«نجمة» تضيء صفحات التاريخ بدكتوراه في الـ 74

لم تكن درجة الدكتوراه في التاريخ بامتياز التي منحتها أمس جامعة لاهاي الهولندية لدارسة عادية، خاصة أن مقدمة الرسالة سبعينية فلسطينية هي نجمة خليل أبو إصبع «74 عاماً»، بعد أكثر من ساعتين أمضتهما في طرح ومناقشة رسالتها حول «دور المرأة الفلسطينية النضالي خلال ربع قرن من الانتفاضة الأولى وحتى 2012»، بحضور لجنة المناقشة المؤلفة من الدكتور إياد عبد المجيد إبراهيم، المشرف على الرسالة، والدكتور مروان عبدالمجيد، منسق جامعة لاهاي في الإمارات، وعضوية كل من الدكتور محمد عيسى الحوراني، والدكتور خالد سليمان البلوشي، والدكتورة خولة متعب التخاينة، والدكتورة شيرين العدوان، فضلاً عن حشد من عائلتها وأصدقائها.
وفي مطلع مناقشة الرسالة، تطرقت الباحثة إلى ظروف ومعوقات واجهتها خلال تقصي الحقائق والمعلومات عن واقع المرأة الفلسطينية، ومنها لجوؤها إلى زيارة فلسطين، من خلال حصولها على تصريح سياحة، لإجراء لقاءات ميدانية مع عدد من القيادات النسائية والأسيرات المحررات وذوي الشهيدات، كذلك إجراء لقاءات مع المقيمات في الأردن، فضلاً عن مراسلات عبر البريد الإلكتروني مع عدد من المصادر.
وأشادت اللجنة طوال فترة المناقشة، التي عقدت أمس في فندق هيلتون الشارقة، بالبحث والاستقصاء الذي قامت به «أبو إصبع»، كون رسالتها وثّقت فترة ربع قرن الدور النضالي للمرأة، كما وصفوا بحثها بالتاريخي بامتياز، كون الكاتبة امرأة فلسطينية، وهي تتحدث في الوقت ذاته عن واقع المرأة الفلسطينية، الأمر الذي يجعل الباحثة تحمل شعلة النضال جنباً إلى جنب مع باقي النساء الفلسطينيات.
وقالت أبو إصبع «الخليج»، إنها ترجمت إيمانها بأهمية العلم لمواجهة تعسف «إسرائيل»، كما أنها ما كانت أن تحقق حلمها لولا دعم زوجها وأبنائها لها طوال 5 سنوات، فترة التحضير لرسالة الدكتوراه، مشيرة إلى أن ذلك جعلها تتغلب على جميع الصعوبات، ابتداء من وجود 14 حفيداً، خاصة أنها تشاركهم ألعابهم ودراستهم، وبالتالي كان يترتب عليها بدء الدراسة بعد الساعة 11 ليلاً، إلا أن ذلك كان حافزاً لها للاستمرار، كونها تؤمن بأن العلم ليس له وقت أو سن ، وهو سلاح لازم المرأة الفلسطينية في جميع الظروف.
وأضافت إن شغفها بالمطالعة يعود إلى الصغر، فأصبحت قراءة الكتب والروايات الأدبية قبيل النوم عادة تلازمها كل ليلة، الأمر الذي زودها بمخزون فكري وثقافي ومعلوماتي، وجعلها تسعى لتطوير نفسها، من دون النظر إلى سنها أو عدد أحفادها، الذين ينادونها ب «تيتا الدكتورة»، وبالتالي كان يترتب عليها الحصول على هذا اللقب حتى لو تجاوزت الثمانين وليس السبعين من العمر.
وأشارت إلى أن ارتداء زيّ جامعة لاهاي، قبيل مناقشة رسالة الدكتوراه، لا توازيه أية فرحة، سوى فرحتها باللمة العائلية لتشجيعها على مواصلة طموحها، الأمر الذي منحها القوة في الرد على استفسارات لجنة المناقشة.
أما زوجها الدكتور عبد الله مصطفى، فقال إن فخره بزوجته ليس له حدود، فهي أم وزوجة عظيمة، منحت أبناءها أفضل وسائل التربية، زرعت في نفوسهم أسمى معاني الحياة، والتي تتمثل بحب العلم، ونجحت في معترك الحياة والتعليم، ولم يقف أمامها أي حاجز، فكانت خير مثال للمرأة المناضلة في مسيرة الحياة العلمية».
بدورها، لم تتمكن ابنتها الكبرى الدكتورة سمر عبد الله من حبس دموع الفرحة، موضحة أن حياة والدتها قصة كفاح، تصلح لأن تتحول إلى رواية أو مسلسل، حيث إنها سافرت إلى اليمن عام 2000، لمناقشة رسالة الماجستير، بعد أن أجرت عملية حديثة لكسر في الحوض، من دون أن تستمع لمطالب الأطباء بالراحة. وعبرّ ابنها «بلال» مهندس معماري عن فخره بوالدته، من خلال ارتداء الزيّ الفلسطيني الفلكلوري، قائلاً إنها مصدر إلهام له ولشقيقاته الأربع، لافتاً إلى أنه بمجرد الإعلان عن منح والدته درجة الدكتوراه، أصبح لديه حافز قوي لمواصلة دراسات عليا في مجال تخصصه، حيث بات على يقين أن التحصيل العلمي أفضل سلاح من المال أو المنصب.

احتفال بـ «اليرغول» و«الدبكة»
ما إن أعلنت لجنة المناقشة عن منح نجمة أبو إصبع درجة الدكتوراه في التاريخ، حتى غصت القاعة بالزغاريد والتصفيق، وسط فقرات من «اليرغول» و«الدبكة»، قدمتها فرقة الدلعونا للفنون الشعبية بقيادة بهاء الدين الصادق.
وتعود جذور نجمة أبو إصبع إلى قرية «سلمة» في منطقة يافا بفلسطين المحتلة، وحازت شهادة الثانوية العامة من مدرسة البيرة في فلسطين عام 1963، وشاركت في تدريس اللغة العربية بالجزائر عام 1964 ضمن حملة تطوعية، كما حصلت على شهادة ليسانس تاريخ من جامعة الإسكندرية بتقدير جيد، ثم عملت مدرّسة في ليبيا، أعقب ذلك العمل في مهنة التدريس في الإمارات ما يزيد على 17 عاماً، حازت خلالها عدة شهادات تقديرية، ثم قادها طموحها لشهادة الماجستير بالتاريخ الإسلامي من جامعة عدن عام 2000.ولديها 5 أبناء، و14 حفيداً، أكبرهم «فارس» يبلغ من العمر 14 عاماً، وأصغرهم «يوسف» يبلغ 10 شهور.

جريدة “الخليج” الاماراتية

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version