لماذا انا مع ابو مازن‎

بقلم: يوسف سلمان

كثر النقاش وكثر الخلاف على شخصية، وما حققه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، منذ توليه السلطة كالرئيس الثاني لدولة فلسطين، بعد الرئيس المؤسس، الرمز ياسر عرفات.
فمنذ تسلمه السلطة، وهو وسياسته تحت المجهر وتحت التشريح الدقيق والقاسي. وتحمل الرجل ما لا يتحمله انسان من الهجوم العنيف، من التشكيك الدائم، ومن التجريح البشع. وكان سهلا لأعدائه الهجوم عليه وصعبا على اصدقائه الوقوف الى جانبه وحتى محاولة الدفاع عنه.
ومما لا شك فيه، انه اتى وعاش مرحلة لا تستطيع حتى الجبال حمل اعبائها ومسؤولياتها. فلا يوجد ولن يوجد انسان في الشعب الفلسطيني يستطيع ومهما كان، شغل وتعبئة الفراغ الذي تركه ياسر عرفات اولا، ومواجهة الهجمة الامبريالية-الصهيونية الشرسة بعد فشل اجتماع كامب ديفيد، واستشهاد القائد الرمز ياسر عرفات، ثانيا، وما نتج في العالم العربي، خاصة مع وبعد ما سمي بالربيع العربي، ثالثا.

وبدون الخوض في التفاصيل المعروفة، والوضع الذي تعرضت له الساحة الفلسطينية، من الخصام والانقسام الداخلي المريب والعصيب، والصدام المباشر الرهيب مع اعتى القوى الامبريالية، والقوة العظمى، الوحيدة والاولى في العالم، الا وهي الولايات المتحدة الامريكية، وربيبتها وحبيبتها حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل.
فانني انا الذي كنت احد المرتابين والناقدين للرجل ولسياسته، لأعترف له اليوم وبقوة، بتحقيق ثلاث قضايا رئيسية، لم يستطع تحقيقها وترسيخها حتى ياسر عرفات، نفسه وبكل حنكته وقوته السياسية:

القضية الاولى:
تعرية وكشف حقيقة منافسه وعدوه السياسي في الساحة الفلسطينية، اي حركة حماس امام جماهير الشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية، هذه الحركة التي استغلت ولعبت على الوتر الديني والعقيدي، وقدرتها على خداع وتضليل قطاعات كبيرة من ابناء شعبنا وامتنا العربية والاسلامية باستخدام الحس الديني والاسلام والقران، من اجل تحقيق اهدافها ومخططاتها ذات الاجندات والسياسات الخارجية، لضرب منظمة التحرير الفلسطينية، وخلق البديل لها. فلقد استطاع الرئيس ابو مازن، وبحنكته السياسية وصبره اللا محدود، كشف النقاب وحقيقة هذا الدور المعادي لطموحات واهداف الشعب الفلسطيني المناضل، وهذا ما يربك ويخيف حماس اليوم، ويزيد من اصرارها على لعب دورها المكشوف، وتأكيد سقوطها وخسارتها القريبة، مرة بعد الاخرى. حيث تجلى ذلك ايضا بمناسبة انعقاد المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتخاب ابو مازن ومن جديد رئيسا لها، والتأكيد على شرعية ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني، وفي كافة اماكن تواجده. نتمنى خطأنا، وان تفوق حماس من غيها، وان ترجع للحضن والبيت الفلسطيني، المنفذ والمنقذ الوحيد لها، وقبل فوات الاوان.

القضية الثانية:
تعرية وكشف حقيقة السياسة العدوانية، العنصرية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ضد السلام والشرعية الدولية. ففي فترة وليست بالبعيدة، استطاعت اسرائيل بزخم وقوة التها الدعائية الضخمة، وزواج المواقف العدوانية الاسرائيلية من قبل الادارة الامريكية، وعجز الامم المتحدة والمجتمع الدولي من فرض ارادته وقراراته على دولة الاحتلال الصهيوني. فمع مرور الزمن وتمادي حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل، في عنجهيتها وغطرستها. استطاع الرئيس ابو مازن، وايضا عبر سحب كافة الاوراق من ايدي اعداء الشعب الفلسطيني، واصراره على ورقة المقاومة الشعبية السلمية، ليكون وباستحقاق الغاندي الفلسطيني الجبار، في كشف القناع والوجه الحقيقي لدولة اسرائيل، خاصة في المحافل الدولية، ذلك ما رايناه جليا في تصويت مجلس الامن، على قرار الرئيس الامريكي بالإعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل، ونقل سفارتها لها: ١٤ ضد ١، صوت الولايات المتحدة الامريكية. وحتى انطلاق سباق الدراجات الايطالي من القدس، فإن الاغلبية الساحقة من الشعب الايطالي، تعتبره هزيمة وزيادة في العزلة الخانقة التي تحيط بإسرائيل وليس انتصارا لها.

القضية الثالثة، والاهم:
تعرية وكشف حقيقة الموقف المعادي للادارة الامريكية للشعب وللقضية الفلسطينية. فأزمة الرئيس الامريكي ترامب الشخصية، وضعف اداء ادارته وتخبصها في وحل الشرق الاوسط، وخاصة بقراره الغبي والغير محسوب العواقب، بإعتبار القدس عاصمة لاسرائيل. سارع بكشف النقاب عن انتصار وجني ثمرة السياسة الحكيمة والشجاعة للرئيس ابو مازن، التي مارسها بصبر وبتجرعه علقم الانحياز والدعم الامريكي الكامل للسياسة العدوانية، العنصرية للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ولسنوات طويلة.

فقمة ما استطاع تحقيقه وترسيخه الرئيس محمود عباس، كان انه اثبت وللجميع، وخاصة لأولئك المتنفذين من الفلسطينيين والعرب، بان الولايات المتحدة، لا تملك كافة اوراق حل قضية الصراع في الشرق الاوسط بيدها، واثبت للجميع، بان مصير ومستقبل ابناء شعبنا وامتنا العربية وشعوبعا وبلدانها، لن تكون لقمة صائغة في ايدي اعدائها ومصاصي دمائها وخيراتها. وبانه لا يمكن اعتبارها والقبول بها، منذ الان وصاعدا كطرف نزيه ومحايد. بل ذهب ابعد من ذلك، عندما عبر عن غضبه واستهزائه واستخرائه بها، عندما اعطى بإبن الكلب لسفيرها في اسرائيل، بعد تصريحاته العدائية والوقحة، بدعم الاستيطان والمستوطنين على الارض الفلسطينية. اذ انه لم يحدث في تاريخ السياسة والدبلوماسية، ان يعطي رئيس دولة بمسبة “ابن الكلب” لسفير اكبر واقوى دولة في العالم، وتكرار لاءاته المتعددة لقراراتها ولسياستها الامبريالية والعدوانية.
اكتفي لهنا، لاقول واردد، عطاك الله العافية والصحة وطول العمر، سيادة الاخ الرئيس ابو مازن، والى الامام بقيادتك الحكيمة الشجاعة، وعلى درب الياسر الكاسر من اجل فلسطين، حرة، ديمقراطية وعلمانية، وطنا عزيزا ومكرما لجميع ابنائه الصابرين، المناضلين. فأبناء فلسطين وشعبها لم يكلوا ولم يملوا ولن يستسلموا. فإلى الأمام، وما النصر الا صبر ساعة. فلسطين حرة

Dott. Yousef Salman
Presidente Comunità Palestinese di Roma e del Lazio

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version