حديث القدس: نقل السفارات والموقف العربي – الإسلامي

قرار هندوراس افتتاح بعثة دبلوماسية لها في القدس وقرار جمهورية تاورو الصغيرة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أثارا ردود فعل تراوحت بين الشجب والاستنكار والتأكيد أن ذلك يتعارض مع القانون الدولي، وبالطبع فان مثل هذه البيانات لن تردع متخذي مثل هذه القرارات للتراجع عن قراراتهم، والسؤال المهم الذي يجب طرحه بهذا الشأن هو: كيف استطاعت إسرائيل دفع مثل هذه الدول الصغيرة للاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال رغم سلسلة القرارات الدولية الخاصة بالقدس؟ وما الذي فعلناه أو يمكن ان نفعله فلسطينيا وعربيا وإسلاميا حتى لا تعترف مزيد من الدول المماثلة بالقدس عاصمة للاحتلال؟
إن ما يجب أن يقال هنا أولا أن ما يحرك الكثير من دول العالم اليوم هو المصالح وليس المبادىء أو القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومن الواضح أن إسرائيل بذلت وتبذل جهودا مكثفة منذ سنوات طويلة لإقناع هذه الدول بلغة ومنطق المصالح والإغراءات للاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، والسؤال الذي نطرحه على زعماء الأمتين العربية والإسلامية هو: ألا تملك الدول العربية والإسلامية من المقدِّرات والموارد ما تستطيع من خلاله التعامل مع مثل هذه الدول حتى لا تلجأ الى إسرائيل لتلبية مصالحها مقابل مواقف سياسية كالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟
ثم إذا كانت القضية الفلسطينية وفي مركزها القدس العربية الإسلامية المحتلة هي من أولويات زعماء الدول العربية والإسلامية وما يجري يشكل مساسا بهوية القدس ومقدساتها التي يفترض إنها تهم العرب والمسلمين، هل يعقل أن تكتفي الدول العربية والإسلامية ببيانات الشجب والاستنكار؟ وأين ذهبت مقررات القمم العربية خاصة القمتين الأخيرتين اللتين حذرتا الدول من نقل سفاراتها للقدس وان الدول العربية ستتخذ اجراءات ضد هذه الدول؟
واذا كان نقل السفارات الى القدس يتعارض مع القانون الدولي، وهو كذلك، فلماذا لا تبادر الدول العربية والإسلامية لطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لمناقشة هذا العدوان على قرارات الشرعية الدولية؟
إلا تستحق القدس ومقدساتها من زعماء الدول العربية والإسلامية الدعوة الى عقد قمة عربية – إسلامية لتوجيه رسائل واضحة لدول العالم من جهة وللاحتلال الإسرائيلي وحليفته أميركا التي تمارس الضغوط على بعض الدول لنقل سفاراتها للقدس؟
إن ما يجب ان يقال هنا أن هناك تقصير عربي – إسلامي واضح في مواجهة المخططات التي يجري تنفيذها لتهويد القدس من جهة ولتصفية القضية الفلسطينية من الجهة الأخرى.
وفلسطينيا نقول أن إنقاذ القدس والأقصى والقضية وإحباط محاولات إسرائيل لدفع مزيد من الدول لنقل سفاراتها للمدينة المقدسة لا يمكن أن تتحقق ببيانات الشجب والإدانة والاستنكار ولا بانتظار أن يتدخل هذا الطرف أو ذاك، فنحن أصحاب القضية بالدرجة الأولى ودون وحدة فلسطينية حقيقية وصوت فلسطيني واحد وجهد فلسطيني واحد واستراتيجية فلسطينية واحدة لمواجهة كافة التحديات فلا يمكن ان يستمع احد لبيانات الشجب والإدانة، وحان الوقت لكل الانقساميين أن يدركوا أن استمرار هذا الانقسام بات عبئا ثقيلا على شعبنا وقضيته وخدمة لهذا الاحتلال وحليفته الكبرى.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version