لماذا رفضت حماس والجهاد المشاركة بالمركزي؟

بقلم: د. يحيى محمود التلولي

لم ولن أستغرب كما استغرب الكثيرون من قرار حركتي حماس والجهاد الإسلامي القاضي برفض المشاركة في الدورة الثامنة والعشرين للمجلس المركزي الفلسطيني تحت عنوان (القدس العاصمة ألأبدية لدولة فلسطين)، والتي سيتم خلالها مراجعة شاملة للمرحلة السابقة في تاريخ القضية الفلسطينية، وبحث إستراتيجية عمل وطنية موحدة؛ لمواجهة التحديات الجسام التي تعصف بقضيتنا، وخاصة فيما يتعلق بالقرار ألأمريكي الجائر باعتبار القدس الشريف العاصمة الأبدية للكيان الاحتلالي المزعوم.

والسؤال هنا يطرح نفسه، ما الدافع وراء رفض الحركتين هذه المشاركة؟ وهل هذا القرار يصب في مصلحة القضية الفلسطينية؟ وماذا يحدث لو ذهبنا، وتحاورنا، حتى لو اختلفنا لعلنا نصل إلى قرارات موحدة تخدم الصالح العام؟ ما المشكلة في ذلك؟ أين الشعارات البراقة التي تطالب بالوحدة؟ أين مصلحة الوطن والمواطن؟

من خلال قراءتي للمواقف، واستنادا للقرائن والأدلة، أرى أن هناك جملة من الدوافع المتداخلة والمتشابكة التي تحول دون مشاركة الحركتين في ذلك، من أهمها ما يلي:

1- الاختلاف الأيدولوجي بينهما وبين منظمة التحرير الفلسطينية.

2- اختلاف الأجندات التي تعمل وفقها كل من الحركتين، وبالتالي تتعارض تلك الأجندات مع منظمة التحرير الفلسطينية، وتحول دون المشاركة.

3- عدم الإيمان بمبدأ الشراكة في العمل على أساس الوحدة فيما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما نختلف عليه.

4- كل حركة من الحركتين تعتبر نفسها بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية، وليست مكملة لدور المنظمة.

5- مصلحتي فوق كل اعتبار، فما يتعارض معها لا قيمة له عندنا، ولا اعتبار.

إن كانت تلك الدوافع، وغيرها تمثل مبادئ هامة وخطوط حمراء في عرف الحركتين، فهل نتوقع منهما قرارا بالمشاركة؟!

وكنت متوقعا أن تبري الأقلام للدفاع عمن أرادت أن تدافع عنه، عندما كتبت مقالي الموسوم بـ: “لماذا رفضت حماس والجهاد المشاركة بالمركزي؟” رغم أنني بكتابته لم أكن مدافعا عن أحد، أو مروجا لفكرة ما، دعونا من فتح، وقولوا عنها ما شئتم، وقولوا ماتت المنظمة، ولا وجود لها على أرض الواقع، قولوا ما بدا لكم، ولكني أقول رغم قناعتي التي لا أحيد عنها قِيْد أَنْمُلة أن نكبة فلسطين لم تكن باحتلالها، بل إن نكبتها العظمي بما ابْتُلِيَتْ به قيضتها من تنظيمات وحركات التي كانت ولا تزال معول هدم لا بناء في تاريخها، وهي وراء دمار الشعب الفلسطيني؛ لأن الكل يتاجر بالكل، والكل ينظر للآخر نظرة البديل عنه لا المكمل له، فالكل يدعي الحرص، والآخر هو الخائن، والكل يدعي المقاومة، والآخر هو المستسلم، والكل يدعي الشراكة، والآخر هو المراوغ.

وبناء عليه أود أن أتساءل، فالسؤال حق مشروع لي: لو سألنا أي فرد في الحركتين من القائد، وحتى أصغر عنصر فيهما: ما الدستور الذي تستندون إليه في تنظيم شؤون حركتكم؟ فسيجيب مباشرة، وبلا تردد: القرآن الكريم، والسنة الشريفة؟ ثم لو سألت سؤالا آخر: ما موقفكم من كيان المسخ؟ فسيرد: هو كيان احتلالي، لا بد من مقاومته، وتحرير بلادنا فلسطين من النهر إلى النهر. فعلا، أعتقد أن هذا كلام طيب وجميل، ولكن سؤالي الأهم الذي يبقى مطروحا أمام الجميع، وأرجو أن تنبري الأقلام للرد عليه: لمَّا كان دستوركم واحد، ونهجكم نهج المقاومة واحد، فَلِمَ لم تتوحد الحركتين في إطار واحد أو في حركة واحدة امام التحديات الجسام التي تعصف بالقضية؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version