حديث القدس: نفاق عالمي!!

الهجوم الواسع الذي بدأته تركيا أمس الأول على المناطق الكردية شمال شرق سوريا تحت شعار خلق منطقة آمنة على الحدود التركية آثار موجة انتقادات ومعارضة من قبل العديد من العواصم الغربية والعربية بما في ذلك المساس بوحدة أراضي سوريا وسيادتها وغيره من المبررات التي استند عليها المنتقدون والمعارضون.

وبغض النظر عن موقفنا كفلسطينيين إزاء هذا الحدث، ونحن لسنا هنا في وارد معارضة أو تأييد تركيا، فإن هذه المواقف العالمية والعربية تدعو إلى طرح العديد من التساؤلات تتعلق بمصداقية تلك المواقف وبمدى التزام من يتبنونها بنهج يبتعد عن الازدواجية في التعامل مع القانون الدولي.

أول هذه التساؤلات هو انه كانت هذه العواصم عندما قامت إسرائيل بمئات الاعتداءات على الأراضي السورية؟ وعندما كانت إسرائيل تدعم جماعات إرهابية تعمل في الجانب الآخر من الجولان المحتل وتقدم لها الدعم اللوجستي وتداوي جرحى هذه الجماعات؟! ولماذا لم تهب جامعة الدول العربية في حينه لعقد اجتماع طارىء للجامعة لبحث هذا العدوان الإسرائيلي الذي يمس بسيادة سوريا ووحدة أراضيها؟!

ولماذا لم تقم الدول الغربية التي تتحدث اليوم عن وحدة الأراضي السورية باتخاذ مواقف جادة ضد العدوان الإسرائيلي؟ بل إن بعضها موّل وسلح ودعم الجماعات الإرهابية التي عاثت فسادا في الأراضي السورية؟

التساؤل الثاني يتعلق بالوجود الأجنبي على الأراضي السورية دون إذن من حكومتها، فالكل يعرف أن التواجد العسكري الأميركي وكذا الفرنسي وتدخل بعض الدول الاوروبية في الشأن السوري يتم دون إذن أو اتفاق مع الحكومة السورية. فأين كانت العواصم العربية التي تنتقد اليوم ولماذا لم تحرك ساكنا وهي ترى غزوا أجنبيا لأراضي دولة عربية شقيقة يفترض أنها عضوا في الجامعة العربية واستقلالها ووحدة أراضيها يفترض انه من شأن العرب جميعا؟

ولماذا تقوم الآن بعض القوى الغربية بالتظاهر بحرصها على الشعب السوري وهي نفسها الذي لم تسأله يوما عندما أرسلت عسكرييها ومستشاريها وأجهزة مخابراتها للعبث في سوريا وتهديد وحدة أراضيها؟!

والتساؤل الذي يجب أن ترد عليه الدول العربية جمعاء هو: كيف يسمح النظام العربي لقوى أجنبية منذ سنوات بتدمير سوريا ودعم الجماعات الإرهابية وتهديد وحدة أراضيها؟!

الكثير من التساؤلات تطرح على بعض العواصم العربية والغربية التي يبدو أنها أفاقت من سباتها اليوم دون أن تحرك ساكنا سابقا بل بعد مشاركة بعضها سابقا بالتدخل بالشأن السوري وعلى مستويات مختلفة.

الأهم، ما الذي فعلته العواصم العربية إزاء العربدة الإسرائيلية سواء في فلسطين أو سوريا أو لبنان؟ وما الذي فعلته العواصم الغربية إزاء هذه الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة وإزاء إصرار إسرائيل على احتلال الأراضي الفلسطينية والسورية وحرمان شعبنا من ممارسة حقوقه المشروعة منذ عقود طويلة؟

هذا الواقع يؤكد للأسف الازدواجية المقيتة التي تحرك مواقف الكثير من العواصم بعيدا عن مبادىء العدل والحق والحرية. ومما يؤسف له ان يواجهه شعب عربي هو الشعب السوري كل هذا الدمار ويعيش كل هذه المعاناة وهذا العدوان الأجنبي والنظام العربي يقف متفرجا تاركا للأجنبي حرية التحرك، تماما كما يجري للشعب الفلسطيني الذي يواصل معاناته جراء الاحتلال غير الشرعي بينما تقف العواصم الغربية وبعض العواصم العربية دون أي فعل جدي لتغيير هذا الوضع.

وأخيرا نقول إن من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش حرا سيدا في وطنه ومن حق الشعب السوري أن يعيش حرا سيدا في وطنه بعيدا عن أي تدخل أجنبي في شؤونه والمنطق يقول أن من يرفض تدخلا أجنبيا في شؤون أي قطر عربي يجب أن يرفض كل التدخلات لا أن يؤيد هذا التدخل أو يعارض ذاك.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

فتح ميديا أوروبا
Exit mobile version