرضهم ومياههم، وجعلهم يدافعون عنها، ويزرعونها بأنفسهم..وهذا ما تم تحقيقه في منطقة الأغوار. كان يستمع إلى المبدعين والكتاب والشعراء، ويشجعهم ويدعم الفعل الثقافي في حقول الأدب والفن والتراث الشعبي.

ومن أجمل الذكريات الجلسات التي كان يعقدها المحافظ ربيح الخندقجي، في قاعة محافظة طوباس العامرة، والواقعة على هضبة عالية في طوباس أيام الشتاء..كنا نصغي لتوجيهاته وكلماته، فيما كانت الرياح القوية تتخلل فراغات النوافذ الواسعة، فنسمع حفيفها كأنه الموسيقى!. يا لها من جلسات دافئة ! كان أبو خالد يزيدها روعة وفائدة وجمالا بطلعته البهية، وابتساماته الناعمة المشرقة، وحديثه العذب ومداعباته اللطيفة. كم كان يتحدث عن الأرض والإنسان، وضرورة تكثيف الجهود ومضاعفتها؛ لخدمتهما والحرص على واقعنا ومستقبلنا، في وطننا الذي يتعرض للرياح الهوجاء والأعاصير العاتية.

رحمك الله أبا خالد، سيذكرك الناس بأعمالك الطيبة، ومآثرك الحميدة، وسيرتك العطرة. وستذكرك الأماكن التي زرتها، وجلست فيها، وزرعت في جنباتها بذور الانتماء والمحبة والخير والعطاء،فأنبتت ورودا عاطرة، ورياحين فواحة، وزنابق مزهرة. إلى جنات الخلد،أبا خالد..وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version