الضفة الغربية بعد الجولان

بقلم: نبيل سالم

على الرغم من أن تصريحات رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو الأخيرة، حول عزمه ضم الضفة الغربية إلى «إسرائيل» بعد انتخابات الكنيست التي جرت أمس، يرى فيها بعض المحللين دعاية انتخابية، تتلاءم واندفاعة اليمين المتطرف في كل من «إسرائيل» والولايات المتحدة، في ظل السياسة الترامبية الداعمة ل»إسرائيل»، إلا أن أي مطّلع على التفكير السياسي «الإسرائيلي» يرى أن تصريحات نتنياهو، ليست إلا ترجمة حقيقية لهذه الأفكار التي اتسمت دائماً بالتوسعية والعدوانية، ومعادة السلام.
لكن هذه التصريحات إذا ما تمت قراءتها في ظل المشهد الانتخابي «الإسرائيلي» تبين أن نتنياهو يسعى في الواقع إلى منع كتل اليمين من التوصية على زعيم «كاحول لافان» لتشكيل الحكومة في حال فوزه بأكبر عدد من المقاعد، في موازاة محاولة أخيرة لاستقطاب أصوات اليمين لمصلحة حزب الليكود، وتحديداً مصوتي «اليمين الجديد» برئاسة نفتالي بينيت، وأييليت شاكيد.
لكن اللافت للنظر أن هذه التصريحات تأتي في أعقاب الاعتراف الأمريكي بسيادة «إسرائيل» على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، لتثبت من جديد تناغم الموقفين الأمريكي و»الإسرائيلي»، بل وتطابقهما إزاء قضية الصراع العربي -»الإسرائيلي»، بحيث بات من الصعوبة الفصل بين هذين الموقفين، بل وبين موجة صعود اليمين المتطرف على مستوى الساحة الغربية بشكل عام، حيث يرى اليمين «الإسرائيلي» المتطرف في هذه الأجواء اليمينية، مشجعاً قوياً له لكي يمعن في الغي أكثر في تجاهل الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويتنكر لكل الالتزامات التي تفرضها عملية التسوية التي قبِل بها العرب، على مبدأ الأرض مقابل السلام.
أي أن نتنياهو يدفن بتصريحاته هذه كل إمكانات قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، كشرط لإقامة السلام في المنطقة، لاسيما وأن الحديث عن ضم المستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة، وعن السيطرة «الإسرائيلية» على منطقة غربي الأردن، وتأكيدات نتنياهو أنه لن يميز بين الكتل الاستيطانية للنقاط الاستيطانية المعزولة، وكل نقطة استيطانية أخرى، تعني شطب الأسس التي قامت عليها مفاوضات السلام، في ظل إصرار الطغمة العسكرية في «إسرائيل» على إبقاء المستوطنين، ما اعتبره نتنياهو يتماشى مع التسوية الأمريكية التي وعد بها البيت الأبيض والتي تعني في نظره سيطرة «إسرائيل» على غربي نهر الأردن، وعدم تقسيم القدس. مشيراً إلى أنه أكد ذلك لترامب وكوشنر وجرينبلات، وانه استعرض هذا الموقف «الإسرائيلي» أمام نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، عندما زار «إسرائيل»، مؤخراً.
ولا يخفي نتنياهو اعتماده على الموقف الأمريكي في سياسته المتطرفة هذه، عندما أجاب عن سؤال حول إمكانية ضم المنطقة C مع سكانها الفلسطينيين «لإسرائيل» قائلاً لمراسل القناة 13 «الإسرائيلية»: «إنني أعدك بأنك ستفاجأ. لا يمكنني القول بشأن الخطة، لكن الرئيس ترامب هو صديق كبير، وأشك إذا سيكون هناك صديق أكبر منه في المستقبل».
وهكذا نرى أنه رغم الأهداف الانتخابية الواضحة لنتنياهو، إلا أن أحداً لا يشك في أن الاعتراف الأمريكي بسيادة «إسرائيل « على هضبة الجولان السورية المحتلة، أعطى نتنياهو دفعة أخرى لدراسة إمكانات تطبيق القانون «الإسرائيلي» على أجزاء من الضفة الغربية، أو كلها.
لكن السؤال الأهم هنا هو حول ماهية الموقف العربي المنتظر إزاء الخطوات «الإسرائيلية» الجديدة، وهل سيرقى هذا الموقف إلى مستوى التحديات التي تفرضها السياسات اليمينية المتطرفة ل»إسرائيل»؟ أم أنه سيبقى، كما عهدناه، مجرد بيانات شجب وإدانة، وخطب نارية لا تسمن ولا تغني من جوع؟

عن الخليج الإماراتية

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version