المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

البردويل مروج الأضاليل

كتب: رئيس تحرير صحيفة “الحياة الجديدة”

لعل اكثر ما يؤكد في اللحظة الراهنة حقيقة اتفاق “التهدئة” بصيغته اللاوطنية الذي بات على ما يبدو موقعا بين اسرائيل وحماس، هي جملة الأضاليل الحمساوية التي كان خادمها المطيع، ومروجها المحموم القيادي الحمساوي صلاح البردويل والتي رددها في مقابلته مع احدى قنوات التلفزة الحمساوية الاسبوع الماضي.
في هذه المقابلة حاولت الأكاذيب والأضاليل الحمساوية على لسان البردويل الاجهاز تماما على الحقيقة، سواء ما يتعلق بالمصالحة الوطنية، أو اتفاق “التهدئة” التصالحي مع اسرائيل، وبأقبح ما يكون الصلف، ردد البردويل هذه الأضاليل ليبرر من جهة، اقدام حركته على توقيع اتفاق التهدئة التصالحي مع اسرائيل، وليغلق من جهة أخرى، الطريق نهائيا أمام عربة المصالحة التي رعتها القاهرة بجهود مخلصة كي تتقدم نحو تحقيق أهدافها الوطنية، في إنهاء الانقسام، وتعزيز الجبهة الداخلية وتحقيق الوحدة الوطنية، كما جاء في رؤيتها التي أنجزت اتفاق 21/10/2017 الذي وقع عليه من جانب حركة فتح عضو لجنتها المركزية، عضو اللجنة التنفيذية عزام الأحمد، ومن جانب حماس صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، وهو الاتفاق الذي شددت عليه حركة فتح وأكدته في ورقتها التي قدمتها للأشقاء المصريين، من أجل تعزيزه والمضي قدما في تنفيذه دون أي تردد أو تراجع، الورقة التي اتهمها يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، بأنها مثلت “ردا سيئا” على الورقة المصرية التي هي ليست غير رؤية القاهرة، لسبل تنفيذ الاتفاق الذي رعته والموقع في 21/10.
وننشر هنا في “الحياة الجديدة” اليوم النص الحرفي لورقة حركة فتح التي تجاوبت مع الرؤية المصرية إلى أبعد حد، لسبل تحقيق المصالحة، والتي لم تبتعد لا في الشكل ولا في المضمون عن اتفاق 21/10/2017 الذي أنجزته جهود الرعاية المصرية الحثيثة، لا بل أن الورقة الفتحاوية لم تكن متطابقة مع اتفاق 21/10 فحسب، وإنما أعطته كذلك في مقدمتها غايته وقيمته الوطنية والسياسية، إذ المصالحة وإنهاء الانقسام ضرورة خيار استراتيجي لا بديل عنه، لتحقيق الوحدة الوطنية للمضي في طريق النضال الوطني من أجل دحر الاحتلال الاسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين الحرة بعاصمتها القدس الشرقية، وإنجاز الحل العادل لقضية اللاجئين وفقا للقرار 194.
عدا هذه المقدمة لم تضع حركة فتح أي جديد في ورقتها يناقض الاتفاق لا في نصه ولا في روحه، الذي وقعت عليه حماس في 21/10، لكن وعلى ما يبدو ان مفاوضات “التهدئة” الحمساوية الاسرائيلية، قد أنجزت اتفاقها وبعيدا عن الرؤية المصرية وموقفها، فما عادت المصالحة الوطنية شأنا حمساويا، خاصة ومقدمة الورقة الفتحاوية تتحدث عن الثوابت المبدأية الوطنية، التي لا يريدها اتفاق “التهدئة” طبقا للشروط الاسرائيلية وامتثالا لها..!!
ولأن “التهدئة” التصالحية مع اسرائيل، باتت أكثر أهمية من المصالحة الوطنية بات الحمساويون وعلى لسان البردويل وغيره من مسؤوليهم والناطقين بلسانهم، أكثر كذبا وافتراء وتجنيا على الحقيقة، لترويج اتفاق التهدئة التصالحي اللاوطني وأصبحوا تماما وعلنا ضد المصالحة الوطنية، والجهود المصرية معا، وقد نسفوا اتفاق 21/ 10 الذي وقعوا عليه برعاية القاهرة..!!
يروج البردويل للتمكين الاسرائيلي الذي ينطوي عليه في المحصلة اتفاق “التهدئة” ويراه انجازا لمسيرات العودة وسلاح المقاومة (..!!) ولا يرى في المصالحة الوطنية عبر ورقة حركة فتح، غير هدف التمكين لحكومة الوفاق الوطني في تزوير هو الأكثر صلفا لمجمل الاتفاقات الموقعة بدءا من اتفاق 2011 وانتهاء باتفاق 21/ 10..!! ولمن يريد التحقق تماما من هذا التزوير، عليه ان يقرأ ورقة حركة فتح ليس إلا، علما أن التمكين طبقا للاتفاقات الموقعة وسيلة وليس غاية بحد ذاته، ومع ذلك فالبردويل مع التمكين الاسرائيلي وضد التمكين الوطني الذي يمهد الطريق لإنهاء الانقسام البغيض.
وفي الوقت الذي تمضي فيه حماس في دروب صفقة العصر الاميركية الصهيونية التصفوية عبر اتفاقها مع اسرائيل، يزعم البردويل وبأقبح ما يكون الكذب والادعاء ان “الرئيس ابو مازن ماض في صفقة العصر عبر حصار غزة واستمرار عقوباته”، الرئيس أبو مازن الذي تعرض ولا يزال يتعرض لأكبر وأخطر أنواع الضغط السياسي والمادي والذي تحاصره الادارة الاميركية اليوم، لكي يرضخ ويقبل بصفقة العصر بعد أن قال لها (لا) حاسمة وقاطعة، وليس هذه اللا لهذه الصفقة فقط وإنما قال ايضا وبموقف عملي (لا) للولايات المتحدة المنحازة كليا للعمل الصهيوني، وسيطا في عملية السلام، وقد فقدت شرعية وأخلاقية الوسيط النزيه، وحيث بات العالم كله يعرف هذا الموقف للرئيس أبو مازن وينحني له احتراما وتقديرا، يتوهم البردويل ان كذبته هذه قابلة للتصديق والترويج..!!
لاهثون وراء صفقة ترامب التصفوية ويزعمون العكس، لكن وكما يقول المثل الشعبي عندنا “اللي على راسو بطحة بيحسس عليها” وفي علم الجنايات نعرف ان المجرم دائما ما يدور في محيط ضحيته، وفي علم النفس، الكاذب هو صاحب المطامع الشخصية، والسائر وراء هوى النفس وميولها غير المشروعة، والذي عادة يكون ضعيف الايمان، وعديم الثقة لا بمن حوله فقط وإنما كذلك بنفسه، وعاقبة الكذب خطيرة في الدنيا والآخرة، لأن المؤمن طبقا لللحديث الشريف لا يكذب.
لم يعد ثمة مجال للجدل ان حماس تقف بالمرصاد للمصالحة الوطنية ولعله من الضرورة الآن أن تقرأ فصائل منظمة التحرير موقف حماس المناهض للمصالحة والذي بات بلا لبس ولا أية رتوش، على نحو أكثر واقعية ومسؤولية، لوضع حد لهذا الموقف الذي يقامر بمستقبل القضية الوطنية برمتها..!!
ولم يعد ثمة مجال للجدل كذلك ان حماس قد ذهبت بعيدا في اتفاق “التهدئة” وكما ارادت اسرائيل بعيدا عن تجربة مفاوضات 2014 التي حققت اتفاق تهدئة بصيغته الوطنية الجامعة، والتي رفض فيها رئيس الوفد الفلسطيني يومها عزام الاحمد مطلب المفاوض الاسرائيلي الجنرال “بولي” والذي نقله اليه الوسيط المصري، بنزع سلاح حماس، إذ اكد الأحمد ان هذا شأن مفاوضات الحل النهائي، المسؤولة عنها منظمة التحرير بالقرار الوطني المستقل، كما رفض الأحمد تدخل الجنرال الاسرائيلي في الشأن الداخلي الفلسطيني، والذي طلب ان تحل قضية رواتب الموظفين في غزة (…!!) وهو الرفض الذي لقي ترحيبا من أعضاء الوفد الفلسطيني جميعهم حينها، عدا موسى ابو مرزوق الذي أراد من الأحمد التعامل مع مطالب الجنرال الاسرائيلي..!! وربما من يومها مدت حماس يدها للمصالحة الاسرائيلية، وقد تسلمت رسالة الجنرال “بولي” الحريص على رواتب موظفي غزة…!! يعرف البردويل ذلك بالقطع، لكنها الأضاليل التي باتت الشغل الشاغل لحماس وقد قدمت طاعتها التفاوضية وباتت حزبا يساوم لأجل أوهام الإمارة الاخوانية التي لا مسالك ولا ممرات لها سوى المسالك والممرات الاسرائيلية..!! وشكرا لمصر التي أحبطت مشروع الممر المائي بين غزة وقبرص.

Exit mobile version