المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

لماذا مخيم عين الحلوة ؟! ولماذا حركـة فتــح؟!

بقلم: أحمد مراد

المؤلم والمؤذي جداً أن يصبح الحديث المتداول لدى العديد من السياسيين ووسائل الإعلام، بأن مخيم عين الحلوة بات مأوى أوحاضناً أو حامياً لمجموعات من القتلة الإرهابيين والتكفيريين.
والسؤال هنا ،لماذا الإستهداف السياسي والمعنوي لهذا المخيم بالتحديد؟..
إن مخيم عين الحلوة يشهد منذ سنوات مسلسلاً متواصلاً يشتد حينا ويخفت حينا آخر، من الإشتباكات من مجموعات مسلحة وبمسميات(إسلامية) ضد حركة “فتح”، مضافا اليها أعمال القتل والإغتيال لعناصر وكوادر وقيادات حركة “فتح” تحديداً، ومع كل عملية إغتيال فالتهمة جاهزة للضحية، وذلك بهدف تبرير جرائم القتل والإغتيال التى تحدث.
المخيم يُعتبر حاضنة للاجئين الفلسطينيين، وقاعدة أساسية للنضال والكفاح والثورة والإنتفاضة حتى تحقيق أهدافنا الوطنية بتقرير المصير والتحرير والعودة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
يُعتبر مخيم عين الحلوة من حيث عدد سكانه أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في لبنان،ويُطلق عليه تسمية عاصمة الشتات وعاصمة حق العودة، بسبب دور هذا المخيم وأهله الذين جعلوا من هذا المخيم يحتل هذه المكانة وهذه الرمزيات الوطنية.
ان محاولات استهداف وتشويه المخيم وأبنائه وتاريخه وحاضره ودوره، فإننا نجد انفسنا مضطرين للتذكير ببعض من الذاكرة الوطنية لهذا المخيم، ومنها، مخيم الشهيد المناضل معروف سعد وهو الشهيد الوطني والعروبي الناصري الذي أصيب عام 1948 من العدو الصهيوني، دفاعاً عن فلسطين المغتصبة، وظل أميناً ووفياً ومدافعاً عن الفلسطينيين والقضية الفلسطينية حتى استشهاده عام 1974 دفاعاً عن حقوق وقضايا الصيادين والفقراء وأيضاً عن عروبة لبنان.
– كان أهالي المخيم حاضرين على الدوام للمشاركة في المظاهرات الشعبية العارمة المنددة بالمخططات والمشاريع الإستعمارية وخصوصاً الهادفة الى تصفية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ومن جهة ثانية المؤيدة والمساندة والداعمة للثورات العربية وخصوصاً منها ثورة الجزائر ثورة المليون شهيد ضد الإستعمار الفرنسي.
– واجه أهالي المخيم أشد أنواع القمع والإضطهاد، ثم ملاحقة واعتقال العديد من أبنائه من الذين التحقوا بصفوف الثورة الفلسطينية المسلحة، من (المكتب الثاني) اللبناني آنذاك.
– الشهيدان جلال كعوش، وعطا دحابرة هما من اوائل شهداء الثورة الفلسطينية.
– ثم كانت انتفاضة (23 نيسان 1969) بهدف فك الحصار عن قوات الثورة الفلسطينية في جنوب لبنان، حيث شارك أهل المخيم كافة ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً، وقد استشهد(4) أربعة من أبناء المخيم عدا العديد من الجرحى برصاص القوات الأمنية اللبنانية آنذاك.
– تصدى أبناء المخيم لآليات ومدرعات العدو الصهيوني حين حاولت اقتحام مخيم عين الحلوة أثناء العدوان والإجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، ولجأ العدو لقصف وتدمير المخيم، وبالرغم من ذلك، نفذ أبناء المخيم العديد من العمليات العسكرية ضد جنود الإحتلال الصهيوني وعملائه.
وهنا لا بد من التذكير، بأن أحد أهداف العدوان والإجتياح الصهيوني كان تدمير البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأساسها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
هنا، يفترض بنا التنبه بهذه المرحلة بأن ما يجري منذ سنوات من محاولات استهداف منظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك من تدمير وخراب وتهجير ممنهج لمخيم نهر البارد ومن ثم مخيم اليرموك، والآن مخيم عين الحلوة، وبمسميات(إسلامية) مشبوهة ومأجورة، وهم أبعد ما يكون عن الإسلام والوطنية، وببساطة لأن (ثقافتهم ووعيهم وفتاويهم) تثير الحقد والبغضاء المذهبي والعنصري لأنهم آفة سرطانية غريبة ومن ضمن ما يهدفون هو تشويه تاريخ وتراث ونضال وسمعة وثقافة ووعي أهل المخيم.
كان من نتائج وتداعيات العدوان والإجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 الذي استهدف بشكل رئيس الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية والجماهير الفلسطينية واللبنانية، بروز ونمو ظاهرة تعدد القوى والجماعات بمسميات إسلامية عديدة في الأوساط الفلسطينية ومن ضمنها مخيم عين الحلوة.
وبدل ان تكون هذه الجماعات عوناً وسنداً للحقوق الوطنية الفلسطينية، كانت عبئاً ثقيلاً إن لم نقل عبئاً نقيضاً بأفعالهم.
لم تكتفِ هذه الجماعات بالدعوة الإسلامية بل بدأت بالتسلح، وأخذت تنمو وتزداد قوتها ونفوذها شيئاً فشيئاً.. وإزداد ذلك النمو والنفوذ على أثر توقيع إتفاق اوسلو عام 1993، حيث شهد المخيم ضعف وشبه غياب لحركة “فتح” وفصائل “م.ت.ف” لاعتبارات سياسية، وهذا ما عزز ومكّن أكثر دور ونفوذ المجموعات الإسلامية حيث باتت وإلى حين هي الأقوى في المخيم.
لكن وعندما اعادت حركة “فتح” وفصائل “م.ت.ف” ترتيب وتنظيم أوضاعهم وبناء قواتهم العسكرية بهدف إعادة التوازن والتنوع السياسي والعقائدي لمكونات المخيم، بدانا نشهد بين الحين والآخر تجدد الإشتباكات المسلحة ضد حركة “فتح” بذرائع وشعارات متعددة سياسية وتكفيرية.
ثم عاد مسلسل القتل والإغتيال وتفجير العبوات الناسفة ضد حركة “فتح” بين الحين والآخر في مخيم عين الحلوة.
وهكذا الحال، حيث استمر مسلسل الإشتباكات حيناً، ومسلسل الإغتيالات حيناً آخر..
الى ان كان الإعتداء الإجرامي لعصابات “بلال بدر” لمنع القوة المشتركة من الإنتشار مما أدى الى إستشهاد الشهيد موسى الخربيطي وجرح بعض عناصر القوة المشتركة.
وهكذا بات مخيم عين الحلوة على رأس لائحة الإستهداف لتدميره وتهجير أهله، وتدمير رمزيته، وتدمير ثقافته الوطنية والعربية والإسلامية التى تحصنه. وللأسف الشديد كان حصان طروادة (الإسلامي) خدمة للعدو الصهيوني وأهدافه بتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية وفي مقدمها حق العودة.
عندها جاء الرد العنيف من القوة المشتركة والأمن الوطني على جرائم تلك العصابات المأجورة التي شكلت اعتداء سافراً على القوة المشتركة وهو بحد ذاته إعتداء وتحٍّد فاضح وواضح على كل مكونات القوى الوطنية والإسلامية مجتمعة. وعلى الرغم من هذه الجريمة المروعة التي نفذتها عصابة بدر ، فقد تبين وللأسف الشديد، أثناء الهجوم على عصابة بدر، بأن هذه العصابات كانت تتلقى الدعم والإسناد بالسلاح والمقاتلين والمال والتموين لتعزيز صمودهم، من بعض القوى المشاركة بالقوة المشتركة؟؟!!..
والمؤسف اكثر، فقد تكررت التجربة والسيناريو ذاته، وبذات الأسلوب الغادر، ومن ذات القوى، وبذات الدعم المتنوع، عندما تم الهجوم واقتحام اماكن عصابة المجرم بلال عرقوب بعد اعتدائه على القوة المشتركة المتواجدة في قاعة الشهيد سعيد اليوسف.
والملفت للأمر، أنه بعد الهجومين على عصابات (بدر/ عرقوب) تبدأ حملة اللغو ذاته وتعود النغمة ذاتها لتزييف الحقائق وزرع الأضاليل، وإشاعة الأخبارالخبيثة، ضد حركة “فتح”، لمحاولة صرف الأنظار عن حقيقة دور واهداف وجرائم هذه العصابات المأجورة والمرتبطة بأجندة خارجية تستهدف مخيم عين الحلوة وأهلة ودوره الوطني، وتستهدف كذلك أمن واستقرار الجوار اللبناني الشقيق، ومن جهة أخرى تهدف لإدانة فتح وتحميلها المسؤولية عما يجري بذريعة انها تدفع للمجرمين بدر والعرقوب مبلغا ماليا محددا.
هكذا أقاويل، هدفها تبرئة المجرمين القتلة وتحميل فتح المسؤولية بذريعة أنها لم تفِ بوعدها!!!.
لنفترض، بأن فتح لم تفِ بوعدها، فهل يحق لهما الإعتداء وقتل أفراد من القوة المشتركة التي تمثل القوى الوطنية والإسلامية كافة في المخيم؟!.
ولنفترض بأن فتح كانت تدفع لهما ثم توقفت عن الدفع، فهل يكون الرد منهما بالعدوان والإجرام وقتل العناصر المكلفة بأمن المخيم؟!.. أم بمراجعة المعنيين أو بإدخال وسطاء لحل الموضوع في حال كان الامر صحيحاً؟!..
واذا كانت “فتح” فرضاً تدفع لهما المال، فالسؤال ما الغرض من ذلك؟.. والجواب بكل بساطة إنها تسعى لإسكات هؤلاء بالتي هي أحسن، وذلك حرصاً على أهل المخيم والجوار، وأولئك المغرضون لسان حالهم يقول: ان دفعت فتح فهي مدانة، وإن لم تدفع فتح فهي أيضاً مدانة،إن دافعت فتح عن نفسها وعن المخيم فهي مدانة، وان لم تدافع فهي أيضاً مدانة ، ببساطة إنهم جزء من حملة ممنهجة ومركزة ضد حركة فتح لإن ذلك هو الوجه الآخر لمسلسل استهداف حركة فتح طيلة السنوات السابقة.
ثم أليس ملفتاً أن يتم الاعتداءان على القوة المشتركة بذات الأسلوب وبذات الذرائع؟.. ولماذا الإعتداءات والإستهدافات ضد فتح تحديداً؟؟..
بإختصار نقول: هناك مشروعان يتصادمان وهما نقيضان..
الأول: المشروع والحقوق الوطنية الفلسطينية وفي مقدمها حق العودة والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة فتح التي تمثل العمود الفقري للقوى الوطنية، فإن ضُربت أو أُضعفت أو تم تصفيتها في مخيم عين الحلوة فانه بذلك يسهل تماماً سيطرة القوى التكفيرية على المخيم وجعله إمارة لهم تؤتمر وتدار من الخارج.
المشروع الثاني وهو النقيض الفعلي: للأسف يتم بمسميات إسلامية وبفتاوى ومفاهيم واساليب عمل لا علاقة لها بالإسلام ولا الأديان، ولا بالحقوق والأخلاق الوطنية، ورموز هذا المشروع والمرتبطون به ليسوا أكثر من ادوات يتم استخدامهم لضرب المخيم وتهجير اهله على طريق تصفية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وذلك يصب في خدمة اهداف العدوالصهيوني، وهذا هو خوفنا الكبير على المخيم والجوار.
يقول المنطق بأن أمن واستقرار وحماية المخيم هو مسؤولية جماعية للقوى الوطنية والإسلامية في المخيم، لكن الحقيقة الجارحة والواقع الحالي يؤكد بأن الذي يواجه الجماعات التي تشكل خطراً على المخيم هي حركة فتح، في حين تجد البعض متفرجين مهمتهم فقط إحصاء الأخطاء عند فتح، وآخرون لا تجد منهم سوى الأصوات المزايدة، مثلما تجد فريق الأقنعة السوداء التي تصب وتخدم وتقاتل مع أصحاب المشاريع السوداء.ِ

خاص مجلة “القدس” العدد 342 تشرين اول 2017

Exit mobile version