المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

ترامب وبوتين في خدمة نتنياهو

بقلم: حافظ البرغوثي

اليوم، تحسم الانتخابات الاحتلالية على وقع الضم والاستيطان والقتل والتواطؤ الدولي، ويرجح فوز نتنياهو بزعامة اليمين بأطيافه المتعددة. وكان نتنياهو تلقى هبتين لدعمه انتخابياً، الأولى من الرئيس الأمريكي ترامب الذي اعترف بسيادة الاحتلال على الجولان السوري المحتل، والثانية من الرئيس الروسي بوتين الذي أهداه رفات جندي قتل في معركة السلطان يعقوب أثناء الاجتياح «الاسرائيلي» للبنان العام 1982. وكان نتنياهو يتباهى أمام «الإسرائيليين» بأنه السياسي الوحيد الذي له علاقات تتيح له أن يرفع الهاتف ويتحدث مباشرة مع الزعماء، مثل ترامب وبوتين.
لقد ركز نتنياهو حملته الانتخابية على علاقاته وسفره الى الخارج بدلاً من مواجهة قضايا الفساد التي تلاحقه. فهو ماكر يعرف كيف ينقل المعركة ولفت الانتباه اليه، وإظهار منافسيه الذين لا يقلون يمينية عنه كخونة ويساريين، وسيفرطون في أرض أسماها «أرض «إسرائيل»» .
نتنياهو اعلن أن عملية إعادة الجندي تمت بمساعدة دولة ثالثة، إضافة الى روسيا، ولكنه لم يفصح عنها، إلا أن المؤكد أن جماعات إرهابية عندما سيطرت على مخيم اليرموك جنوب دمشق مثل «داعش»، و»النصرة» شوهد عناصرها ينبشون القبور، ولذلك ركز الاحتلال بحثه في زيارات لموفد «إسرائيلي» لتركيا على معرفة مكان رفات الجندي، ويبدو أن الدولة الثالثة هي تركيا.
عموماً، حقق نتنياهو إنجازاً إعلامياً بواسطة بوتين وترامب، بل هو يراهن على الاثنين معاً، لتحقيق فوزه. الصوت الروسي حاسم في الانتخابات لأن هناك كثافة من الناطقين بالروسية من مهاجري الاتحاد السوفييتي السابق، سواء كانوا يهوداً، أو غير يهود، وهم عادة يميلون الى اليمين، والعلاقة الجيدة بين بوتين ونتنياهو تخدمه انتخابياً. ففي الأيام الأخيرة بات نتنياهو يركز على دعوة اليمين الى انتخاب الليكود، وعمل على دعم ظهور أحزاب يمينية جديدة لمنع أي صوت يميني من التوجه نحو الوسط، لكنه مع ذلك ظل يخشى أن تتفوق عليه قائمة «أزرق – أبيض» برئاسة الجنرال جانتس ولبيد، لأن الحزب الذي يفوز بأكبر عدد من المقاعد هو الذي سيكلف بتشكيل الحكومة. وتوضح مصادر قائمة جانتس- لبيد أنه «إن فازت قائمتهم بفارق أكثر من 4 مقاعد على الليكود، فإن الائتلاف الحكومي السابق سيصبح غير ذي جدوى»، وستكون الساحة السياسية مفتوحةً على كل الاحتمالات.
ووفقاً للقانون «الإسرائيلي»، فبعد سبعة أيّام من الانتخابات، على الرئيس «الإسرائيلي» ريفلين، تكليف أحد أعضاء الكنيست بتشكيل الحكومة بعد مشاورات مع القوائم الفائزة. ويمنح رئيس الحكومة المكلّف مهلة 28 يوماً قابلة للتمديد 14 يوماً إضافياً، وإن لم ينجح على ريفلين أن يجري مشاورات حكومية مجدداً، يحقّ له في ختامها تكليف عضو كنيست آخر بتشكيل الحكومة، وإذا فشل هذا العضو بتشكيل الحكومة، فإن أغلبية أعضاء الكنيست المنتخبين بإمكانهم طلب تكليف عضو كنيست ثالث بتشكيل الحكومة، وإن فشل عضو الكنيست الثالث في مهمّته، فإنّ «إسرائيل» ستذهب لانتخابات مجدّداً خلال تسعين يوماً.
وقد تستمرّ هذه المداولات سبعة أشهر، تستمر حكومة نتنياهو فيها بتسيير الأعمال، من دون أن يستطيع الاستقالة منها، أو إقالة، أي من أعضائها.
وفي محاولة لجذب أصوات من قائمتي الليكود و»أبيض -أزرق» تروّج الأحزاب الصغرى في اليمين، مثل «اليمين الجديد» وفي اليسار الصهيوني، مثل «ميرتس»، إلى إمكانية قيام حكومة وحدة بين الحزبين الكبيرين.
ونشرت وسائل إعلام «إسرائيليّة» تسريباً لجانتس، قال فيه إنه لا يستبعد المشاركة في حكومة يقودها نتنياهو، قبل اتهامه رسمياً، في حين تروّج أوساط اليمين المتطرّف إلى أن قيادات في الليكود ستنضم إلى حكومة محتملة يشكّلها جانتس، لا يكون نتنياهو جزءاً منها. فالمعركة بين الطرفين محتدمة، لكن نتنياهو عاد واستعان بحليفه ترامب، وصرح بأنه أبلغ ترامب ضرورة استمرار السيادة الأمنية «الإسرائيلية» على الضفة الغربية، وعدم اقتلاع أي مستوطن، وأنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية، وسيضم المستوطنات الى كيان الاحتلال، وأنه يأمل أن يتفهم ترامب ذلك في «صفقة القرن».
بل ذهب بعيداً لتأكيد دعمه للانقسام الفلسطيني، وأنه لن يسمح للسلطة الفلسطينية بالعودة الى غزة، وأنه قتل 300 فلسطيني خلال الفترة الأخيرة، على حدود غزة. والحديث عن القتل والاستيطان والضم ورفض إقامة دولة فلسطينية هو ما يداعب به مشاعر اليمين ويجعله مرشحهم الأفضل لولاية جديدة، تتيح له أن يكون أكثر رؤساء الحكومات حكماً في تاريخ الكيان الاحتلالي. وسيحظى نتنياهو بلقب كان «الإسرائيليون» ينادون به سلفه في زعامة الليكود شارون بأنه «ملك «إسرائيل»» .

عن الخليج الاماراتية

Exit mobile version