حديث القدس: مبادرة السلام الأميركية القادمة وحقوق شعبنا الوطنية الثابتة

إذا صحت الأنباء التي نسبتها صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في عددها الصادر أمس إلى مصادر فلسطينية وأميركية مطلعة على مضمون اللقاء الذي عقد بين الرئيسين الفلسطيني والأميركي محمود عباس ودونالد ترامب يوم الأربعاء الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي أشارت إلى أن الرئيس ترامب أبلغ الرئيس عباس بأن البيت الأبيض يعمل على مبادرة سلام جديدة وورقة موقف حول استئناف المسيرة السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إذا صحت الأنباء فإننا في الأسابيع القليلة القادمة بانتظار هذه المبادرة أو ورقة الموقف.
وتقديرنا هذا نابع من عدة معطيات من أبرزها أنه وفقا للأنباء المنسوبة لمصادر فلسطينية وأميركية، فان الرئيس ترامب أبلغ الرئيس عباس أنه بحاجة لوقت إضافي لكي يبلور هذه المبادرة أو ورقة الموقف.
أما المعطى الثاني فان الرئيس عباس كان قد قال في مقابلة صحفية أجريت معه قبل اجتماعه مع الرئيس ترامب إن مبعوثي الرئيس الأميركي للسلام طلبا منه أثناء جولتهما الأخيرة في المنطقة والتي كانت في شهر آب الماضي، تمديدا لمدة شهر كي يتم عرض أفكار أميركية لاستئناف المسيرة السلمية.
ومن هنا فان أي مبادرة سلام أميركية يجب أن تتضمن اعترافا أميركيا بحل الدولتين وأن تكون ذات سقف زمني محدد وتستند الى مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، رغم ان هذه القرارات والمبادرة لا تعطي الشعب الفلسطيني كامل حقوقه الوطنية الثابتة، إلا أن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام ٦٧، وهو الحد الأدنى المطلوب فلسطينيا وغير ذلك يعتبر مضيعة للوقت واستغلال دولة الاحتلال لهذا الوقت كي تواصل انتهاكاتها وإجراءاتها العملية على الأرض لإفشال أية مبادرة سلام أو ورقة موقف.
كما أن مبادرة السلام أو ورقة الموقف يجب ان تتضمن حل القضية الفلسطينية في إطار إقليمي لأن من شأن ذلك اعتبار القضية الفلسطينية مجرد قضية من قضايا المنطقة وهو ما يرفضه كل فلسطيني لأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة، وأنه إذا لم يتم حلها بعيدا عن الإطار الإقليمي فإن الأوضاع في المنطقة ستبقى متفجرة وتنذر بالمزيد من التدهور الذي لا يمكن التكهن بنتائجه.
«فحل» القضية الفلسطينية في إطار إقليمي يعني تجاوز حل الدولتين المعترف به من دول العالم وعلى رأسها الدول الأوروبية، وحتى الولايات المتحدة الأميركية في عهد الإدارات السابقة وافقت على حل الدولتين وطالبت بتنفيذه ورفضت الاستيطان ومصادرة الأراضي التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي رغم التحالف الاستراتيجي بينهما والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل على كافة المستويات.
فأي حل للقضية الفلسطينية لا يلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والثابتة وفق قرارات الشرعية الدولية لا يمكن أن يكتب لها النجاح، وإذا كانت مبادرة السلام الأميركية أو ورقة الموقف تنطلق من الحل في الإطار الإقليمي، فإن هذا الأمر سيرفضه شعبنا وقواه الوطنية والإسلامية وقيادته، لأن من شأن ذلك تصفية قضيته الوطنية وإلحاقها بقضايا أخرى، وكأنها كأية قضية شرق أوسطية أو حتى دولية.
إن المطلوب من أي مبادرة أميركية هو العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وفق جدول زمني محدد، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من حزيران عام ٦٧، وهذا هو الحد الأدنى المطلوب الذي يوافق عليه شعبنا وقيادته وجميع مكوناته السياسية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version