حديث القدس: التحديات الأخطر توحدنا

استهداف مشروع القرار الذي حاولت مندوبة الولايات المتحدة السابقة، الموالية للصهيونية والاحتلال نيكي هيلي تمريره في الجمعية العامة للامم المتحدة استهدف الكل الوطني الفلسطيني، والنضال الوطني عموما رغم ان مشروع القرار نص على ادانة المقاومة الفلسطينية في غزة وحركة حماس تحديدا، خاصة وان اميركا بمشروع قرارها قد تجاهلت ايضا كل جرائم الاحتلال وانتهاكاته الجسيمة للقانون الدولي كما تجاهلت جرائم المستوطنين وكذا ما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون الذين تستهدفهم القوات الاسرائيلية بنيرانها ودمارها وعقوباتها الجماعية وتقييد حرياتهم والاهم ايضا حرمان الشعب الفلسطيني بأكمله من حقوقه الوطنية المشروعة.
ولهذا لم يكن غريبا ان تصطف الساحة الفلسطينية بأسرها، رغم الانقسام رئاسة وحكومة ومنظمة تحرير وفصائل في التصدي لمشروع القرار والتحرك على كافة المستويات لاحباطه ومن ثم الترحيب برفض الجمعية العامة واحباط مشروع القرار.
هذا التطور الذي أكد مجددا فشل الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل في دفع المجتمع الدولي لتبني مواقف تتناقض مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، كما كشف الوجه المزدوج للاحتلال وللادارة الاميركية، اللذين وبقدرة قادر باتا يدركان أهمية قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة بعد ان رفضاها على مدى عقود هذا التطور رافقه وتبعه أمران يبعثان على التفاؤل.
الاول، هو التحرك الفلسطيني الرسمي بتعليمات من القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس تحديدا للبعثة الدبلوماسية الفلسطينية بالامم المتحدة من اجل احباط مشروع القرار الاميركي، وكذا التحرك الفلسطيني عربيا وافريقيا واسلاميا ولدى مختلف دول العالم للتصدي لهذا المشروع. وهو ما يعني ان القيادة الفلسطينية ورغم الانقسام والخلاف مع حركة «حماس» اثبتت مصداقيتها وولاءها لحقوق شعبنا المشروعة ونضاله الوطني ورفضها القاطع لتفرد اميركا والاحتلال بأي فصيل وطني مهما كانت الحجج والذرائع ومهما بلغت الخلافات الداخلية، وهو خط أحمر، ومؤشر ايضا يبعث على التفاؤل بأن مايجمع الكل الوطني وفصائله أقوى مما يفرق وبالتالي فان ساعة انهاء الانقسام قد اقتربت.
الامر الثاني هو قيام حركة حماس على لسان رئيس المكتب السياسي للحركة اسماعيل هنية بالتعبير عن شكره وتقديره للجهود التي بذلتها السلطة الوطنية من خلال مندوب فلسطين لدى الامم المتحدة، رياض منصور، معتبرا ان ذلك «يؤشر على ان الهم الوطني قادر على توحيد شعبنا في مواجهة التحديات» وكذا ما اعرب عنه ناطقون باسم «حماس» حول تقديرهم لموقف السلطة الفلسطينية، وهو ما يعني بوضوح مؤشرا آخر يبعث على التفاؤل بأننا وعند المفترقات الحاسمة والتحديات الخطيرة التي تستهدف الكل الوطني نقف صفا واحدا بعيدا عن أية خلافات.
إن ما يجب أن يقال هنا ان هذه الوحدة الفلسطينية الرائعة التي تجلت في مواجهة التهديد الحقيقي الاميركي – الاسرائيلي، يجب ان تتواصل وتترسخ بانهاء هذا الانقسام والتفرغ لمواجهة التحديات التي تستهدف الكل الوطني الفلسطيني سواء في قطاع غزة او الضفة الغربية والشتات او الداخل الفلسطيني.
نقطة أخيرة لا بد من الاشارة اليها، أنه وعلى الرغم من فشل مشروع القرار الاميركي الاّ أن عدد الدول التي صوتت لصالحه وخاصة أوروبا ليس قليلا وهو ما يستوجب تقييما فلسطينيا وعربيا واسلاميا حول اسباب هذا التحول لدى بعض الدول للتصويت لصالح الاحتلال، رغم معرفتنا بمدى الضغوط التي تمارسها ادارة ترامب واسرائيل على الكثير من الدول وكذلك الاغراءات التي تحاولان تقديمها، ورغم معرفتنا للاوضاع العربية وللساحة الافريقية التي باتت اسهل على الاختراق الاميركي الاسرائيلي.
وأخيرا، اذا كانت اميركا واسرائيل تعلقان مثل هذه الاهمية على قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة فان السؤال الذي يتطلب إجابة من واشنطن وتل ابيب هو: لماذا اذا لا تعترفون حتى الان بقرارات هذه الجمعية التي تعبر عن ضمير المجتمع الدولي؟ أم انكم اردتم قرارا تلوحون به متى شئتم وفق الانتقائية والازدواجية التي اعتدتم عليها في التعامل مع القرارات الدولية وحقوق الشعوب؟!

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version