متى نتخلص من الرهان على المنقذ من خارجنا؟

بقلم: باسم برهوم

الدرس الأول الأهم، الذي علينا ان نذكره وان نجعله يحفر في وعينا الوطني، بعد انتصارنا في صراع الارادات الذي جرى في القدس، هذا الدرس هو ان نتوقف عن الرهانات والوهم الذي ينازل الكثيرون منا، بأن النصر والتحرير والحرية ستأتي على يد منقذ او مخلص من الخارج. المنقد المزعوم ليس له وجود عملي لأن كل من حولنا من دول وجماعات منشغلون بأولوياتهم ومصالحهم.
هذا المنقد لم يكن موجودا عبر مئة عام من الصراع الفلسطيني الصهيوني.. ألا يكفينا مئة عام لندرك هذه الحقيقة.
مشهد الصمود والانتصار في صراع الارادات الذي قدمه الشعب الفلسطيني في القدس، بدا وكأنه خارج الزمان السائد اليوم على الساحة العربية والشرق اوسطية. المشهد الفلسطيني الذي تجلت فيه الوحدة الوطنية والتمسك بالهوية، مشهد عاد من خلاله الشعب الفلسطيني التذكير بهوية العدو الرئيسي، هذا المشهد الفلسطيني معافى وغير ملوث برائحة الحروب الطائفية والمذهبية النتنة التي تمزق الأمة العربية والمنطقة. وبهدف التخلص من اوهامنا، علينا ان نسأل انفسنا هل فلسطين والقضية الفلسطينية تمثل اليوم لكل هؤلاء أولوية. في خضم كل ذلك لعل الصامتين بالنسبة لنا هم افضل من أولئك الذين لا يزالون يتشدقون بكل الكلمات الثورية الفارغة من اي بعد عملي عن القدس وفلسطين، لأنهم منغمسون حتى آذانهم في الحروب الطائفية والمذهبية، وحروب الصراع على النفوذ. والغريب هنا ان هذا الصراع على النفوذ لا يدنو من قريب او بعيد على النفوذ الاسرائيلي. ألا يكفينا ان كل هؤلاء الذين استخدموا قضيتنا ودماءنا عبر هذه العقود الطويلة من الصراع؟ هل حرر أي منهم شبرا من فلسطين؟ دعونا نلاحظ مدى التشويه الذي أصاب وعينا القومي والوطني، الى درجة بتنا معها نصنف بعضنا بعضا على أسس طائفية من خلال هذه القناة التلفزيونية أو تلك فمن يتابعون هذه القناة هم من الطائفة والمذهب كذا ومن يتابعون تلك هم من المذهب والطائفة كذا، مع وجوب التذكير ان معظم هذه القنوات وربما كلها تفوح برائحة الطائفية والمذهبية وتشوه الوعي وتمزق الأمة. المشكلة الأكثر عمقا ان بعض العلمانيين او من اعتقدوا انهم علمانيون وما زالوا هم أنفسهم باتوا بارادتهم او غير ارادتهم جزءا من هذه الحروب الطائفية، ويعتقدون واهمين انهم بمتابعتهم قناة بعينها تمثل (الثورة العالمية) ويبقون جالسين مع احلامهم وأوهامهم بأن هذه القناة ومن يقف وراءها ستجلب لهم الفرج بالحرية والاستقلال. السؤال الآن، متى سنعود لذاتنا الوطنية الفلسطينية ونثق بأنفسنا؟ من دون شك ان دولا ومؤسسات وأجهزة اعلام عملت لعقود وبشكل منهجي على تشويه وعينا القومي والوطني، وفي ظل كل ذلك يبدو اننا نسينا الشعارات والمبادئ الاصيلة التي انطلقت ثورتنا الفلسطينية المعاصرة على قاعدتها عام 1965، شعارات ومبادئ مثل (الاعتماد على النفس)، (ولا للتبعية) هذه الشعارات لن تكون شيئا عابرا يخدم مرحلة بعينها وخصوصا أننا لا نزال في مرحلة التحرر الوطني. هنا يجب الا يفوتنا ان الثورة المذكورة جاءت ردا على نكبة 1948 التي حصلت في لحظة تاريخية فقد خلالها الشعب الفلسطيني ارادته الوطنية الحرة وسلم للاخرين قراره الوطني المستقل. هذه الشعارات لم تكن تعني الانغلاق الوطني الضيق بل كانت تعني ان نترك نحن الشعب الفلسطيني لنكون في صدارة وطليعة المواجهة مع اسرائيل وان نكون اصحاب القرار بمصيرنا. كم مرة علينا ان نعيد الاكتشاف ومع كل تجربة مرة او حلوة اننا نحن من نصنع حريتنا، والا نكتشف في كل مرة كما قال محمود درويش بقصائده (يا وحدنا)، وسقط القناع. اذا لم نصنع نحن حريتنا بأيدينا فلم يصنعها لنا أحد.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version