المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

” دور الجاليات الفلسطينية في المقاومة الشعبية “

بقلم: د.كفاح ردايدة

إن المقاومة الشعبية مقاومة نستطيع اشراك كافة شرائح المجتمع الفلسطيني فيها، تعود بداياتها للاضرابات في وجه الانتداب البريطاني اعتمدت فلسطينيا في مواجهة الاحتلال خاصة في الانتفاضة الأولى عام1987، وتراجعت خلال الانتفاضة الثانية وعادت للواجهة وتصدرت المشهد في ظل استمرار الاعتداءات الاسرائيلية في مصادرة الاراضي وهدم البيوت والتطهير العرقي الذي يمارس على الفلسطينين ، كذلك انسداد الأفق السياسي فلا يوجد خيارات مطروحة اخرى حاليا بالامكان تحقيقها وهذا يدعونا الى البحث حول السبل والاليات التي نسعى بها للارتقاء بالمقاومة الشعبية وكيفية اشراك كل الشعب الفلسطيني وهنا تكمن أهمية الجاليات الفلسطينية في العالم سواء الذين هجروا بالتطهير العرقي الذي مارسة الاحتلال ضدهم او هاجروا طوعا بحثا عن فرص عمل أو دراسة او هربا من الاحتلال القمعي الذي يضيق على الناس حياتهم اليومية .

ترتبط المقاومة الشعبية بتجارب عالقة في الذهن كتجربة غاندي في المقاومة المدنية السلمية في الهند ضد بريطانيا، وتجربة المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري هذه التجارب ترتبط ببعد دولي تضامني وهذا هو الاساس الذي سنعتمد عليه لمخاطبة الجاليات الفلسطينية كون هذه الجاليات جزء أصيل من شعبنا وهم مناضلين بامكانهم المساهمة ونقل قضيتنا الى الساحات الدولية بالتعاون مع لجان مناصرة الشعب الفلسطيني في دول العالم وايضا لجان مقاطعة بضائع الاحتلال .

تلقى المقاومة الشعبية قبولا دوليا، وهذا يساعد في استثمار ذلك وحشد الشعوب واقناعها بالحق الفلسطيني وكيفية اسناده ودعم هذا الحق ، علما انه مؤخرا هناك تجاوب للحملات التي يسوقها الاحتلال في العالم ضد المقاطعة له فقد بدأ ينجح في اخذ قرارات من المانيا تحديدا لتجريم المقاطعة وتجريم من يناصرها ايضا وهذا تطور خطير لا بد من الوقوف عليه وايجاد اليات لمحاربته وهنا لا بد من الاشادة للحراك الذي قامت به الجاليات المتواجدة في المانيا ضد هذا القرار وما زالت تسعى لالغاءه .

إن نجاح المقاومة الشعبية هو النجاح في تحريك المجتمع الدولي ليقوموا بالضغط على هذا الاحتلال حتى نحقق ما نريد، وهذا هو النجاح الذي تحققه حركة المقاطعة وهي نوع من المقاومة الشعبية اذ تكلف الاحتلال خسائر مادية ومعنوية وتعزل الاحتلال بعنصريته وغطرسته ، وكذلك النجاح الذي يكمن بتحشيد الدول والقوى دبلوماسيا وشعبيا لاتخاذهم مواقف ينجم عنها ضغطهم المباشر على حكومة الاحتلال ،وقد تمثل هذا النجاح في عرقلة تنفيذ خطة اخلاء الخان الاحمر لما اصبح لهذه الحالة من بعد دولي في البرلمانات وتحديدا البرلمان الاوروبي وعدة دول اوروبية ففي حالة الخان الاحمر نجح الفلسطينينون بجعل هذه القضية تحديدا شأن دولي مسلحين بالاشخاص الذين رابطوا في الخان الاحمر الفلسطينيين والدوليين والحراك الشعبي الذي رافق ذلك في فلسطين والعالم والضغط الدولي الدبلوماسي الذي مورس من قبل جهات الاختصاص الرسمي الفلسطيني ، بالتالي فإن حشد التأييد الدولي لمناصرة القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين جميعًا، في كافة أماكن وجودهم هو هدفنا النهائي الذي بالامكان تحقيقه بسهولة ويسر اذا تم استغلال الطاقات الكامنة لدى ما يقارب 6 مليون فلسطيني خارج فلسطين بشكل منظم ليصبحوا الاداة الضاغطة لفلسطين في الخارج .

لقد حققت المقاومة الشعبية الكثير من الإنجازات على صعيد مقاومة الاحتلال والتصدي لجدار الفصل العنصري في نعلين، وبلعين، وقرية النبي صالح، والمعصرة، وكفر قدوم، وغيرها من القرى والأماكن الفلسطينية ومن أساليب المقاومة الشعبية المقاطعة بكل اشكالها للاحتلال ، واقامة قرى باب الشمس وباب الكرامة فسطرت هذه الاشكال للمقاومة الكثير من الإبداعات، وفرضت نفسها على عناوين الصحافة العالمية، وعززت الرأي العام العالمي ضد شراسة الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخطورته على تحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية.

لقد سطر المقدسيون محطات نصر فارقة معتمدين فقط على صدورهم العرية في مقاومتهم الشعبية التي تجلت في انتصارهم في باب الاسباط بصمودهم 14 يوما في ظل كافة اشكال القمع الذي استخدمه الاحتلال ضد أبناء مدينة القدس، لمواجهة قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المسجد الأقصى المبارك في الرابع عشر من تموز 2017م وللمطالبة بإزالة البوابات الإلكترونية والممرات الحديدية والجسور والكاميرات الذكية وقد صمد المواطنون الفلسطينيون صمودًا أسطوريًا دون الالتفات للاختلافات الفصائلية والفكرية رغم لجوء جنود الاحتلال إلى كل الوسائل في محاولتهم فض اعتصام المواطنين ومرابطتهم في محيط المسجد الأقصى.

إن مدارس التحدي التي تم بناؤها بإصرار الأهالي والجهات الرسمية الفلسطينية (المحافظة ووزارة التربية والتعليم وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان) نجاح آخر لثبات الفلسطينيين في بيوتهم واماكن سكنهم .

منطلقين من أهمية المقاومة الشعبية واليات تطويرها لا بد لنا من الاستفادة من كافة طاقات الشعب الفلسطيني ولذلك لا بد من الاتجاه نحو الجاليات الفلسطينية إذ يعيش أكثر من نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنهم التاريخي فلسطين ، وهذا الواقع الخاص والفريد لم يأت للأسباب الطبيعية للهجرة وحدها، كتلك التي تدفع بعض الفئات من مختلف مناطق العالم للهجرة أملاً في تحسين أوضاعهم وقد تركزت هذه الهجرات في غالبيتها في دول الامريكيتين وتحديدا امريكا اللاتينية، بل جاءت هجرة شعبنا وشتاته نتيجة أوسع عملية تطهير عرقي شهدها التاريخ الحديث ألا وهي نكبة الشعب الفلسطيني الكبرى في العام 1948 الحدث الأصعب في تاريخ هذا الشعب وتاريخ هجراته ومعاناته التي لا زالت مستمرة حتى الآن، حيث أدت النكبة إلى تهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني، عن ديارهم ووطنهم، وهدم أكثر من 500 بلدة وقرية وتجمع سكاني، وبدأت مأساة الشتات الفلسطيني وتتالت النكبات والأزمات السياسية في فلسطين ومحيطها مما أدى إلى تتالي موجات الهجرة بعد كل أزمة جديدة، من نكسة العام 1967 ووقوع كل الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال، مروراً بأحداث الحرب الأهلية اللبنانية وحرب اجتياح لبنان عام 1982، وتدمير عدد من المخيمات الفلسطينية في لبنان من تل الزعتر وضبية إلى نهر البارد واحتلال الكويت وما نجم عنها من تهجير الفلسطينيين، والحروب المتتالية على قطاع غزة والحصار المفروض على أهلنا في القطاع وصولاً إلى الأزمة السورية الأخيرة وما نجم عنها من تدمير وتهجير للمخيمات وخاصة مخيم اليرموك وصولا الى الوضع الراهن في المخيمات الفلسطينية في لبنان .

وعلى الرغم من استمرار نتائج النكبة، إلا أن الشعب الفلسطيني نجح في استعادة هويته الوطنية والحفاظ عليها، وبناء مؤسساته الوطنية وفي مقدمتها منظمة التحرير الفلسطينية التي ترمز لوحدة الشعب الفلسطيني، وتعبر عن هويته الوطنية، وعن وحدة حقوقه الشرعية الثابتة في العودة وتقرير المصير وتجسيد قيام دولته المستقلة وكاملة السيادة بعاصمتها القدس.

لقد كان لجالياتنا الفلسطينية في بلدان الشتات والمهجر، وما زال لها دور أساس في مسيرة النضال الوطني بما في ذلك دورها المساند لصمود شعبنا وبناء مؤسساته الوطنية على أرضه، واستقطاب كل أشكال الدعم والمناصرة، والتأثير في دوائر صنع القرار في بلدان إقامة الجاليات.

إن كل هذا يدعونا الى النظر في أهمية الجاليات ودورها المستقبلي وكيفية تأطيره للاستفادة منه والبناء عليه اذ ان التنسيق والتعاون والتشبيك يراكم ويثري الزخم الناجم عن هذه المقاومة الشعبية لذلك لا بد من تحقيق تعزيز مساهمة الجاليات في العمل الوطني الفلسطيني بتشكيل لوبي فاعل ضاغط يشمل استقطاب الدعم والتأييد والمناصرة لحقوق شعبنا، والتأثير في دوائر صنع القرار،وتنظيم الفعاليات التضامنية المساندة، إن التمسك بحق العودة إلى الديار والوطن لكافة الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم دافع يجعلنا نعمل سويا لايصال هذه الرسالة لكل العالم في ظل كل الأزمات التي تدعو الى توطين المهاجرين نحن الوحيدون في العالم الذين نطالب بحقنا بالعودة الى وطننا الأم ، إن سعينا الدائم في حق العودة يحتم علينا تمتين وتوثيق العلاقة والروابط بين المغتربين والوطن الأم وتعزيز الانتماء إليه، والسعي لتطوير مضامين جديدة لهذه العلاقات وإغنائها بخدمات ثقافية وتعليمية واقتصادية وسياحية متنوعة مع التركيز على استقطاب الأجيال الشابة من الجاليات، وتشجيعها على الإنخراط في الحياة السياسية للقيام بدور فاعل لدعم القضية الفلسطينية. ، إن تنظيم الزيارات والمعسكرات الشبابية في الوطن لأبناء المغتربين تكون فرصة لهم ليكونوا سفراء فيما بعد لما يرونه على أرض الواقع في بلدان اقامتهم.

إن اضطلاع الجاليات بدور مهم ومحوري في برنامج النضال الوطني كمناهضة الابارتهايد، فضح الرواية الصهيونية وإبراز الرواية الفلسطينية،و فعاليات التضامن والمناصرة لفلسطين في كافة عواصم العالم بما في ذلك تطوير العلاقات مع القوى المناهضة للاحتلال والقوى المؤيدة لحقوق شعبنا الوطنية ،و المشاركة في مسيرة البناء والتنمية سواء من خلال الاستثمارات المباشرة، أو المساعدة في فتح اسواق للمنتج الوطني الفلسطيني، أو رفد المجتمع الفلسطيني بأخصائيين وخبراء لنستطيع دعم مقاطعة بضائع الاحتلال برفع جودة المنتج الوطني ، والترويج للسياحة في الوطن والتركيز على السياحة الدينية المسيحية والإسلامية كون هذا يجعل هذه الزيارات فرصة ليطلعوا على انتهاكات الاحتلال والممارسات القمعية التي يواجهها الفلسطينييون كلها تأتي في تعزيز صمود شعبنا الفلسطيني المرابط على أرض فلسطين.

كما أنه لا بد من التأكيد على أن توثيق العلاقات مع الجاليات العربية والصديقة وحشد طاقاتها لمساندة ودعم القضية الفلسطينية وذلك بنشاطات مركزية يتم ترتيبها لتعكس التفاف احرار العالم حول عدالة حقنا الفلسطيني ،فهناك تظاهرة قريبة بين الجاليات الفلسطينية في اوروبا ولجان التضامن في لاهاي بهدف تعجيل النظر في القضايا الموجهة لدى محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني في يوم 29 نوفمبر .

لا بد لنا ان نغلب المصلحة الوطنية وحقنا العادل بالتحرر والاستقلال وحقنا في العودة وعاصمتنا القدس وحرية أسرانا على أي شأن اخر ، إن وحدتنا هي طريقنا لدعم حقوقنا الفلسطينية وتحقيق النصر والاستقلال لدولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس .

Exit mobile version