حديث القدس: حالة الانتظار إلى متى ؟!

أُعلن في إسرائيل أمس الأول، أن الاحتلال يدفع قدماً مخططاً لبناء مستوطنة جديدة على أراضي مطار القدس – قلنديا- والمصادقة على بناء سبعمائة وحدة استيطانية في مستوطنتي “رمات شلومو” و”راموت”، ويوم أمس أعلن أيضاً أن الاحتلال صادق على بناء ٥٨١ وحدة في مستوطنة “معاليه أدوميم” في إطار مخطط بناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية في مستوطنات الضفة الغربية، وهو ما يؤكد مجددا أن هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تسابق الزمن لتكريس الاحتلال والاستيطان بهدف تهويد القدس من جهة، وسد الطريق نهائياً أمام إمكانية قيام دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧. كما يعني ذلك، وهو الأهم، أن الاحتلال الإسرائيلي يرفض عمليا كل جهود السلام، سواء تلك التي تقوم بها الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل الكبرى، أو أية جهود أخرى من شأنها دفع إسرائيل للموافقة على قيام دولة فلسطينية مستقلة والانسحاب من القدس وباقي أنحاء الضفة الغربية.
وإذا كانت مقولة “يد واحدة لا تصفق” أو أن “رقصة التانغو بحاجة لشريكين” فإننا أمام مشهد تبدو فيه اليد الفلسطينية ممدودة للسلام في ظل غياب شريك إسرائيلي، بل الأسوأ من ذلك أن هذا “الشريك” المفترض يعمل على تدمير جهود السلام ويوغل في التنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
السؤال الذي يطرح إزاء هذا الواقع هو: ما الذي ينتظره الفلسطينيون؟ وهل يؤدي التزام الفلسطينيين بالسلام وبما تم توقيعه من اتفاقيات انتهكتها وتنتهكها إسرائيل يومياً، هل يؤدي ذلك إلى التقدم نحو السلام في ظل انحياز أميركي واضح للاحتلال وصمت أوروبي دون اتخاذ أي موقف جاد إزاء الاحتلال وممارساته ؟!
إن ما يجب أن يقال هنا للأسف إن حالة انتظار السلام الموعود التي يعيشها شعبنا أشبه ما تكون بالباحث عن الماء في الصحراء فيتراءى له وجود واحة وماء عن بعد وعندما يقترب يكتشف انه لا يجد سوى الرمال الجافة .. إنه السراب الذي تحاول إسرائيل وحلفاؤها في أميركا والغرب منذ عقود خداعنا به دون أن نتقدم خطوة واحدة نحو السلام المنشود، على الرغم من كل إنجازاتنا السياسية والدبلوماسية، وعلى الرغم من مناصرة الغالبية الساحقة لشعوب العالم لقضيتنا العادلة.
إن ما يجب أن يقال هنا أيضاً، إن عامل الزمن لا يلعب لصالحنا وأكبر دليل على ذلك تراجع الولايات المتحدة الأميركية عن التمسك بحل الدولتين بعد أن كان هذا الحل محل إجماع دولي. فالاستيطان يتواصل مقطعاً أوصال الدولة الفلسطينية الموعودة، مع ما تفرضه إسرائيل يوميا من وقائع في مختلف أنحاء الأراضي المحتلة، ومحاولات الاحتلال تقييد شعبنا وسلطته الوطنية باتفاقيات لا يلتزم بها الاحتلال نفسه، إنما تستهدف كسب مزيد من الوقت لإبقاء شعبنا وسلطته الوطنية بحالة الانتظار تلك، هذا عدا عن سلسلة الشروط التي دأبت هذه الحكومة الإسرائيلية على اختراعها، وتبنت معظمها حليفتها الكبرى أميركا، بهدف تبرير تعثر عملية السلام وإلقاء اللوم على الضحية وليس على الاحتلال غير الشرعي.
ولهذا نقول إن الوقت قد حان للخروج من حالة الانتظار هذه، ومن دوامة السراب والوعود الفارغة، بوحدة فلسطينية راسخة ترسم معالم الطريق أمام شعبنا وتمضي به قدماً نحو انتزاع حقوقه المشروعة، وتنقل رسالة واضحة للعالم أجمع بأن شعبنا لا يمكن أن يظل مكتوف الأيدي، مكبلاً باتفاقيات لا تحترمها إسرائيل، وبوعود فارغة لا يتحقق منها شيء، وأن من حقه مواصلة نضاله العادل بموجب القانون الدولي لانتزاع حقوقه في الحرية والاستقلال بعد أن ثبت أن حالة الانتظار منذ توقيع اتفاق أوسلو وحتى اليوم لم تجلب لشعبنا سوى المزيد من المعاناة والمزيد من الاستيطان ومصادرات الأراضي وهدم البيوت والاعتقالات .. الخ من ممارسات الاحتلال التي لا تمت بأي صلة لجهود السلام.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version