المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

مقاومة الزهار.. لضمان سلطان “حماس” فقط!! كتب موفق مطر

يعلم عضو المكتب السياسي لـ”حماس” الدكتور محمود الزهار أنَّه عندما يتحدَّث عن المقاومة، فإنَّه يقصد جماعته التي حوَّلت هذه الوسيلة النبيلة إلى مجرد سلعة، أو في أحسن الحالات لأسهُمٍ للمضاربة في بورصة التجنُّحات والولاءات الإقليمية، وإلّا لما تجرّأ على اتّهام رؤساء دول عربية بدفع أهل غزة “للوقوف في وجه المقاومة” أي ضدَّها.

ليس فلسطينيًّا ولا وطنيًّا ولا عربيًّا حُرًّا ذلك الذي ينادي الشعوب بموقف ضدّ المقاومة، ذلك أنَّها وسيلة الشعوب المظلومة، والواقعة تحت الاحتلال وسبيلها للتحرُّر والاستقلال، وهذه مبادئ مرتبطة بجذر الحياة والحرية المقدَّس.

كلام الزهار يُعبِّر عن حقيقة مدرسة الإخوان والجماعات الإسلاموية الذين ذهبوا إلى أبعد الحدود في تقديس الوسائل، وجعلها الهدف، وطمس المبادئ، وحرف الجمهور البسيط لمنعه من التماس سُبُل التفكُّر، والتعقُّل، وإعمال ميزان التجربة في تقدير المواقف في الحياة المعاصرة، وكفِّ قدرته على تبصُّر متطلّبات العصر المنسجمة أصلاً مع المبادئ والقِيَم الإنسانية والأخلاقية لبناء الإنسان.

المقاومة وسيلة، تقرّرها غالبية الشعب المظلوم، وتقررها وَفْقَ ما تقتضيه وقائع وشروط زمان ومكان ونوع الظلم ومصدره، فالشعوبُ التي ناضلت وكافحت وتحرَّرت وبلغت الاستقلال عرفت المقاومة المسلّحة وأبدعت، وعرفت شعوبٌ أخرى المقاومة السلمية، فيما دمجت شعوبٌ بين المقاومتين، فأعملت إحداها في ظروف، وانتهجت الأخرى عندما تغيَّرت الظروف، لكن خيار المقاومة كأسلوب لم يُسقِطه شعبٌ حرٌّ في الدنيا، فهل سيُصدّق عاقلٌ ما يدّعيه الزهار بأنَّ قيادة الشعب الفلسطيني، وقيادة حركة التحرُّر الوطنية الفلسطينية، تسعيان لإسقاط هذا الأسلوب المشروع في القانون الدولي؟! إنَّ الدعوة لمقاومة شعبية سلمية، بمواكبة نضال ومقاومة سياسية ودبلوماسية لتغيير قواعد الصراع مع المشروع الاحتلالي الاستيطاني الاستعماري الإسرائيلي، وكذلك المقاومة الاقتصادية والفكرية والثقافية والتعليمية، هي الأجدى والأنفع في الظروف الراهنة، ولأنَّها على المدى البعيد تُرسِّخ مبدأ تقديس الحياة للفرد خصوصًا وللشعب عمومًا، وتُبرِز الوجه الحضاري للشعب المقاوم، والمتصدّي لهذه المسؤولية والعملية المعقّدة من أشكال الكفاح التحرُّري يُدرِك جيّدًا أنَّ هذه المقاومة تحتاج إلى عقول مدبّرة وجهود مناضلين توازي قدرات الذين حملوا عبء الكفاح المسلَّح في فترة وجوبه إن لم يكن أكثر خاصّةً أنَّ الأمر متعلِّق بمرحلة المقاومة الشعبية السلمية بعملية بناء مؤسسات دولة، فيما المرحلة السابقة لا تُعنَى بأكثر من بناء قواعد ومنظومات أسلحة لا تُقارن بقدرات وإمكانيات وتكنولوجيا منظومة سلاح دولة الاحتلال “إسرائيل”.

هناك فرق بين من اتَّخذ المقاومة المسلحة وسلاحها كوسيلة لتحقيق الانتصار والاستقلال، أي تحقيق حياة حرَّة كريمة لأفراد للشعب، وتكريس تجارب الالتزام والانضباط والولاء للوطن في عملية بناء الوطن، وبين من اتَّخذها كشعار مقدَّس لإخفاء مآربه في السيطرة على الحكم والسُّلطة حتى ولو كان ثمنُ ذلك سفك دماء مناضلين وطنيين مقاومين حقيقيين، كما فعلت “حماس” أثناء انقلابها الدموي عام 2007 وما قبله، وبين من حوَّلها (المقاومة) إلى مجرد جواز مرور للعبور إلى مراكز دول إقليمية مُعاديةٍ أصلاً لفكرة تحرُّرنا الوطني واستقلال دول شعوبنا العربية، وخارقةٍ لسيادتها!

لقد حوَّلت جماعة “حماس” المقاومة إلى آلة طحن لبنيان الإنسان الفلسطيني وتحديدًا في قطاع غزة، وتكسير وتفكيك لمقدراته وقدراته المادية، وبنيته التحتية، والأفظع من كلِّ ذلك تحويلها إلى ماكينة تبث الدعاية للموت، والانسحاب كجثامين طوعًا أو كرهًا إلى المقابر، على حساب الدعوة للحياة والاستبشار بالمستقبل!

لعلم الدكتور الزهار فإنَّ القائد الرمز ياسر عرفات –رحمه الله- قد وافق على طلب القيادات اللبنانية لخروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت بعد معارك بطولية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي وحصار دامَ أكثر من ثمانين يومًا حتى يكفي بيروت وأهلها شرَّ حرب بكل صنوف الأسلحة وأحدثها في ترسانة “إسرائيل”، حيثُ استُهدِف السكان اللبنانيين والفلسطينيين الأبرياء على حدٍّ سواء، فالرحمة بالناس، وتجنيب الأبرياء الويلات والمصائب والدمار والموت العبثي المجاني هو جوهر ومعنى القيادة.

الاحتلال الإسرائيلي يريدُ لنا الموت، أمَّا نحن فنقاومه بأساليب تؤكِّد تشبّثنا بالحياة ومعانيها الفاضلة، أمَّا الغريب فهو أنَّ قادة “حماس” – حسب تصريحات الزهار وحمّاد على سبيل المثال لا الحصر– يسعون لأمجاد يرفعون صروحها على عظام أهلنا في غزة وركام بيوتهم، والدليل آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى وآلاف الأوطان الصغيرة المدمّرة (البيوت)، أمَّا المقاومة التي يدَّعيها الزهار فهي الغطاء لضمان بقاء “حماس” وشعار “حماس” وحكم “حماس” فقط!!

Exit mobile version