طريق الباذان .. للموت صنفان

بسام أبو الرب

رابع أيام عيد الأضحى، فجعت عائلة كنعان من بلدة حزما شمال شرق القدس، بمصرع اثنين من أبنائها وهما: أحمد محمد عبد اللطيف كنعان 45 عاماً وابنه البالغ من العمر عامين ونصف، عقب تعرضهما لحادث سير وقع في منطقة الباذان شمال شرق نابلس، إضافة إلى إصابة أكثر من 10 مواطنين وصفت جروح بعضهم بالخطيرة.

خبراء الحوادث في الشرطة الفلسطينية، قالوا عقب التحقيق في ظروف الحادث الذي وقع مؤخرا، تبين أن إحدى المركبات كانت تسير بسرعة لا تتناسب مع ظروف الطريق مما أدى إلى انحرافها على منعطف ودخولها إلى المسلك الآخر والتصادم مع المركبة الأخرى.

الطريق الواصل بين نابلس وقرية الباذان يصل طوله نحو 7 كم ويطلق عليه البعض “طريق الموت” لكثرة حوادث السير المميتة خاصة في السنوات الأخيرة، ويقع الطريق على حافة جبل وتملأه المنعطفات، إضافة إلى ظهور انهيار وتصدعات في أحد أجزائه منذ سنوات والتي باءت كل محاولات اصلاحها بالفشل؛ بسبب طبيعة التربة التي يصعب التأسيس عليها.

رئيس مجلس قروي الباذان، عماد صلاحات، طالب بضرورة ايجاد حلول منطقية من أجل الحد من حوادث السير التي ارتفعت في الأعوام الأخيرة بمعدل 10 حوادث شهريا.

ويعزو صلاحات في حديثه لمراسل “وفا”، ارتفاع عدد حوادث السير على طريق الباذان الى عدة أسباب منها: عصارة النفايات الناتجة عن مكب الصيرفي، والتي قد تؤدي الى خطر تزحلق المركبات، إضافة إلى طبيعة تصميم الطريق ووجود المنعطفات الخطرة فيه، وعدم وجود لافتات تحدد السرعة، عدا عن وجود الحفر فيه وانهيار الاتربة في أحد أجزائه.

وحمل المسؤولية للجهات المختصة في وزارتي الأشغال والمواصلات، مؤكدا ضرورة وضع عدة “مطبات” على طول الطريق للحد من السرعة الزائدة التي تسبب الحوادث المميتة.

وتساءل صلاحات عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي” الفيس بوك”، “هل ما زلنا مطالبين بإزالة المطبات في الباذان يا وزارة الاشغال؟… ردي لكم نحن بحاجة لتغطية بقية شارع الباذان نابلس بالمطبات.. يكفينا ضحايا من أبناء شعبنا على طريق الباذان (شارع الموت)”.

تاريخيا عندما يذكر اسم طريق الباذان، يتبادر للأذهان “صخرة الموت” التي تتربع فوق حافة واد سحيق يعرف بـ”واد الساجور”، والتي ذاع صيتها عقب عمليات الاعدام والقتل التي كان ينفذها الجيش العثماني وبعده البريطاني من خلال إلقاء الاشخاص عنها حتى يلقوا حتفهم.

ووكيل وزارة الاشغال العامة والاسكان فيصل فريحات، أكد ان الوزارة هي المسؤول الأول عن طريق الباذان ويقع على عاتقها عملية التنفيذ ومتابعة والإشراف عليه.

وقال فريحات في تصريح لوكالة “وفا”، “إن الوزارة عملت على إعادة تأهيل مقطع من الطريق يصل حتى قرية النصارية، إلا أنه تبقى مقطع واحد به إشكالية تخص التربة، وتسعى الوزارة لحل هذه المشكلة على كافة الاصعدة، بالإضافة الى ان الوزارة عملت على اعادة تأهيله أكثر من مرة”.

وأضاف “إن الوزارة تقوم بشكل دوري بوضع أثاث وحمايات على أطراف الطريق اضافة الى الشواخص والاشارات المرورية اللازمة، إلا أنها تتفاجأ بين فترة وأخرى بتعرض هذه الشواخص لاعتداءات وأضرار من العابثين وتسعى الوزارة بشكل مستمر لإصلاح الاضرار الناجمة عنها”.

وحول الانهيار الذي تعرض له مقطع من الطريق قبل فترة، أكد فريحات أن هذا المقطع يحتاج الى معالجة خاصة نظرا للطبيعة الجيولوجية للتربة الموجودة في المنطقة؛ حيث تتعرض لهبوطات وانزلاقات مستمرة، موضحا أن الوزارة عملت أكثر من مرة على إصلاح المقطع إلا انه يحتاج إلى معاجلة متخصصة، وهذا ما تقوم به الوزارة بالاستعانة بجهات اجنبية خارجية لحل المشكلة؛ نظرا لعدم توفر حلول محلية حيث ان التربة تحتاج لفحوصات ومختبرات خاصة.

شرطة محافظة نابلس بدورها كثفت من تواجدها في منطقة الباذان خلال أيام عيد الاضحى للتعامل مع أزمة مرورية كبيرة هناك، ودفعت بثلاث دوريات شرطة للقيام بمهام تنظيم المرور وتسهيل حركة المواطنين وتقديم كل مساعدة ممكنة لهم، حسب ما أكده مدير الاعلام والعلاقات العامة في شرطة نابلس المقدم أمجد فراحته.

وقال فراحته في حديث لـ”وفا”، هناك تشديد اجراءات ومراقبة لسرعة المركبات والتجاوزات التي تحدث على طريق الباذان، مناشدا السائقين القيادة بحذر والالتزام بالقوانين والتعليمات.

وأضاف أن شرطة السياحة والآثار في نابلس، تعاملت مع 11 ألف سائح محلي في أحد أيام عيد الاضحى، سهلت حركتهم في منطقة الباذان السياحية شمال شرق نابلس.

ويشار إلى أن طريق الباذان يعتبر شريانا رئيسيا وحلقة وصل ما بين مدينة نابلس والمدن والقرى الواقعة شمال شرق المدينة. فمنذ العهد الكنعاني كان معبرا وممرا للطريق الذي ربط “شكيم” وتل الفارعة وبيسان وكان يعرف بطريق وادي الباذان الخشنة، وفي فترة فتح الإسكندر المقدوني كانت مركزا هاما للتجارة وحلقة وصل للطرق التجارية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version